المكاري: لبنان لم يخرج يوما من رحاب العرب
افتتح الملتقى الذي حمل عنوان “صناعة الإعلام في ظل المتغيرات” وزير الاتصال الحكومي في الأردن فيصل الشبول ممثلا الخصاونة، وحضره إلى جانب الوزير المكاري، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير أحمد رشيد خطابي، والمستشار الإعلامي لملك البحرين نبيل الحمر، ووزير الإعلام الأسبق في الكويت سامي النصف، ووزير الإعلام الأسبق في الأردن سميح المعايطة، وأمين عام هيئة الملتقى الإعلامي العربي ماضي الخميس، والمدير العام للمعهد العربي للتخطيط الدكتور بدر مال الله، ونخب إعلامية أردنية وعربية.
المكاري في الافتتاح
وألقى المكاري كلمة في افتتاح الملتقى، شكر فيها للمنظمين دعوتهم، ودعا وزراء الإعلام العرب للمشاركة في الفعاليات التي تنظمها بيروت في 23 و24 الحالي. وقال: “يطيب لي أن أكون هنا، في الأردن الشقيقة، والمشاركة في الملتقى الثامن لقادة الإعلام العربي، المنعقد برعاية دولة رئيس وزراء الأردن، وبالشراكة مع جامعة الدول العربية، التي نحتفل تحت رايتها بـ “بيروت عاصمة الإعلام العربي”، في ختام هذا الشهر”.
أضاف: “سأستغل فرصة وجودي هنا، لتوجيه الشكر والتقدير، لسعادة السفير الصديق أحمد رشيد خطابي على الجهود المضنية التي بذلها لإنجاح فعاليات بيروت، والشكر موصول لأمين عام الملتقى الإعلامي العربي الأستاذ الصديق ماضي الخميس، الذي لم يوفر جهدا إلا وبذله. وسأستغل وجودي هنا، لتوجيه الدعوة عن قرب لأصحاب المعالي والسعادة، لمشاركتنا فرحة الاحتفال ببيروت عاصمة الإعلام العربي للعام 2023”.
وتابع: “لم يخرج لبنان يوما من رحاب العرب، لأن الشجرة لا تعيش من دون جذورها. لنا جذر راسخ في كل وطن من أوطاننا العربية، ولنا منزل وسيع في كل عاصمة من عواصمنا العربية، و”لك يا منازل في القلوب منازل”.
وقال: “بيروت عاصمة الإعلام العربي، هي سبيلنا لتبريد المحركات، وبتشريف الأشقاء العرب لنا في 23 و24 شباط / فبراير الحالي. سنقول معا للعالم إن بيروت لا تموت، وإن ماتت فتموت واقفة كالأشجار، وإن ماتت فتنبعث من جديد. بيروت التي دخلت التاريخ بختم الكلمة ومشقة الموقف، هي حبر لا يجف وصوت لا يسكت، وهي بانتظار أشقائها “حتى الصوت يودي”.
وختم المكاري: “سبق لي أن حملت سعادة السفراء العرب المعتمدين لدى بيروت رسالة محبة إلى بلدانهم، وقلت أمامهم وأكرر إننا ارتضينا هذا التحدي، على الرغم من ظروفنا السياسية والمالية الصعبة، مراهنين على شاباتنا وشباننا الذين يشكلون بطاقاتهم الفكرية رافعة استثنائية، ومن خلالهم سنثبت للعالم أن بيروت حية لأن شعبها حي”.
الجلسة الأولى
وكانت كلمة ثانية للمكاري في الجلسة الأولى من الملتقى والتي حملت عنوان “تنظيم الإعلام في ظل المتغيرات”، تطرق فيها إلى واقع ومستقبل الإعلام اللبناني في ظل هذا العالم المتحرك، وتحدث عن مدى تأثير الإعلام بشكل عام على الرأي العام وتوجيهه.
وقال: “الإعلامُ والمتغيراتُ صُنوان. ما إن نتحدثْ عن الإعلامِ حتى تتراءى لنا مرآةٌ عاكسةٌ للواقع، فكيفَ إذا كان واقعُنا أصلاً حافلا بالمتغيراتِ ونابِضاً بالتحوّلات لحظويّا؟ نحنُ اليومَ أمامَ مشهديةٍ صاخبةٍ رقميّا وتكنولوجياً يواكبُها الإعلامُ أيَّما مواكَبةٍ بأدواتِ نراها تستعينُ بالعنصرِ البشريِّ حيناً وبالذكاء الاصطناعيّ أحياناً، لكنّها أوّلاً وأخيراً معقودةُ اللواءِ للحِسِّ الصِّحافي وللدُّربَةِ المهْنيّة. صحيحٌ أنّ التطوّرَ التِقْنيَّ الهائلَ والمُتعاظِمَ يتصدّرُ كل المِهَن، إلّا أنّ لصداهُ في الإعلام وقعاً مختلفا ونكهةً مُغايرةً وبُعداً مُزدَوِجاً. فالإعلام صورةٌ للمُتغّيراتِ وناقلٌ لها في آنٍ واحد، من هُنا يَجِدُ نفسَهُ أمام تَحَدّيين: التَكيُّفُ مع المتغيّراتِ المُتسارعة والحفاظُ على المضمون الرّصينِ والعميق، وهذا ما نسعى إليه في الإعلام اللبناني، الذي يُنافس نفسَهُ يوميا في المُواءمةِ بين مَبنىً حديثٍ وعصريّ فاتنٍ ومعنىً أصيلٍ مُستَمَدٍّ من رصيدٍ تركهُ لنا أفذاذُ قلمٍ وذَوو فكرٍ”.
أضاف: “هذا الإعلامُ المُتوثّبُ لمُواكَبةِ كلِّ جديدٍ يبدو اليومَ مُنهمِكاً في نسجِ رداءٍ خيوطُهُ من ماضٍ لا يَمضي، لما يختزنُه من بريقٍ ونجاحاتٍ سطّرها نبوغٌ إعلاميّ وفكريّ مدى أكثرَ من مئة عام. إنّهُ ألَقِ ذّهنيٌّ وبُنيانٌ ثقافيٌّ وإرثٌ حضاريّ تَحتفي بهِ بيروت عاصمةً للإعلام العربي طوالَ هذه السنة، ويتوهّجُ في الثالثِ والعِشرينَ والرابعِ والعشرينَ من شُباط 2023 في عاصمتِنا الحبيبة. إنّني من موقعي وزيراً للإعلامِ في لبنان، أدعو الإعلامَ العربيَّ في كل الدولِ الشقيقةِ والصديقةِ الى موافاتِنا في بيروت للاحتفاءِ بمدينةٍ لا تموتُ، لأنَّ لسانَها إعلامُها، وسيفَها قلمُها، كلّما كبَتْ هي كتَبَ هوَ، وكلُّما سكَتَت هي تكلَّمَ هو. وإذا كانت أسطورةُ طائرِ الفينيق المُنبعثِ دوماً من رماده توأمَ لبنان، فإنّ الإعلامَ عندنا هو أيضاً طائرُ الفينيق، لإنهُ كلَّما شاخت جريدةٌ شبّت جريدة، وكلّما تعِبت مطبوعة قام موقعٌ، وكلّما أُنهِكتْ مجلّةٌ نهضت مِنصّة. هوذا إعلامُنا الرافضُ كلَّ توقُّفٍ والتائقُ الى كل غدٍ مشرقٍ، يسيرُ كالبرقِ وَميضاً بين صحيفةٍ تقليدية وموقعٍ إلكترونيّ متطوّر وتطبيقٍ ذكيّ لمّاحٍ ومنصّةٍ إعلاميةٍ مُبتكَرة ومُبتكِرة”.
وتابع: “نعم أيها السادة، نحنُ في زمنٍ صارت فيه الإذاعةُ تلفزيوناً والكلمةُ صورةً والافتراضُ واقعاً والخَيالُ في قبضةِ اليد. وهل نسأل بَعد عن الإعلامِ في زمنِ المُتغيّرات، وهو صانِعُها ومصنعُها؟ لا تُسعِفُ الكلماتُ في الإحاطة بواقعِ إعلامِنا ومستقبلِه وسْطَ بحرِ المتحوّلات، لكنّنا نكتفي في هذا المقامِ بالإضاءةِ على التحدّي الأبرزِ الماثلِ أمامَنا، ولا أخالُه خافياً على أحد، ألا وهو السيرُ بالتوازي بين الشكلِ والمضمون، فلا يتقدمُ أحدُهما على الآخر، وبذلك نقدّمُ أبهى صورة للإعلام العصريّ والذكيّ معاً، فيأخذُ من التقليديةِ عمقَها ورصانتَها، ومن الحداثةِ ذكاءها وسرعتَها”.
وختم المكاري: “أسمى آياتِ الشكرِ نرفعُها الى ملتقى قادةِ الإعلام، تنظيماً وإدارةً وإشرافاً، وأطيبُ تحيةٍ الى عمان الحبيبة الحاضنةِ هذا الحدث، وإلى المُلتقى قريباً في بيروت عاصمةِ الإعلام العربي”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook