التيار و الحزب: مار مخايل ثالثهما
لم يكن دخول الرئيس ميشال عون على خط النزاع القائم بين “التيار الوطني الحر وحزب الله الا دليلا ساطعا على عمق الشرخ بين طرفي ” تفاهم مار مخايل”، بإعتباره الحدث المفصلي الذي طبع حقبة سياسية كاملة والمترنح حاليا بعد انقضاء عهد عون الرئاسي.
كل الاستنتاجات، تصب في إتجاه تبدل جوهري على المسرح اللبناني، فما عادت ادوار البطولة المطلقة مؤمنة بعد ثورة 17 تشرين، ليس لكون الطبقة الحاكمة استطاعت إخمادها، بل بحكم التدخل الخارجي والذي بات حاجة ملحة وضرورية للامساك بالسلطة نتيجة الاحجام عن تقديم مساعدات اقتصادية.
هنا يبرز دور حزب الله، بحكم التقاطعات الاقليمية وهندسة الأدوار في الداخل. فالقاصي والداني يدرك بأن حسابات الحزب تتجاوز الساحة اللبنانية الى العمق الاستراتيجي في المنطقة، وادواره تتخطى السقف المحلي،ولكنه، في المقابل، محكوم بالامر الواقع بتأمين أرضية صلبة يستند اليها، كما على ظهير قوي، منذ الانسحاب السوري من لبنان.
لذلك، فان 17 عاما عاشها حزب الله بشكل متعرج، ولا يمكن تقييمها على عجالة، حاول خلالها إدارة الشأن المحلي بما تيسر من ثوابت وواقعية، خصوصا بأنه لم يلهث خلف وصاية سياسية خاسرة على بلد متحرك منذ نشأته، لكن”تفاهم مار مخايل”مع التيار الوطني الحر محطة ينبغي التوقف عندها.
منذ خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا ، خرج من يجزم بأن “إتفاق ما مخايل” انتهى كونه استهلك نفسه او حقق أهدافه، لكن الطامة الكبرى تكمن في المسؤولية عن فشل عهد عون وسط إجماع بأنه عهد الانهيار اللبناني الشامل، والاستعصاء الحالي هو برهان إضافي على عقم النظام اللبناني.
في المبدأ، لا تستدعي دعوة لجلسة مجلس الوزراء ان يقدم عون على تمزيق اتفاقه مع حزب الله، بل هناك دوافع اخرى تدفعه نحو ذلك، فهناك شكوك جدية في قدرة النائب جبران باسيل على إدارة الدفة بنفس الزخم منذ ابرام إتفاق مار مخايل حتى الخروج من قصر بعبدا.
بناء عليه، تكمن المسألة في استعداد باسيل لابرام إتفاق جديد مع حزب الله كما حاجة الاخير إلى غطاء داخلي ومسيحي تحديدا، وليس من باب التكهنات حاجة الحزب إلى تأمين ما تيسر من توافق وطني. في المقابل يسعى باسيل الى الالتفاف على خلافه مع الجميع عبر مفاوضاته شرقا و غربا، لكن تبقى العبرة بالخاتمة الرئاسية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook