تفاصيل ليلة سقوط تجار الدولار.. المتورّطون بالأسماء وهكذا اشتعل السوق
خلال ساعات السبت، انقلبَ مشهدُ السوق رأساً على عقب، فسادت البلبلة.. “المضاربجيّة” الكبار اختفوا، مجموعات “واتساب” الخاصة بالصرافين أُغلقت بشكلٍ مفاجئ وبات الكثير فيها غير قادرين على التّداول. كذلك، تبيّن أنّ بعض المضاربين الكبار دخلوا في إشكالاتٍ كبرى في ما بينهم، في حين أنّ صرافين هددوا بفضحِ بعضهم البعض.
بشكلٍ أو بآخر، فإنّ ما جرى كان بمثابة “السبت الأسود” بالنسبة لـ”صرافي الدولار”، فالتوقيفات التي طالت “كبيرهم” المدعو “علي النمر” لم يكن وقعها سهلاً عليهم. فالنمر، تحوّل فجأة إلى موقوفٍ لدى شعبة المعلومات، في حين غاب كثيرون مثله عن الأنظار. وتزامناً مع ذلك، كانت العيون الأمنية ترصد الصرافين في مختلف المناطق، فتلاحقهم وتوقفهم في مطارداتٍ تؤكّد أن هناك شيئاً ما يُحضّر في سوق الدولار الذي بات الآن خارجاً عن سيطرة اللاعبين الكبار فيه، باستثناء الجهة الرسمية المتمثلة بمصرف لبنان والشركات الكبرى التي ما زالت تنشط في السوق عبر وكلاء لها.
تقول معلومات “لبنان24” من مصادر ناشطة في سوق الدولار إنّ ما حصل لم يكن متوقعاً بهذا الحجم، فالأمور حصلت فجأة لكنّ مقدماتها بدأت منذ ليل الجمعة وامتدت حتى ساعات السبت، وتضيف: “الآن، أصبح كبار الصرافين قيد الملاحقة، فيما غابت السطوة الفعلية للمضاربين المحوريين، والمشكلة الآن ليست هنا بل تتحدد في ما إذا كانت هناك جهاتٌ أخرى ستظهر إلى الواجهة وتمارس المضاربات كما يحلو لها”.
ووفقاً لمصادر “لبنان24”، فإنّ الصراع الأكبر بين كبار الصرافين انحصر بين 3 أطراف أساسية وهي “ع.ح.” من جهة و “م.ب.” و “ع.ن.” من جهةٍ أخرى. وبحسب المعطيات، فإن التهديدات بدأت بين “المضاربجية” الثلاثة، فتنامى الصراع في ما بينهم، حتى وصل الأمر إلى “فضح” الكثير مما كانوا يفعلونه في السوق. حقاً، الأمرُ شكل فضيحةً كُبرى بكل المقاييس، وما يجري الآن هو غيض من فيض، إذ تقول المعلومات أن عمليات التوقيف ستتصاعد وقد تشملُ أسماء أخرى فُضِحَ أمرها مثل “ح.م.” و “ع.ح.”. وحالياً، فقد تبين أيضاً أن هناك صرافين كبار سقطوا في الجنوب من بينهم “ح.خ.” الملقب بـ”حسيسون” ومساعده م.ب في الصرفند، في حين أن البحث مستمر عن “م.ح.” و “م.ش.”.
أحداث أمنية و”تصفيات”؟
وسط كل ما يجري، فإنّ المشهديّة التي سيطرت على سوق الدولار لم تأتِ من فراغ، فالتوقيفات حصلت بناء لـ”قبّة باط” سياسية أولاً، وتقول المصادر أن “العديد من المرجعيات كانت حاسمة في قرارها مراراً وتكراراً في عدم تغطية أي جهةٍ تتلاعب بسعر الدولار”. وإزاء ذلك، حصلت جملة التوقيفات، لكنّ الأمر الأهم لا ينحصرُ هنا بل يرتبطُ بما قد يجري لاحقاً بين الصرافين. وهنا، تتخوّف مصادر ناشطة في القطاع المالي من حدوث “تصفيات” لصرافين كبار، وذلك من أجلِ إخفاء “أسرارٍ” كثيرة يمكن أن تؤدي إلى توريط أسماءٍ كبيرة في عمليات المضاربة. إضافة إلى ذلك، فإنّ هناك مخاوف من حصول “ردّة فعلٍ” على الصعيد الأمني من قبل المضاربين والتجار الكبار، باعتبار أن بعضهم لديهم عناصر مسلحة قد تساهم في توتير الوضع والأجواء لاسيما في المناطق الحساسة والتي تعتبرُ مرتعاً لكبار المضاربين مثل الشياح وأطراف عين الرمانة، صيدا، صور وطرابلس والبقاع.
أين مصرف لبنان من كل ذلك؟
بالنسبة للمصادر المالية، فإن ما يجري قد يكونُ مقدّمة لقراراتٍ جدية وفعلية قد يصدرها مصرف لبنان تباعاً، فيما تقول مصادر إقتصاديّة أخرى أنّ المشهدية الحالية لن تكون مؤثرة ما لم تترافق مع تشدّد واضحٍ في لجم المضاربين وملاحقتهم وتطويقهم بفعالية تامة.
وتضيف: “في الواقع، فقد شهدنا قبل نحو عامين الحالة نفسها، فبات الدولار يُباع بالسّر لفترة لتعود الأمور وتتوسّع مجدداً في العلن.. فما الذي حصل؟ لا شيء.. إذاً، العبرة بالنتيجة الملموسة التي تضمن منع المضاربين القدامى من التحرك ولجم أي مضاربين جُدد”.
وحالياً، فإنّ المعلومات تشيرُ إلى أنَّ وسائل مصرف لبنان لضبط إيقاع سعر الدولار عبر أي تعاميم جديدة قد تصدر، ستكونُ مرتبطة منذ الآن وصاعداً بالجانب الأمنيّ الذي سيطغى على الجانب الاقتصادي، وذلك لتطويق المُضاربات. هنا، قد ينفع هذا الأمر إن تمّ استكماله بشكل دائم، وبالتالي قد يساهم في “تنفيس” سعر الدولار إلى حدود معينة لن تكون أدنى من دولار منصة “صيرفة” الذي يبلغ حتى الآن 42 ألف ليرة لبنانية.
وما يجب التنبه له بشكلٍ أساسيّ هو أنّ حجم المضاربات ازداد بشكل كبير خلال شهر كانون الثاني الماضي الذي شكّل عنواناً لاستحقاقات كبيرة. فمن جهة، كانت الفترة الأخيرة عنواناً لاستغلال مؤسسات كبرى لدولارات “صيرفة” التي ضخها مصرف لبنان، وقد كان الشهر الماضي أيضاً مقدمة للوصول إلى مرحلة دولار الـ15 ألف ليرة لبنانية، ولهذا كانت المسارعة حثيثة من جهات عديدة لحماية نفسها بالسيولة الدولاريّة قبل دخول مرحلة سعر الصرف الرسمي الجديد.
إذاً، ما يُمكن قوله هو أنّ الصورة حتى الآن ما زالت ضبابيّة، ويبقى الإنتظار: هل ستكون هناك قرارات فاعلة لاحقاً بعد عملية ضرب “المضاربجية”؟ الأمرُ هذا لا يمكن حسمه، وأقل ما يقال هو أن التعامل مع سوق الدولار سيكون حُكماً وفق قاعدة سائدة وهي: “كل يوم بيومه”. أما في ما خصّ التعاميم المرتقبة من مصرف لبنان، فقد تكون مفاجئة في أي لحظة ومن الممكن أن يطولُ ظهورها..
مصدر الخبر
للمزيد Facebook