آخر الأخبارأخبار محلية

لماذا يخشى باسيل قائد الجيش؟

حينَما أطلَّ رئيس “التيّار الوطني الحر” جبران باسيل يوم الأحد الماضي مُطلقاً خطابه الهجوميّ ضدّ قائد الجيش العماد جوزاف عون، لم يُدرِك أنَّ ما سيقولهُ قد ينقلبُ ضدّه سياسياً وشعبياً وحتى “تيّارياً”. حتماً، أراد باسيل من خطاب الأحد أن يكسِر آخر حبل مودّةٍ بينه وبين قائد الجيش حينما اتّهمه بمخالفة القانون، ناسفاً بذلك كلّ الطّرق التي تجعله عُنصراً جامعاً للمسيحيين أولاً وضامناً لـ”المؤسسة العسكريّة” ثانياً التي ما زالت من أكثر الجهات نزاهة وصموداً في ظلّ الأزمة القائمة.


“إنقضاضُ” باسيل على قائد الجيش ليس عادياً، وما يظهر هو أنّ رئيس “التيّار” اتخذ القرار بنسفِ كلّ من يُنافسه على كرسيّ الرئاسة بشكلٍ علني. فقبل عون، كان رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجيّة تحت مرمى نيران باسيل، واليوم بات عون كذلك. وضمنياً، قد يكونُ الهجوم المباشر ضدّ عون سببه ورود إشارات جِدّية من مختلف الأطراف عن إمكانية تقدّم قائد الجيش رئاسياً، لاسيما على المحور الداخلي وتحديداً على ضفة “الجبهة السياديّة” التي يمثل رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط عنصرها المحوريّ. حتماً، هذا ما يُزعج باسيل أكثر، إذ أنه لا نقاش في اسمِه ولا إمكانية لتقدّمه على الآخرين، وما “البروباغندا السياسية” التي يخوضها سوى لتثبيت أمر واحد يتمثل بالتالي: “أنا هنا وسيّد القرار وأحدد ما أريد.. أنا الشريك في الرئاسة ولست على الهامش”.


ينقلُ مقرّبون من باسيل كلاماً واضحاً عمّا يطمح إليه الأخير، مشيرين إلى أنّ الأمر لا ينحصرُ برئاسة الجمهورية فقط، بل بضمان الوجود السياسي المُكرّس على قاعدة الشراكة الوطنية. مع ذلك، فإنّ إنحراف باسيل التّام عن “حزب الله” يُشير إلى أنّه قرر خوض المعركة ضدّ من يطرحه الأخير الذي بات “أقرب الأقربين” إلى طرح قائد الجيش كرئيس للجمهورية في حال لم ترسُ التّسوية الرئاسية على فرنجيّة.


مع كل ذلك، فإنّ باسيل وبهجومه على قائد الجيش يكون قد استهدفَ مؤسسة هي من أكثر الضامنين للأمن في لبنان.. إضافة إلى ذلك، فإنّ سعي رئيس “التيار” للتصويب على الجيش من بوابة الفساد، قد يؤدّي إلى تضرر صورة المؤسسة العسكرية لدى الجهات المانحة، وبالتالي إلى انعكاسات سلبية على أوضاع العسكريين وذلك في حال قرّر باسيل حقاً “الحرتقة” على عون في الخارج، وهذا الأمر يحصل فعلاً.


سياسياً، فإنّ ما يخشاه باسيل من جوزاف عون كبيرٌ جداً ويتعدّى الرئاسة، أقله في المرحلة المقبلة. فمن جهة، قد يكون قائد الجيش من أكثر الأطراف تهديداً لوجود باسيل السياسي في حال وصل إلى سُدّة الرئاسة، ومن الممكن أن يُشكل “حالة عونيّة” جديدة فريدة عن الحالة العونيّة السابقة التي تأسست مع رئيس الجمهوريّة السابق ميشال عون حينما كان قائداً للجيش. أما من جهةٍ أخرى، فإنّ باسيل لا يرضى أن يصلَ شخصٌ “مستقل” سياسياً إلى سُدّة الرئاسة، لأنّ ذلك يعني عدم وفاقٍ واتفاق معه.

 

أما الأمر الأساس والأهم فهو أنّ قائد الجيش يحظى بشعبية واسعة يدركها ويخشاها باسيل وتحديداً في الأوساط المسيحية. فالأخير، وخلال الأزمة الراهنة، استطاعَ أن يضمن كافة العسكريين ويُحصّنهم بالحد الأدنى خدماتياً ومالياً وصحياً، وتمكّن أن يجذب عائلات العسكريين إليه في مختلف المناطق. حقاً، الشعبية التي يمكن الحديث عنها بشأن قائد الجيش فعليّة، وقد تكونُ مفتاحاً جدياً للأخير نحو الرئاسة، علماً أن باسيل كان يرفع دائماً شعاراً يرتبط بضرورة أن يحظى رئيس الجمهورية بثقلٍ شعبي.. والسؤال هنا الذي يُطرح: ألا يتمتع عون بذلك؟


فعلياً، فإنّ آخر الإشارات التي أظهرت نقمة شعبيّة على باسيل بسبب هجومه على قائد الجيش، تجلّت في بلدة العيشيّة – جزين، فهي مسقط رأس الأخير وعرينٌ لـ”التيار” في قلب الجنوب. فهناك، تقدّم مواطنون خلال الساعات القليلة الماضية، باستقالاتهم من “الوطني الحر” بعدما رأوا أنّ عون قد مُنيَ باتهاماتٍ من قبلِ باسيل وذلك بسبب “موقع سياسي”. حتماً، ما جرى في جزين يستحقّ الوقوف عنده ويستدعي التفكّر قليلاً بما قد ينجمُ عنه لاحقاً، والسؤال: كيف سيردّ قائد الجيش على باسيل؟


عملياً، فإنّ جوزاف عون قد لا يردّ على رئيس “الوطني الحر” بشكلٍ مباشر، لكنّه قد يبادر لمواجهته في الملف الذي استهدفهُ من خلاله. ففي السابق، حينما اتهم باسيل قائد الجيش بالتراخي مع المنتفضين إبان ثورة 17 تشرين، ردّ الأخير خلال لقاء مع العسكريين مؤكداً أن “الجيش  أثبت خلال أحداث 17 تشرين أنه أنقذ لبنان وحماه”. أما هذه المرة، فإن عون قد يردّ بخطوات عملية ملموسة تواجه باسيل وتدحضُ ما يقوله، لكن الأساس هنا هو أنّ عون لن ينجرف إلى “خطابٍ إعلامي” مباشر مع رئيس “التيار” لأن ذلك لم يحصل سابقاً ولن يحصل حالياً.

 

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى