آخر الأخبارأخبار محلية

إغتيال للشعب والوطن

كتب صلاح سلام في” اللواء”:لا ينتظر اللبنانيون يوم ١٤ شباط ليتذكّروا الرئيس الشهيد رفيق الحريري. فهو موجود في ذاكرتهم ووجدانهم، وله مكانة كبيرة في قلوبهم وعقولهم، ويفتقدون مبادراته ورؤيته في هذه الأيام الحالكة التي تُنغّص حياتهم.

لا ينسى اللبنانيون أن السنوات الذهبية في إعادة الإعمار وترسيخ الإستقرار وتحقيق الإزدهار، إقتصرت على فترات حكومات الرئيس الشهيد، الذي إستطاع أن يُعيد لبنان إلى الخريطة العالمية بسرعة قياسية، وأعاد العرب إلى لبنان بخطوات أخوية، وإستعاد الثقة بالوطن والدولة، بعدما خيّل لكثيرين أن وطن الصيغة والرسالة غرق في مستنقعات الحرب البغيضة، وأن الدولة سقطت بحراب الميليشيات.
كانت قراراته وخطواته وكأنها تُسابق الزمن، وتحاول أن تسبق يد الغدر والإجرام.

بقي رفيق الحريري حارس الصيغة اللبنانية وتوازناتها الوطنية حتى الرمق الأخير. وحرص دوماً على تثبيت وتعزيز قواعد الشراكة الكاملة بين المسلمين والمسيحيين، بغض النظر عن أرقام الديموغرافيا المتغيّرة سلباً في الواقع المسيحي، فرفع شعار «وقفناالعد»، لتأكيد تمسكه بمبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وكانت تركيبة المجلس البلدي في بيروت هي المثل والمثال في هذا النهج الوطني العريق.

يفتقد اللبنانيون اليوم ، وكل يوم في هذه السنوات العجاف، لرفيق الحريري، راعي النهضة العمرانية والإقتصادية التي تم إجهاضها قبل إستكمالها، لأنهم يفتقدون إلى رجال الدولة الذين يتصرفون على مستوى الأخطار التي تتهدَّد البلد، ويعملون وفق خطة رؤيوية، ويستطيعون حيازة ثقة الداخل والخارج، وتحقيق الإصلاحات المطلوبة، لإنقاذ الوطن مما يتخبط به من أزمات وإنهيارات، يكتفي أهل الحل والربط هذه الأيام بالتفرج عليها، دون تكليف أنفسهم عناء البحث عن الحلول المناسبة قبل فوات الأوان.

وإذا راقبنا تطورات الوضع في لبنان بعد إغتيال الرئيس الشهيد، يظهر بوضوح المسار الانحداري الذي هيمن على البلد، وسنوات عدم الإستقرار التي نهشت منجزات المرحلة الحريرية، وجمدت مخططات النمو والإعمار، وأعادت البلد إلى العصر الحجري، حيث لا كهرباء ولا مياه ولا إتصالات، بل ولا دولة قادرة على فرض سلطة القانون، فكان أن سقطت البلاد والعباد إلى جهنم وبئس هذا المصير.
١٤ شباط ٢٠٠٥ ليس يوم إغتيال رفيق الحريري..، هو إغتيال للشعب والوطن في ذلك اليوم الأسود.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى