عودة: أوقفوا هذا التنكيل اللاأخلاقي بذوي الضحايا!
أشار متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، في عظة اليوم خلال خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس، الى انه “في حين يسمع المسيح الإله صراخ البشر الذين تنازل ليأخذ صورتهم، نجد مسؤولي بلادنا يستعلون على أبناء جنسهم، وينصبون أنفسهم حكاما فوق البشر، يقضون بما يلائمهم، صامين آذانهم عن صراخ الجياع وتنهدات الأمهات وبكاء الأطفال وتأوهات المرضى. كيف يسمع هذه الأصوات من لم يصل إلى آذانهم دوي انفجار هز العاصمة والعالم أجمع، وما هز ضمائرهم، فلم يحركوا ساكنا، بل اجتهدوا لتعطيل كشف الحقيقة، وما زلنا نراهم يتعرضون لذوي الضحايا، عاملين على كم الأفواه وطمس الحقيقة وإسكات صوت العدالة”.
وقال إن “ما حصل بالأمس من توقيف شاب يطلب معرفة حقيقة التفجير الذي أودى بشقيقه ورفاق له، واعتداء القوى العسكرية على المحتجين على توقيفه، بمن فيهم كاهن، هو أمر مرفوض ومدان. هل يعي من أزعجه غضب الشاب الذي تلفظ بكلام صادر عن قلب مجروح وكسر زجاجا في قصر العدل أن جزءا كبيرا من العاصمة قد دمر وأن مئات من أبنائها تمزقت أجسادهم أشلاء وآلافا من الجرحى والمعوقين خلفهم التفجير الآثم؟ ويستكثرون على ذوي الضحايا الإحتجاج والمطالبة بالحقيقة والعدالة؟ أين كان القضاة والأمنيون والمسؤولون عندما حصلت الكارثة في بيروت؟ ولماذا لم نر اندفاعهم في ملاحقة مسببيها وتوقيفهم؟ وعوض معاقبة الجناة ها هم يمارسون سلطتهم على ذوي الضحايا وينتقمون من المعتدى عليهم. بئس سلطة تستقوي على الضعيف ولو كان صاحب حق وتمالئ المجرم والجاني والفاسد إما تواطؤا معه أو خوفا منه. من واجب القيادات السياسية والعسكرية والأمنية الدفاع عن المظلوم في وجه الظالم، ومن واجب القضاة الحكم باسم الشعب لا على الشعب. لذلك أخاطب ضمير كل مسؤول وكل قاض نزيه وشريف أن أوقفوا هذا التنكيل اللاأخلاقي بذوي الضحايا الموجوعين وهذا التجاوز اللامهني للقانون وافرضوا العدالة. أما معرقلو التحقيق والهاربون من وجه العدالة فإن نجحوا في الخلاص من عدالة الأرض كيف سينجون من عدالة السماء؟”.
وتابع: “من يحاسب من يعطل العدالة ومن يستبيح حدود الدولة ومن يحرم المواطنين من الكهرباء ومن يرتب على الدولة المفلسة غرامات وأعباء؟ من يعاقب الفاسدين والظالمين وسارقي أموال الناس ومفجري العاصمة وقاتلي أبنائها؟ من يعيد الروح إلى الضحايا؟ لو كان أحد ضحايا الكارثة ابن أحد المتمردين على القضاء هل كان سكت أو تصرف بهذا الاستهتار؟ إن من لم يأبه بعاصمته المدمرة وبجراح أبنائها الجسدية والنفسية، هل سيهتم بمصير البلد وأموال الناس؟ نحن بحاجة إلى مسؤولين لا يتلهون بأنفسهم بل يعملون على ابتداع خطة تستند إلى رؤية واضحة تعيد بناء الدولة وتخلصها من آثام هذه الطبقة التي حكمتها لعقود وهيمنت على ناسها، وتناحرت فيما بينها، وتقاسمت خيراتها، وأتت على كل ثرواتها. نحن بحاجة إلى رأس للدولة وإلى دم جديد ينعش جسد هذا الوطن المهترئ، ويعتمد أساليب جديدة ترتكز على النزاهة والعلم، وتعتمد المساءلة والمحاسبة وإنزال العقاب في كل من يخل بالدستور أو يستهين بالدولة وهيبتها وسيادتها، أو يتجرأ على التدخل في عمل القضاء أو مد اليد إلى المال العام. نحن بحاجة إلى قامات كبيرة تحكم بالعدل وتتخذ مواقف كبيرة وتنتج حلولا عظيمة”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook