آخر الأخبارأخبار محلية

التوظيف السياسي للكارثة.. حين يزايد باسيل على فرنجية!

لا صوت يعلو على صوت “الكارثة” في سوريا وتركيا، منذ الزلزال المدمّر الذي ضربهما يوم الإثنين الماضي، وحوّلهما إلى بلدين “منكوبين” بكلّ ما للكلمة من معنى، على وقع عمليات الإنقاذ المستمرة تحت الركام وبين الأنقاض، في مشهد “إنساني” مهيب وضع كلّ الملفات السياسية والاقتصادية جانبًا، ولو لبعض الوقت، ليغلّب صور “المأساة” المستمرّة، مع تسجيل “عدّاد القتلى” أرقامًا هائلة، قد تبدو “قياسية” في جانب منها.

 

ورغم عدم جواز المقارنة، في ظلّ الأرقام “الكارثية” للضحايا في كلّ من سوريا وتركيا، إلا أنّ لبنان القريب من البلدين الصديقين قلبًا وقالبًا، نال “نصيبه” هو الآخر من الرعب والقلق، بعدما عاش اللحظات العصيبة للزلزال، بهزّة أرضية هي الأقوى منذ عقود، أعادت إلى ذاكرة الكثيرين انفجار مرفأ بيروت غير البعيد زمنيًا، والذي حفر عميقًا في وجدان اللبنانيين، قبل أن “تنال” منه كمية الإشاعات التي لا تتوقف عن زلزال “مدمّر” لن يترك حجرًا ولا بشرًا.

 

وإذا كان “نافرًا”، بالنسبة لكثيرين، وسط هذه المأساة الضخمة، الخوض في استحقاقات الداخل ودهاليزه، فإنّ ما بدا أكثر “توظيف” ما حصل سياسيًا، وهو ما فعله مثلاً جمهور “التيار الوطني الحر” في معرض “الذمّ” بالخصم، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، والإيحاء بأنّه “لم يجرؤ” على ذكر اسم سوريا في تغريدة “المواساة” التي كتبها، بعكس الوزير السابق جبران باسيل، الذي كان “مباشرًا” في دعوته لمساندة سوريا في محنتها، رغم كلّ العقوبات.

 

عصفوران بحجر؟

لا يبدو مُبالَغًا به القول إنّ حملة جمهور “التيار الوطني الحر”، الدفاعية عن باسيل والهجومية على فرنجية، لم تكن لا عفوية ولا تلقائية، بحسب ما يرى المتابعون، الذين يعتقدون أنّها تحتمل أن تكون “منظّمة” لحدّ بعيد، والهدف منه ضرب أكثر من عصفور بحجر، في ضوء المعركة الرئاسية “المحتدمة” بين الرجلين، ولو لم تكن معلنة، خصوصًا أنّ فرنجية هو “المرشح المفضّل” لمعسكر “8 آذار” برأي باسيل، ولو لم يعلن ذلك بشكل صريح ومباشر.

 

من هنا، “تسلّل” جمهور “التيار الوطني الحر” من تغريدة تعزية ومساواة عادية، كُتِبت بعد وقت قليل من وقوع المأساة، وليس بعد ساعات طويلة، أي قبل أن تتضح الصورة أصلاً، وقبل أن يبدأ الحديث أصلاً عن المساعدات الدولية، لأنّه أراد أن يقول إنّ فرنجية بات “رماديًا” قبل أن يُنتخَب رئيسًا للجمهورية، وأنّ “حساباته واعتباراته” الرئاسية منعته حتى عن ذكر اسم سوريا في تغريدته، فكيف بالحريّ عن دعم نظامها، الداعم افتراضيًا له.

 

وتوازيًا مع الإشارة إلى “تجنّب” فرنجية ذكر سوريا، تفاديًا لـ”الإحراج”، وهو “الساعي” وفق “العونيين” للتنصّل من علاقته بسوريا لصالح قبوله مرشحًا “توافقيًا” للرئاسة، تعمّد “العونيون” الإشادة المفرطة بكلام رئيسهم باسيل، باعتبار أنّه “شجّع” على التضامن الدولي مع سوريا، وفق ما قالت أوساط “التيار”، علمًا أنّ باسيل دعا صراحةً إلى “فكّ الحصار عنها، وفتح الحدود أمام وصول المساعدات إليها من كل الدول، ولا سيما العربية منها“.

 

هل يجوز؟

لا ينكر العارفون وجود “رسائل مبطنة” خلف هجوم باسيل “الضمني”، من خلال جمهوره، على فرنجية، قد تكون موجّهة إلى السوريين، المعنيّين بكلام التعزية والمواساة، ولكن قبلهم إلى “حزب الله”، في ضوء العلاقة “الملتبسة” بين الجانبين في الآونة الأخيرة، والتي ترقى لمستوى “القطيعة”، وذلك بسبب فرنجية تحديدًا، مع إصرار الحزب على دعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية، طالما أنّه لم يعلن خلاف ذلك من تلقاء ذاته.

 

بمعنى آخر، يريد باسيل أن يقول لـ”حزب الله”، وفقًا للعارفين، إنّ من فضّلوه على كل المرشحين، وجعلوه “يضحّي” بعلاقته بـ”التيار” فقط كرمى لعيونه، لا “يستحقّ” كلّ هذه المساندة، بل إنّه لا “يطابق المواصفات” التي أعلنها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله للمرشح المقبول من جانب “حزب الله”، في غمز من قناة “رمادية” الرجل، الذي يطمئن الحزب إلى خياراته السياسية التاريخية، وإلى كونه “لن يطعن المقاومة في ظهرها“.

 

وفي وقت التزم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الصمت إزاء هجوم “التيار”، وهو الذي آثر منذ فترة عدم الرد على ما يعتبرها “استفزازات” يسعى باسيل لـ”جرّه” إليها، فإنّ علامات استفهام كثيرة تُطرَح: هل “يزايد” باسيل على فرنجية فعلاً، تحديدًا بالنسبة إلى العلاقة مع سوريا؟ وبمعزل عن كون هذه “المزايدة” لا تنسجم مع “تاريخ” فرنجية وسوريا، ألا يدرك باسيل بالحدّ الأدنى أنّ “استغلال” مأساة الزلزال لتسجيل النقاط بهذا الشكل، لا يجوز أخلاقيًا بالحدّ الأدنى!

 

برأي كثيرين، يحقّ لباسيل أن “يواجه” خصمه “الرئاسي” بكلّ الوسائل المُتاحة والممكنة، وهو حين وجد ما اعتبرها “ثغرة” في ردّة فعل رئيس تيار “المردة” على زلزال تركيا وسوريا، أراد “اقتناص” الفرصة، لدقّ “إسفين” بينه وبين أعتى مؤيّديه في السباق نحو بعبدا. لكنّ ما لم يلتفت إليه باسيل، ربما، أنّ ما هو “حقّ مشروع” في الأيام العادية، ليس كذلك في أيام “المصائب”، حين يفترض أن تنحّى كل الخلافات جانبًا، أقلّه حتى يستوعب الناس “الصدمة“!

 

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى