آخر الأخبارأخبار محلية

حزب الله والمسيحيون… وما بينهما دولة منهارة

كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: فما يجري بين التيار الوطني الحر وحزب الله، بغضّ النظر عن مصير ورقة التفاهم التي قد تكون آيلة إلى أن تختم بالشمع الأحمر، يعكس في وجه من الوجوه انفصالاً تاماً في رؤية الطرفين ليس لمستقبل العلاقة بينهما، بقدر ما في رؤية كليهما إلى شكل الدولة القائم حالياً. وإذا كان من غير المستغرب أن تلوّح القوات اللبنانية أو حزب الكتائب أو حتى شخصيات مسيحية برؤية ما لشكل الحكم المرتجى في مرحلة يستمر فيها تهاوي الوضع القائم، فإن ما يستدعي الحذر تفاقم النزعات المطالبة بتعميم تجارب الانفصال في مرحلة كان يفترض أن يطوى نهائياً أي حديث تفوح منه رائحة العزل الداخلي.

بين لبنان، الماروني – الدرزي، والماروني – السني، والماروني – الشيعي، صار الكلام عن نهائية الكيان بالنسبة إلى الموارنة يلامس الخطر، وقت لا يحبّذ سياسيون مستقلون هذا المنحى الذي بدأ يتوسع في أوساط حزبية وشعبية، وعدم نقاش مسؤولية المسيحيين عما وصلت إليه هذه الدولة.
إلا أن المقاربة لا تزال، حتى الآن، محصورة بالقوى المسيحية وحتى باعتراض من شخصيات وشرائح مسيحية تخالفها الرأي حول طروحات تعيد زمن الثنائيات وتذكّر بمآثرها السيئة. لكن الواقع يفترض أن يأخذ النقاش في الاعتبار، كذلك، ماذا يريد حزب الله من الدولة الحالية، وأي شكل يريد الإبقاء عليها. وتناول الحزب كونه في زمن الثنائية الحالية الأقوى والأكثر نفوذاً. وإذا كان التشديد الدائم على منع تحويل لبنان منصة غربية أو أميركية، واتهام القوى الأخرى بأنها تريد استعادة نغمة الانعزال السابقة، فإن الحزب الذي يقول إنه يرفض المثالثة، كما أي نزعة تقسيمية، لم يقل بعد ماذا يريد لهذا الـ «لبنان» الذي يتحول بلداً منهاراً وفقيراً وجائعاً. وأي دولة مفلسة يريد الإبقاء عليها، ولأي سبب؟
فحصر النقاش بتحصين ورقة التفاهم بين الحزب والتيار، في عز الشغور الرئاسي وانحدار البلد إلى أسفل درجات التصنيفات العالية حول سوء العيش فيه، هو قمة العبثية السياسية، لأن حجم الانقسامات الداخلية حول الرؤى المتناقضة والسلوكيات المختلفة جذرياً في مقاربة الطروحات لمستقبل البلد، تتعدى تفاهماً ثنائياً محلياً، أو حتى الانشغال بخبر زيارة حزب الله إلى بكركي ولقاءاته موفدين عنها.منذ حرب سوريا ودخول الحزب فيها والأدوار الموزعة من اليمن إلى العراق، بقي الاعتراف قائماً بخصوصية لبنانية لا توجد في الساحات المذكورة. وهذه الخصوصية هي التي جعلت لبنان لا يتحول كلياً نحو اتجاه واحد. وإذا كانت الأزمة الاقتصادية ساهمت في تعميق الانهيار الحاصل في الدولة الإدارية والمالية، إلا أن رؤية حزب الله لما يريد وما لا يريده للبنان تساهم في تعميق الأزمة السياسية، والأخطر الاجتماعية بمعنى العلاقات بين المكونات، إلى حد أن يصبح الكلام سهلاً متزايداً في الدعوات للتخلي عن الآخر. ماذا يريد حزب الله من الدولة، إذا وضع يده كاملة عليها كما يتهمه خصومه، أم ماذا يريد من الشكل المتبقي منها والذي يفاقمه الانهيار قساوة، إسوة بما يحصل في دول الجوار؟ عند هذا السقف من الأسئلة يمكن بناء أي حوار مستقبلي، لأن حصر المشكلة بحوار بين القوى السياسية حول اجتماع مجلس وزراء أو حتى انتخاب رئيس يعني أن هناك تشجيعاً لكلام كان يقال همساً وصار يقال علانية من دون قفازات. وهنا كل الخطورة، التي يفترض بحزب الله أن يكون متنبهاً لها، حين يصبح الكلام العلني أن لا عيش مشتركاً بالقوة.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى