آخر الأخبارأخبار محلية

إحذروا المسّ بمؤسسة الجيش


مَن يراجع تسلسل الأحداث منذ السابع عشر من سنة 2019 لا بدّ من أن يلاحظ أن ثمة ترابطًا عضويًا وتكامليًا بينها، من حيث التخطيط أولًا، ومن حيث النتائج ثانيًا. البداية لم تكن تتعلق بالفراغ الرئاسي، وإن كانت كل هذه الأحداث تدور حوله، وهي تتدرّج تصعيدًا، بدءًا بانهيار القيمة الشرائية لليرة في مقابل تفلت غير مسبوق لسعر صرف الدولار الأميركي، الذي لم تستطع تعاميم المصرف المركزي لجمه، مع ما يرافق هذا التفلت الجنوني من ارتفاع غير مقبول في أسعار السلع الاستهلاكية والبنزين ومشتقاته، إلى الفوضى العارمة في القضاء، والضاربة عميقًا في عمق أعماق أسس الكيان اللبناني القائم على ركائز ثلاث: الاستقرار المالي والاستقرار العدلي والاستقرار الأمني. 

ما يحدث الآن هو أن الاستقرار المالي قد أصبح من الماضي أو فعل ماضٍ مكتمل العناصر وليس ناقصًا على الاطلاق. أما الاستقرار العدلي فإن حفلة الجنون، التي نشهدها وشهدناها في اليومين الماضيين، خير دليل على أن العدل في لبنان غير مستقيم، على أن يبقى الاستقرار الأمني على المحك، خصوصًا أن ثمة من يحاول أن ينقل “سوسة” الفوضى السائدة في القضاء إلى المؤسسات الأمنية، وبالأخص إلى مؤسسة الجيش، وذلك عبر افتعال مشكلة “صلاحيات” بين وزير الدفاع موريس سليم المحسوب على فريق الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، وبين قائد الجيش العماد جوزاف عون المطروح اسمه بقوة في كواليس “الطبخات الرئاسية”.   

ولأن رئيس “التيار الوطني الحر” السيد جبران باسيل يرفض رفضًا قاطعًا حتى مجرد مفاتحته بطرح اسم العماد عون كمرشح رئاسي محتمل، فإن الخلافات في وجهات النظر بين وزير الدفاع وقائد الجيش في أمور لها علاقة مباشرة بانتظام العمل المؤسساتي وفق آليات محدّدة في القوانين المرعية الاجراء آخذة في التفاقم، في محاولة لتعميم فوضى الصلاحيات بين المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات والمحقق العدلي القاضي طارق البيطار في ما خصّ التحقيقات في جريمة انفجار المرفأ. 

إن أقصى ما يخشاه الغيارى على مصلحة البلد أن يعمل “خفافيش الليل” على نقل الفوضى المالية والفوضى القضائية إلى مؤسسة الجيش الباقية متماسكة وغير مخروقة حتى الآن، على رغم كل الظروف الصعبة التي تتصدى لها بحكمة وحزم وعزم وصلابة.  
فإذا نجح من لا يريد أن يبقى الجيش صمام أمان الاستقرار الأمني وضامن وحدة اللبنانيين في نقل “سوسة” الفوضى إلى اليرزة،فإن لبنان مقبل على مرحلة شديدة الخطورة، الأمر الذي يعيد إلى ذاكرة اللبنانيين زمن الحرب اللبنانية، يوم انقسم الجيش إلى ألوية طائفية. 

ولكن، ووفق ما يُنقل عن العماد عون، فإن نجوم السماء أقرب على الذين قد تسوّل لهم أنفسهم المسّ باستقرار المؤسسة العسكرية، التي ستبقى الضمانة الأكيدة لاستعادة البلاد عافيتها. فالسلم الأهلي خط أحمر لا يمكن السماح لأي كان تجاوزه، أيًّا تكن الظروف والمعطيات. وكذلك ممنوع اللعب بنار الفتن، وأن هيبة الجيش ومعنوياته هي فوق كل اعتبار. 

وفي رأي بعض المراقبين أن أداء العماد عون في الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية وعدم “تخندقها” طائفيًا من شأنه أن يحول دون تمادي البعض في استعمال هذه المؤسسة مطّية لمآرب سياسية لم تعد خافية على أحد.  

فحذاري المسّ بهذه المؤسسة، التي لا تزال بالنسبة إلى كثيرين من اللبنانيين، خشبة خلاص قد تكون وحيدة للخروج من هذا النفق المظلم والطويل.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى