آخر الأخبارأخبار دولية

انقطاع الغاز والكهرباء يزيد من تأجيج الأوضاع

نشرت في: 27/01/2023 – 17:16

منذ عدة أسابيع، تضرب موجة برد قارس إيران وأدت إلى انقطاع شبكة الغاز، والتي أدت بدورها إلى عدة انقطاعات في الكهرباء. ووجد بعض السكان أنفسهم يعيشون في برد جليدي في بيوتهم فيما تم إغلاق المدارس والمؤسسات العامة. وأدى هذا الوضع إلى احتجاجات جديدة في الوقت الذي مازالت البلاد ترزح تحت وقع احتجاجات واسعة ضد النظام منذ أربعة أشهر.

تملك إيران أحد أكبر احتياطات الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا. ورغم ذلك، لم تتمكن من توفير ما يكفي من الطاقة لمواطنيها للاستهلاك الداخلي. وكان النظام الإيراني قد اعتقد من أن أوروبا ستعاني من “شتاء صعب” وأنه سيستفيد من ذلك، وهو الأمر الذي راج بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وخلال الأشهر الماضية، كان النظام الإيراني يحلم بألا يكون أمام الحكومات الأوروبية من سبيل سوى التفاوض معه لتعويض نقص الغاز الروسي بنظيره الإيراني، ومعتقدا أنه الطرف الأقوى في المفاوضات. لكن الواقع اليوم غير ذلك، إذ أن إيران هي من تشهد موجة برد شديدة هذا الشتاء، وأن الإيرانيين هم من يرتجفون بردا.

مع بداية موجة البرد، في كانون الثاني/ يناير 2023، اضطرت السلطات في البداية إلى إغلاق المدارس وعدد كبير من المؤسسات العامة بسبب عدم توفر الغاز للتدفئة. وكان حواد أوجي وزير البترول الإيراني قد صرح في 15 كانون الثاني/ يناير الجاري: “إغلاق المدارس والجامعات والمكاتب الحكومية في طهران ساعدنا كثير، لقد قمنا باقتصاد 2,5 مليون متر مكعب من الغاز في اليوم”.

ولكن مدنا بأكملها مازالت دون غاز وبالتالي دون تدفئة، فيما نزلت درجة الحرارة في الشوارع في بعض الأحيان إلى ما دون 20 أو حتى 30 درجة تحت الصفر. وبقيت مدن مثل أمول وسابزيفار ونيشابور وغورغان وأخرى أيضا دون غاز.

لم يؤد نفاذ الغاز إلى غضب على وسائل التواصل الاجتماعي فقط، بل إلى موجة جديدة من الاحتجاجات في عدة مدن في إيران. ومن بينها مدينة تربة إي جام في شرق البلاد.


إيرانيون غاضبون يحتجون على عطل في شبكة الغاز في مدينة تربة إي جام في 15 كانون الثاني/ يناير 2023.

 

“قطاع الغاز في إيران قديم وغير متطور”

رضا غيبي هو صحافي إيراني متخصص في الاقتصاد ويعيش في تركيا. يفسر لمراقبون أسباب نفاد الغاز في إيران:

إيران هي بلد يواصل حرق الغاز الطبيعي لاستغلال آبار النفط، وهو غير قادر على استخراج النفط بسبب ضعف تكنولوجياته وآلاته القديمة. تضيع إيران كل عام أكثر من 5 مليار دولار [فريق التحرير: 4.5 مليار يورو] من الغاز لكي تتمكن من استغلال آبار النفط وهو ما يجعلها ثالث بلد في العالم من الأكبر استخداما لهذا الأسلوب حسب أرقام البنك العالمي.

منذ عشرات السنين، لم تستثمر الجمهورية الإسلامية بالقدر الكافي في الصناعة النفطية والغازية، سواء كان ذلك لتطويرها أو لدعمها.

ولتحسين الأوضاع، تحتاج إيران إلى مزيد من المال والتكنولوجيات المتطورة، وهو ما لا يوجد في البلاد. يجب أن تستثمر شركات أجنبية في هذا القطاع في إيران ولكن هذه الشركات الأجنبية لا تريد أن تخاطر بالاستثمار في بلد مثل إيران حيث يكون الاستثمار عالي المخاطر في بلد يعاني من عدة عقوبات دولية. قطاع الغاز في إيران قديم وغير متطور، وهو غير قادر على استخدام الموارد الطبيعية المتوفرة في البلاد حتى للحاجات الداخلية فقط.

كما أن لانقطاع الغاز آثار أخرى: إذ يلجأ الناس إلى الكهرباء لتدفئة بيوتهم ومكاتبهم، وهذا ما يزيد الضغط على شبكة الكهرباء في البلاد، وهي شبكة تعاني هي الأخرى من انقطاع إمدادات الغاز لأنها معظم محطات توليد الكهرباء التي تزود الشبكة الوطنية تعمل هي أيضا بالغاز.

النتيجة: هي أن معظم المدن شهدت عدة انقطاعات طويلة في الأسبوع. ولتفادي الانقطاع التام للشبكة، اتخذت السلطات الإيرانية إجراءات جديدة للتقشف الطاقي: فقد تم إطفاء الإنارة العامة في عدة مدن بينها العاصمة طهران.


انقطاع في الكهرباء في المنطقة الصناعية اشتهارد. غرقت كل المنطقة في الظلام واضطرت عدة مؤسسات اقتصادية إلى إيقاف أنشطتها.


في العاصمة طهران، تم إطفاء الإنارة الليلية للطرقات السريعة، وهو ما أدى إلى حوادث سير تحت الظلام في 11 كانون الثاني/ يناير 2023.

 

“المدينة بدت غريبة.. لم أعد أشعر بالأمان فيها”

سيمين (اسم مستعار) هي امرأة إيرانية تعيش في العاصمة طهران وتروي قائلة:

خلال الأيام الثلاثة الماضية، انقطعت الكهرباء مرتين خلال بضع ساعات. وفي كل مرة، يرسلون لنا إرسالية قصيرة للقول بأن انقطاع الكهرباء يعود إلى عطب تقني. ولكن المشكل الرئيسي الذي أواجهه شخصيا، هو أنه وفي معظم الأحيان، تكون إنارة الشوارع والطرق منطفئة في الليل. وبالتالي، فإن مسؤولية إنارة الأماكن العامة تقع على عاتق المواطنين في الوقت الراهن. والمصدر الوحيد للضوء في هذه الشوارع يأتي من مصابيح المنازل أو المحلات التجارية. لا أخرج في معظم الأحيان، وفي كل مرة أخرج فيها، أتفاجأ بوجود المدينة تحت عتمة الظلام. بدت لي المدينة غريبة ومظلمة ولم أعد أشعر بالأمان فيها.

يبدو هذا الظلام ظاهرا حتى من السماء. حيث تظهر صور الأقمار الاصطناعية لمدن طهران وأصفهان ومناطق أخرى في وسط إيران التقطت في صيف 2022 كمية أكبر من الضوء مما هو عليه في نظيرتها من الصور في كانون الثاني/ يناير 2023.

الصورة على اليمين التقطت في 19 كانون الثاني/ يناير 2023 وتلك التي على اليسار التقطت في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2022. وتظهر الصورة الملتقطة في كانون الثاني/ يناير الجاري ضوءا أقل في العاصمة طهران وأصفهان وعدة مناطق أخرى في إيران خلال الشتاء. © NASA

 

“عدد النساء اللاتي يتجرأن على الخروج إلى الشوارع يتناقص شيئا فشيئا”

وتضيف سيمين قائلة:

يتناقص عدد الناس في الشوارع وفي المقاهي وفي المطاعم شيئا فشيئا. وبعد عدة أشهر من الاحتجاجات، تبدو الشوارع خالية خصوصا من النساء اللاتي كن وقود المظاهرات منذ أربعة أشهر. كنا معتادات على السير دون حجاب في الشوارع الرئيسية حتى حين يكون الناس بجانبنا، حتى لا نتعرض لإزعاج أعوان شرطة الأخلاق، لقد كان الشعب هو من يدافع عنا. أما الآن وبما أن معظم الشوارع تغرق في الظلام، فعدد النساء اللاتي يتجرأن على الخروج إلى الشوارع يتناقص شيئا فشيئا”.

كما أن لانقطاع الغاز والكهرباء انعكاسات أخرى: إذ أن محركات مراكز توليد الكهرباء تدور بشكل أكبر لإنتاج أكبر قدر ممكن من الطاقة وتحرق بالتالي كمية أكبر من “المازوت”، وهو وقود ثقيل وملوث للبيئة، لكن سعره رخيص وجودته قليلة، وهو ما يؤثر بشكل كبير على نقاء الهواء. وسيوضح مراقبونا ذلك في الجزء الثاني من تحقيقنا والذي سينشر على موقعنا.

//platform.twitter.com/widgets.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى