ماذا يعني تلويح الاشتراكي بمقاطعة جلسات انتخاب الرئيس؟!
ولعلّ ما زاد من “جدلية” تلويح “اللقاء الديمقراطي” بالمقاطعة، ولو تحت عنوان أقلّ وقعًا هو “تعليق الحضور”، تمثّل في اللقاء الذي عقد في اليوم نفسه بين وفد من “حزب الله” ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب السابق وليد جنبلاط، بحضور نجله رئيس الكتلة النيابية المحسوبة عليه تيمور جنبلاط، إضافة إلى الوزير السابق غازي العريضي، والذي قيل إنّ الاستحقاق الرئاسي حلّ “طبقًا دسمًا” على مائدته، إن جاز التعبير.
وكما في كلّ خطوة يقدم عليها “الاشتراكيون”، فتح التغيير “النوعي” في مقاربة جلسات الانتخاب الرئاسية الباب أمام سلسلة من علامات الاستفهام، فما الذي يعنيه عمليًا تلويح “الاشتراكي” بمقاطعة الجلسات في القادم من الأيام؟ هل يسعى بذلك فقط إلى “كسر الجمود”، كما يقول قياديوه ، أم أنّه يسعى كما يرى البعض إلى الحثّ على الحوار والتشاور؟ وما صحّة الحديث عن أنّ الهدف الفعلي هو التمهيد للتخلي رسميًا عن تبنّي ترشيح ميشال معوض؟!
“صدمة إيجابية”
يتمسّك المحسوبون على “الحزب التقدمي الاشتراكي” بفكرة “كسر الجمود والروتين” في معرض توضيح المُراد من خطوة من حجم مقاطعة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، ولا سيما أنّ الحزب لم يكن يومًا من دعاة التعطيل، ولطالما وقف في صدارة المشاركين في أيّ جلسة يدعو إليها رئيس البرلمان، إلا أنّ الواضح أنّ ما يتّفق الجميع على وصفه بـ”المهزلة والمسرحية” ما عاد يمكن أن يستمرّ وفق المنوال نفسه.
يقول هؤلاء إنّ المطلوب “صدمة إيجابية”، صدمة ربما وجد بعض النواب أنّهم بالاعتصام المفتوح في القاعة العامة يحققونها، لكنّ “الاشتراكي” يرى أنّها تتحقّق بعدم التحوّل إلى “شهود زور” على ما بات الناس يعتبرونها “مسرحية هزلية”، خصوصًا أنّ جلسات الانتخاب الدورية ما عادت تقدّم أيّ قيمة مضافة، بل باتت تجرى من باب “رفع العتب” ليس إلا، بغياب أيّ بدائل متوافرة، أو يمكن أن تتوافر في ظلّ الأبواب الموصَدة أمام الحوار والتشاور.
ولعلّ هذه النقطة بالتحديد هي “بيت قصيد” التلويح “الاشتراكي”، فالمحسوبون عليه يقولون إنّ الحوار هو المَدخَل الوحيد للحلّ، والمطلوب التعامل معه بجدّية قصوى، علمًا أنّ كتلة “اللقاء الديمقراطي” كانت من أول المرحّبين بمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، بل إنّها من طلبت منه المحاولة مرّة أخرى بعدما اصطدمت محاولته الأولى بالاعتراضات والتحفّظات، إلا أنّه لاقى النتيجة نفسها، وكأنّ مجرد التشاور بين النواب أضحى “محرّمًا”.
الحلفاء “يتوجّسون”
لكن، بعيدًا عن الأسباب الموجبة للمقاطعة التي يردّدها “الاشتراكيون”، يجد حلفاء الأخير أسبابًا أكثر منها للتوجّس، وربما “الريبة”، خصوصًا أنّ هناك من اعتبر خطوة “الاشتراكي” التي تزامنت مع جولة جديدة من الحوار مع “حزب الله”، هي في شقّها العملي “توطئة” للانتقال إلى “الخطة باء” التي يضعها الحزب نصب عينيه، وهو الذي يسعى لاستعادة دور “بيضة القبّان” الذي لطالما لعبه في مراحل تاريخية سابقة.
ومع أنّ “الاشتراكي” حرص على وضع لقائه مع “حزب الله” في إطار استكمال الحوار الذي سبق أن بدأه معه، من دون أن يكون له أيّ أبعاد أو ارتباطات مباشرة بجلسة الانتخاب، ورغم نفي أوساط متابعة ما حكي عن نقاش أسماء يتقاطع عليها الطرفان خلال الاجتماع الذي عقد بينهما، إلا أنّ بعض حلفاء “الاشتراكي” في قوى المعارضة لم يتفاءلوا خيرًا بالخطوة، بل بينهم من وجد فيها تقاطعًا مع فريق “حزب الله” لجهة تطيير نصاب الجلسات.
وإذا كان حلفاء “الاشتراكي” يخشون أن تكون “ترجمة” قراره هي التخلي عن تبنّي ترشيح معوض، وطرق أبواب “التسوية”، فإنّ الفريق الآخر يرى أنّها قد تكون فعلاً خطوة “مفيدة”، لجهة فتح قنوات الحوار والتواصل بين الجميع، خصوصًا بعدما ثبُت أنّ الجلسات ما عادت مجدية، وأنّ تكثيفها كما يطالب بعض النواب المعتصمين لن يغيّر شيئًا، إن لم يترافق ذلك مع حوار، أو بالحدّ الأدنى، تشاور يفضي إلى اتفاق على نقاط مشتركة، ولو بالحدّ الأدنى.
ثمّة من يعتبر أنّ “تريّث” رئيس مجلس النواب في الدعوة إلى جلسة انتخابية جديدة لم يأتِ فقط بسبب اعتصام نواب “التغيير” والمتضامنين معهم، ولكن أيضًا بسبب موقف “الاشتراكي” المستجِدّ، والذي قد يكون “محفّزًا” لإطلاق “أرنب الحوار” من جديد، حوار يتقاطع بري وجنبلاط مع آخرين على كونه “مفتاح” لا بدّ منه لكسر “الجمود” المهيمن على الاستحقاق الرئاسي، بعيدًا عن كلّ التحفظات!
مصدر الخبر
للمزيد Facebook