آخر الأخبارأخبار محلية

اعتصام النواب … خطوة رئاسية أولى أم مراهقة سياسية؟

يجب أن نعترف بأن ما قام به النائبان نجاة صليبا وملحم خلف وانضمام نواب آخرين إليهما خطوة متقدمة وجريئة وغير مسبوقة في الحياة السياسية وفي تاريخ العمل المجلسي. ولكن هذه الخطوة تبقى ناقصة، على رغم جرأتها وحسن نوايا القائمين بها. هي ناقصة لأنها تفتقد إلى مقومات عدّة، وإلى بعض المتممات، التي كان يجب أن تؤخذ في الاعتبار قبل الاقدام عليها، وقبل أن يصبح التفتيش عن مخرج لها ضربًا من ضروب الهروب إلى الامام. 

من حيث المبدأ، إن ما قام به النائبان صليبا وخلف لا غبار عليه، خصوصًا إذا ما نظرنا إلى هدف هذه الخطوة، وهو ممارسة ضغط معنوي لتحويل جلسات مجلس النواب إلى جلسات مفتوحة حتى يتمّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية. هذا الهدف، نظريًا، هو هدف نبيل لا يمكن لأحد التقليل من أهميته ورمزيته، ولكن في المقابل، وكما يقول من “كلّخ أضراسه” في السياسة اللبنانية وزواريبها ودهاليزها، كان على النائبين صليبا وخلف، ومعهما مجموعة من نواب “التغيير”، ونواب حزبيين ومستقلين، أن “يعدّوا للعشرة” قبل أن يقدموا على هكذا خطوة، يعتبر البعض أنها لن تقدّم ولن تؤخرّ في شيء بالنسبة إلى عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية. 

فالعمل السياسي بالنسبة إلى محترفي هذا العمل على الطريقة اللبنانية ليس هواية، وليس مجرد شعارات بعيدة عن الواقع، بل يحتاج إلى خبرة طويلة. وهذا ما يفتقد إليه “النواب التغييريون”، الذين لديهم أفكار جيدّة، وهم متحمسّون ومقدمون ومبادرون، ولكن من دون خلفية كافية للواقع السياسي في لبنان. وهذا ما لمسه هؤلاء النواب منذ اللحظة الأولى لقرار الاعتصام، وأدركوا ولو متأخرين أنه كان في امكان هذه الخطوة أن تلقى نجاحًا مغايرًا لو أن النائبين المذكورين أخذوا في الاعتبار الأمور التالية: 
أولًا، كان يُفترض أن يسبق الاعتصام، الذي يبدو أنه كان ارتجاليًا وابن ساعته، تنسيق على مستويات عدّة، وأولها مع رئاسة المجلس وأمانته العامة، والثاني بين “النواب التغييريين” أنفسهم، الذين تفاجأوا بخطوة زميليهما. أمّا على المستوى الثالث فكان يُفترض أن يصار إلى تعبئة الصفوف الشعبية لكي تواكب هذه الخطوة بضغط شعبي في الشارع، الذي له التأثير المباشر، والذي كان من شأنه أن يتكامل مع ما أقدم عليه هذان النائبان. 

ثانيًا، كان من المفروض التنسيق مع نواب الكتل المعارضة لكي لا تأتي هذه الخطوة ناقصة وعرجاء، خصوصًا أن لهذه الكتل تأثيرًا شعبيًا على الأرض وتستطيع أن تحشد أكثر من الحراك المدني المحبط. فلو نُسّقت هذه الخطوة مع أحزاب المعارضة كـ”القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” وحزب “الكتائب اللبنانية” وعدد من النواب المستقلين لكان في الإمكان أن يكون هذا الاعتصام أكثر فاعلية وجدوى. 

ثالثًا، يؤخذ على “النواب التغييريين” افتقارهم إلى وضوح الرؤية بالنسبة إلى المرشح الرئاسي، خصوصًا أن الأسماء التي يصّوتون لها غير جدّية، وهم يعرفون هذا الأمر. فلو كانوا جدّيين في ما يسعون إليه، لكان حرّي بهم، وهذا ما يقوله كثيرون، أن يقترحوا إسم  مرشح توافقي على مستوى المعارضة يستطيع أن يصل إلى عتبة الستين نائبًا كحدّ أدنى، ويتم الالتفاف حوله لطرحه كمرشح جدّي مقابل أي مرشح آخر من “الخطّ الممانع” لكي تأخذ اللعبة الديمقراطية مداها الأوسع في عملية انتخاب رئيس جديد في دورات متتالية، باعتبار أن لا أحد من المرشحين المحتملين قادر على تأمين أصوات الدورة الأولى، أي 86 صوتًا، ولكنه قد يكون في استطاعته الوصول إلى الـ 65 صوتًا في الدورة الثانية. 
رابعًا، يأمل الذين يتعاطون في الشأن الانتخابي على مستوى المعارضة أو ما يُسمّى بـ “الجبهة السيادية”، أن يكون اعتصام النواب خطوة أولى في مسيرة توحيد المواقف والانطلاق نحو مرحلة جديدة من التعاطي بين جميع مكونات القوى المعارضة على أساس الاتفاق على مرشح ما يُعرف بـ “الخطة باء”.    


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى