تكنولوجيا

خبيرة: قدرة البناء على مقاومة الزلازل تتطلب عناصر خاصة لتأمينه | علوم وتكنولوجيا | آخر الاكتشافات والدراسات من DW عربية | DW

فيما يتعلق   بالزلزال المأساوي الذي ضرب أجزاءً من سوريا وتركيا وخلّف حصيلة ضحايا ترتفع في كل ساعة (آخر رقم هو 17 ألف قتيل)، تؤكد أستاذة تكنولوجيا وفيزياء البناء في جامعة زيغن الألمانية، لمياء المساري- بيكر، في حوار مع DW عربية، على أهمية تحسين جودة المباني تحسباً لوقوع هزات أرضية، وفي هذا السياق تقدم الخبيرة مجموعة من النصائح لتشييد أبنية تقاوم إلى حد كبير الهزات الأرضية. 

البروفسورة لمياء المساري – بيكر، ألمانية من أصول مغربية، أستاذة تكنولوجيا البناء وفيزياء البناء في جامعة زيغن. كانت منذ عام 2016 وحتى 2020 عضوا في  المجلس الاستشاري للحكومة الألمانية المتخصص بشؤون البيئة. تؤكد في الحوار أن على كل الدول العربية التي توجد في مناطق معرضة لخطر الزلازل أن تتبنى سياسات كبرى لدعم الأسر الفقيرة في عمليات البناء، وأن تكون هناك معايير موحدة، مؤكدة أن هندسة البناء يمكنها ان تلعب دوراً رئيسياً في حماية الأرواح.

DW عربية: الزلزال في تركيا وسوريا كان مأساويا وخلّف حصيلة مؤلمة من الضحايا . في نظرك، هل الانتقادات الموجهة لجودة الأبنية في بعض المدن والبلدات المتضرّرة في محلها، وهل لعبت مستوى الجودة دوراً كبيرا في رفع أرقام القتلى، أم أن الهزة الأرضية كانت قوية بشكل كبير ومن الصعب لأيّ بناء أن يتحملها؟

لمياء المساري بيكر: الجودة، أو بشكل أكثر دقة، قدرة الأبنية والبنى التحتية على الصمود أمام الكوارث الطبيعية، تلعب دائما دوراً رئيسياً في حماية وإنقاذ الأرواح وكذلك التقليل من الخسائر المادية. حالياً، سوريا وتركيا تتعاملان مع هزة أرضية قوية وغير عميقة، نجم عنها تصريف طاقة كبيرة نحو الأعلى، ما كان له دور في وقوع دمارٍ كبير على امتداد منطقة جغرافية شاسعة.

لمياء المساري- بيكر: تصميم البناء والمواد المستخدمة يجب أن يكونا على قدر مواجهة المخاطر

DW عربية: انطلاقا من تجاربك، ما هي أكبر الأخطاء التي تحدث عند تشييد الأبنية وتجعل هذه الأخيرة معرضة لخطر السقوط في مواجهة حتى الهزات الأرضية المتوسطة؟

لا يمكنني تقييم الوضع بشكل دقيق حالياً في سوريا وتركيا. لكن بشكل عام، تصميم البناء والمواد المستخدمة يجب أن يكونا على قدر مواجهة المخاطر. كما أنه وبالعودة إلى حالة التربة والمخاطر الموجودة، يمكن لمهندسي البناء اختيار التصميم المناسب والمواد اللازمة.

بشكل عام ما نلاحظه أن الفوارق في الضرر بين الأبنية خلال الزلازل عامةً يعود عادة إلى طرق البناء والتصميم. هناك بنايات لا تتوفر على أسس مناسبة لمواجهة الهزات الأرضية أو أن بناءها شديد الصلابة، بينما البنايات الأكثر أماناً يجب أن تتوافر على مقدار من الليونة، أي أن تكون مستقرة، لكن كذلك قادرة على يتغير شكلها دون الوصول إلى حد أقصى من الحمولة.

DW عربية: بمعنى أن هندسة البناء يمكن أن تساعد في تقليل الخسائر في الأرواح غداة الهزات الأرضية؟

أولاً البنى التحتية الرئيسية ومن ذلك محطات الكهرباء والمياه والمستشفيات والطرق يجب أن تستمر في العمل تحت هذه الظروف. هذا أمر أساسي حتى يمكن توفير المساعدة والدعم وإنقاذ الأرواح.

ولكن كذلك فيما يخصّ البناء، فالأبنية الجديدة وحتى المشيّدة مسبقاً يجب أن تتوفر على معايير للصمود أمام الهزات. بشكل مبسط، البناء المقاوم للزلازل يتأسس على مبدأي: المرونة واللدونة (توضيح المحرر: المرونة تتيح عودة المادة إلى شكلها الطبيعي بعد ضغطها بينما اللدونة لا تتيح ذلك لتكون التغيّرات أو التشوهات دائمة).

DW عربية: كيف ذلك؟

بمعنى أن البنايات يجب أن تكون قوية لدرجة كافية، ولكن أن تكون لديها كذلك درجة من المرونة للتعامل مع تحرّك الأرض دون الوصول إلى الحمولة القصوى.

لنبدأ من الأساس الأرضي، فمن هنا يأتي ضغط الزلزال على المبنى. يجب علينا طرح أسئلة: هل نحن في مكان معرّض لخطر الزلازل؟ هل تشييد مبنى هنا فكرة جيدة؟ ما هي حالة التربة ومن ذلك الصخور والرمل والرواسب؟ هل هناك أسس مناسبة هنا لتشييد مبنى؟

هناك إمكانية لفصل البناء عن الباطن الأرضي. بهذه الطريقة، لا تنتقل الاهتزازات في الأساس الأرضي إلى المباني أو تنتقل بشكل طفيف جدا، ولكن  المباني عموماً تتحرك غداة   وقوع الهزات بشكل واضح، فير أن ذلك لا يتم بشكل غير محدود.

بعد هذه المرحلة، وبناءً على نوع البناية نختار هيكل الدعم، ومواد البناء. وفي حالات الأبنية الشاهقة، يمكن التخلّي عن الوزن الكبير لأجل تخميد تحرّكات المبنى خلال الهزات الأرضية، وهي تقنية مستخدمة في تايوان.

تفاصيل التوصيل في البناء مهمة للغاية، من المهم توصيل العوارض والأعمدة بحيث تدخل الموّصلات في حالة من تشوّه الشكل غداة الاهتزاز الشديد حتى وإن تضرّرت بشدة فإنها لا تسقط.

داخل المبنى، تساعد كثيراً المخططات التناظرية لبناء الطوابق، إذ إن أيّ عنصر داخل البناء يملك قدرة الاختراق يشكل خطراً خلال الهزات.

أما في البنايات المشيدة منذ مدة، فيمكن تقوية الجدران، وإعادة تثبيت الموّصلات، والاستعانة بتقنية التخميد التي تمتص صدمة الاهتزاز. كلها عوامل يمكن أن تساعد. وكل هذا يمكن أن يعطينا وقتاً ثميناً لإنقاذ حياة الناس وتقليل الخسائر المادية.

DW عربية: توجد عدة بلدان عربية في مناطق مهددة بخطر كبير لوقوع الزلازل. هل تعتقدين أن سكان بعض مدن هذه البلدان يمكن أن يواجهوا مصيراً مأساوياً في حال وقوع هزات أرضية إن لم يتم العمل على تحسين جودة الأبنية؟ خصوصاً في ظل وجود نسب فقر مرتفعة وتوجه عدد من السكان لبناء منازل لا تتوافر فيها شروط السلامة الضرورية ؟

أعلم أنه يجب تمكين الناس من المعلومات ومن التوعية اللازمة لمعرفة المخاطر. وعندما نعلم أن نسب الفقر مرتفعة، فالمسؤولية هنا لا يمكن إلقاؤها على عاتق الأفراد. يجب أن تكون المهام مشتركة. حكومات المناطق المتأثرة يجب أن تباشر وضع معايير للبناء المقاوم للهزات وأن تُطبق هذه المعايير بشكل روتيني. وبشكل خاص يمكن للاستراتيجيات الوطنية الموجهة لتدبير الكوارث الطبيعية ان تساهم في إنجاح هذه الخطط.

الصفائح الأرضية تتحرك. عندما يحدث هذا دون اصطدام وبشكل سلس، فإننا لا نشعر بأي شيء. لكن عندما تكون هناك مشاكل في الحركة، يتم تصريف الضغط إلى الأعلى. في المناطق التقليدية للزلازل، يعتبر ذلك أمراً اعتيادياً ويبقى وقوع الزلزال مسألة وقت فقط.

DW عربية: لكن هناك من يُحاجج أن البنايات المقاومة للزلازل تبقى مرتفعة التكاليف، وبالتالي فالشعوب الفقيرة لا تستطيع تحمل نفقات من هذا النوع؟

مثل هذه المبرّرات تؤلم حقاً. السؤال الذي يجب طرحه كيف يمكن تشييد هذه البنايات بشكل ذكي وكذلك بشكل رخيص؟ وكيف يمكن لنا أن نتعامل مع البناء التقليدي؟

نعم أتفق، جعل البنايات الموجودة سلفاً بنايات مقاومة للزلازل هو أمر أكثر صعوبة من تشيدد بناء جديد. ولكن ذلك ليس مستحيلاً، ولذلك على المهندسين أن يطوّروا حلولاً مبسطة موجهة للجميع. ليس عليهم أن يكونوا على أتم الإتقان، ولكن يمكنهم تقليل المعاناة والخسائر.

ولهذا السبب، على المسؤولين السياسيين والمستثمرين الكبار في البناء، وضع برامج دعم للتحديث وللتأمين، فإذا كانت التكاليف الاقتصادية مرتفعة للغاية، فلا بد من إيجاد بدائل، أما الصمت وعدم التحرك والاكتفاء بالأمل فهي ليست إجابات شافية.

حاورها: إسماعيل عزام

document.addEventListener(“DOMContentLoaded”, function (event) {
if (DWDE.dsgvo.isStoringCookiesOkay()) {
facebookTracking();
}
});
function facebookTracking() {
!function (f, b, e, v, n, t, s) {
if (f.fbq) return;
n = f.fbq = function () {
n.callMethod ?
n.callMethod.apply(n, arguments) : n.queue.push(arguments)
};
if (!f._fbq) f._fbq = n;
n.push = n;
n.loaded = !0;
n.version = ‘2.0’;
n.queue = [];
t = b.createElement(e);
t.async = !0;
t.src = v;
s = b.getElementsByTagName(e)[0];
s.parentNode.insertBefore(t, s)
}(window, document, ‘script’,
‘https://connect.facebook.net/en_US/fbevents.js’);
fbq(‘init’, ‘157204581336210’);
fbq(‘track’, ‘ViewContent’);
}


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى