آخر الأخبارأخبار محلية

الجلسات الحكومية تستمدّ شرعيتها من حاجة الناس إلى من يهتم بمشاكلهم

لم يعد أمام المسؤولين اللبنانيين، على مختلف مستوياتهم، خيارات كثيرة لإنقاذ أنفسهم بأنفسهم. وقد يكون المثل اللبناني “ما حكّ جلدك مثل ظفرك” أفضل الممكن في الوقت الراهن. وعلى رغم أن ثمة كلامًا من أن “لقاء باريس” قد يخرج بورقة عربية دولية تدعو لبنان الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وإنجاز الإصلاحات، وستجدّد دعمها للبنان وللمؤسسات الأمنية والعسكرية لا سيما الجيش ودعم صمود المجتمع اللبناني عبر مساعدات إنسانية، فإنه سيبقى محصورًا ضمن الأطر الأخلاقية، التي تربط هذه الدول بلبنان تاريخيًا، وبالأخص فرنسا. 

ولولا الجهود الديبلوماسية الفرنسية لما كان هذا اللقاء قد عُقد. ويقول البعض إن هذا اللقاء، وعلى رغم عدم التفاؤل كثيرًا بما يمكن أن يصدر عنه من محفزّات، يبقى أفضل من العدم، ويمكن بالتالي أن يؤسَّس عليه لمرحلة أكثر نضوجًا، على الأقّل بالنسبة إلى دفع اللبنانيين للضغط على نوابهم للقيام بما يجب عليهم أن يقوموا به من خطوات عملية من شأنها تقصير عمر الفراغ الرئاسي. 

وفي الانتظار فإن عين الداخل تبقى شاخصة على ما تقوم به الحكومة، التي يصفها البعض، كيديًا، بـ “البتراء”، من “إجراءات الضرورة” في المجالات المتعلقة بحياة الناس. وعلى رغم تواضعها فإن هذه الاجراءات تبقى أفضل بكثير من تنظيرات البعض المتلهّي بالتفتيش عن “جنس الملائكة”، مع ما يمكن أن ينتج عن هذه التنظيرات “الحنفشارية” من تداعيات خطيرة على مجمل الوضع العام، الذي لم يكن ليصل إلى هذا الدرك لو لم يضع هذا البعض، الذي أصبح معروفًا ومكشوفًا أمام القاصي والداني، مصلحته الشخصية فوق مصالح جميع اللبنانيين، بمن فيهم مصلحة المنتمين إلى تياره السياسي. 

ومع أن الأزمة الرئاسية موضوعة حاليًا في ثلاجة الاهتمام الدولي فإن الجلسات الحكومية الشبيهة بالجلسات الثلاث الماضية ستستمرّ ما دامت الحاجة إلى ما يصدر عنها من قرارات ومراسيم ملحّة وضرورية. وحاجة اللبنانيين إلى من يتطلع إلى همومهم أكثر من كثيرة، وهي تحتاج إلى من يمدّ يده ويحاول التخفيف من هولها. فإذا بدأنا بتعداد هذه الحاجات اليومية قد لا نصل إلى النهايات، وذلك لكثرتها ولما تراكم منها منذ اليوم الأول، الذي قرّر فيه بعض المسؤولين ألا يكونوا مسؤولين، مع ما تقتضيه هذه المسؤولية من موجبات أخلاقية قبل أي موجب آخر. ومتى فقدت الأخلاق قيمتها الأساسية تصبح المحاذير كثيرة، وبذلك تُستباح المحرمات، ولا يعود للإنسان أي قيمة. ومع فقدان هذه الأخلاق في طريقة التعاطي الاجتماعي والجماعي يستسهل البعض توسّل الأساليب القائمة على فرضية “الغاية تبرّر الوسيلة”. ومن هنا بدأ الانهيار، الذي وصل إليه لبنان، وهو مستمرّ ومتواصل بأنواع وأساليب متنوعة ومتعدّدة، سواء بتعطيل عمل المؤسسات، أو باللجوء إلى تخوين الآخرين، أو حتى تجهيل الفاعل عن طريق التعميم. 

فهذا التعميم الذي يعتمده بعض من يفترض بهم أن يكون كلامهم غير رمادي هو ذر للرماد في العيون، ومحاولة غير ذكية لتغطية السماوات بالقبوات. فجلسات مجلس الوزراء مستمرة وقائمة، وهي تستمد شرعيتها من حاجة الناس إليها، شاء من شاء وأبى من أبى.     


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى