آخر الأخبارأخبار محلية

ماذا يقصد جبران باسيل بهذا التهديد؟


إن عقد جلسات استثنائية لمجلس الوزراء كلما دعت الحاجة، وكلما استدعى الأمر الوقوف مع الناس، ومحاولة التخفيف عنهم، قد أصبح أمرًا واقعًا لا مناص منه، سواء شاء ذلك رئيس “التيار الوطني الحر” السيد جبران باسيل أم أبى. وبذلك يكون هو في وادٍ وعامّة الشعب في وادٍ آخر. وعلى رئيس “التيار الأورونجي” أن يقتنع مرّة أخيرة بأن هذا الشعب، الذي ملّ قصة ابريق الزيت، وبات يعيش حال قرف غير موصوفة، لم تعد تنطلي عليه قصة  ميثاقية الجلسات الحكومية. ما يهمّه أن يتحمّل كل مسؤول مسؤوليته كاملة، وألاّ يُترك وحيدًا “يقبّع” شوكه بيديه العاريتين في حقل مليء بالأشواك.
 

سمع المواطن اللبناني كلامًا كثيرًا عن الميثاقية والدستور والشراكة، ولكنه لم يرَ في تاريخ أزماته، وبالأخص في هذه السنوات الأخيرة، ترجمة عملية لهذا الكلام، الذي بقي فارغًا من أي محتوىً أو مضمون. فهذا الكلام لم يمنع الذين سرقوا أمواله من التمادي في فعلتهم هذه، ولم يردع الذين تاجروا بالدواء والقمح المدعوم والمهرّب إلى الخارج، ولم يؤّمن له حاجته اليومية من كهرباء، هي الأغلى كلفة في العالم، ولا تأتي. 

هذا الكلام لم يعد يُصرف على مائدة صرافي المواقف الشعبوية، وذلك لكثرة ما استهلك لغايات لم تكن نتائجها سوى المزيد من التأزم، والمزيد من المعاناة، والمزيد من المراوحة في قعر “جهنم”، من دون أن يلوح في الأفق ما يمكن أن يبّل طرف لسان هذا المواطن بنقطة ماء واحدة. 
فجلسات مجلس الوزراء دستورية، وهي قائمة بفعل الشراكة الوطنية، وهي شراكة مقدّسة في نظر جميع المكونات السياسية والطائفية، التي تشارك في جلسات مخصّصة لمعالجة وجع الناس، ومحاولة التخفيف قدر الإمكان من أضرار ما يتعرّضون له نتيجة سياسات خاطئة اختلطت فيها المواقف الشعبوية مع ممارسات أقّل ما يُقال فيها إنها لم تكن على قدر كاف من المسؤولية. 

في آخر كلام له قال باسيل: “الإمعان في الكذب بخرق الدستور والميثاق وبإسقاط الشراكة سيُعمق الشرخ الوطني، وسيأخذنا لأبعد من ضرب التفاهمات والتوازنات”، تهديد مباشر لجميع الوزراء الذين يشاركون في الجلسات الحكومية، ولرئيس الحكومة بالطبع، ولكن المقصود بهذا الكلام هو “حزب الله”. وهو يأتي ردًّا على كلام أمينه العام السيد حسن نصرالله، الذي أعلن أنه لن يسحب يده من يد أي حليف أو شريك، وترك لرئيس “التيار الوطني الحر” حرية الانسحاب من أي تفاهم. وكأن بباسيل يقول لنصرالله إن مشاركة وزراء “الحزب” في جلسات يعتبرها غير ميثاقية وغير دستورية ومضروبة من حيث الشراكة الوطنية تعني “الذهاب إلى أبعد من ضرب التفاهمات والتوازنات”. 
هذه الانفعالية لم يردّ عليها “حزب الله”، لأن قيادته اعتادت على مثلها من قبل، وبالأخصّ عندما تصدر نتيجة قراءة خاطئة لبعض مواقف “الحزب”، والتي ربما لا تتطابق حسابات حقله مع حسابات بيدر باسيل، الذي يريد أن يأخذ البلاد، ومعها جميع حلفائه، إلى حيث أخذها في السابق، وإلى حيث تحلل مفصلي لكل مفاصل الدولة. فأسلوب التهديد والوعيد لا يعزّز الشراكة، بل يقوضّها.  

ومن يحلّل مواقف باسيل الرافضة عقد جلسات لمجلس الوزراء، وإن كانت ضرورية وملحة واستثنائية، يدرك لماذا لجأ منذ أيار الماضي حتى أخر يوم من تشرين الأول الماضي إلى سياسة تعطيل المساعي التي كان يقوم بها الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة آخر العهد، ويفهم جيدًا أن “المحاولات الباسيلية” لضمان حيازته على الثلث المعطل لم تنطلِ على أحد. 
مشكلة باسيل مع الآخرين أنه يريد كل شيء لنفسه. وإذا لم يحصل على ما يريد يصبح جميع الآخرين غير صادقين و”ممعنين في الكذب” وغير ميثاقيين وغير دستوريين ولا يؤمنون بالشراكة كما يفهمها نائب البترون على ذوقه.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى