مباراة “سماوية” بين بيليه ومارادونا… من الفائز بين الأخوين العدوين؟
نشرت في: 03/01/2023 – 18:13
يتم تشييع أسطورة كرة القدم البرازيلي بيليه الثلاثاء بمدينة سانتوس ليلحق بغريمه الأرجنتيني الساحر دييغو مارادونا المتوفى في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 “إلى السماء”. لكن هل يستمر النقاش على هذه الأرض بشأن لقب “أعظم لاعب في التاريخ”، علما أن العلاقات بين الرجلين كانت ضبابية؟
عندما توفي دييغو أرماندو مارادونا في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 عن عمر 60 عاما إثر سكتة قلبية، علّق بيليه قائلا: “ذات يوم، آمل أن نلعب كرة القدم سويا في السماء”. علامات التقدير التي قدمها الأسطورة البرازيلي يومها للساحر الأرجنتيني كانت من دون شك نابعة من القلب، إلا أنها جاءت متناقضة مع العلاقات المضطربة التي ربطت بينهما.
بيليه ومارادونا “في السماء معا”
“One day, I hope we can play football together in the sky” – Pele’s message after Diego Maradona died in 2020.
Enjoy your game, legends 🙏 pic.twitter.com/t0l88bpILD
— GOAL (@goal) December 29, 2022
فها هو بيليه مع مارادونا “في السماء” حيث سبقهم آخرون من أبطال كرة القدم، مثل الهولندي يوهان كرويف والبرازيلي غارينتشا زميل “ملك اللعبة” (حسب الفيفا) في فريق “السيليساو” فضلا عن حارس المرمى الإنكليزي غوردن بانكس، والذي قال عنه بيليه بعد مونديال 1970 في المكسيك: “لقد سجلت هدفا، لكن بانكس حرمني منه”، في إشارة لضربة رأسية للأسطورة تصدى لها بانكس في لقطة ظلت خالدة في تاريخ كأس العالم.
للمزيد- بيليه: أوقف حربا وألهم أجيالا حول العالم..
أساس الخلاف بين بيليه ومارادونا سؤال سيظل يُطرح على الأجيال القادمة: من هو أعظم لاعب في تاريخ كرة القدم، البرازيلي أم الأرجنتيني؟ فقد امتد السؤال على سنوات رغم التباين الزمني بين اللاعبين، بقدر ما امتدت الشهرة التاريخية لكليهما.
بطل من دون منازع، ساحر من دون منافس
رسخ بيليه مكانة مرموقة وكان بطل عصره دون منازع بين عامي 1956 عندما بدأ مسيرته بنادي سانتوس لغاية 1977 لدى خوضه آخر مباراة رسمية مع كوزموس الأمريكي. شارك في كأس العالم أربع مرات (1958 و1962 و1966 و1970) ولا يزال حتى الآن اللاعب الوحيد الذي توج باللقب ثلاث مرات (1958، 1962 و1970).
من جانبه، فرض مارادونا نفسه ساحرا دون منافس بين نخبة اللاعبين الذين عاصروه منذ بداية مسيرته في نادي “أرجنتينيوس جونيور” عام 1976 حتى انسحابه وسط هتافات الجمهور في ملعب “بونبونيرا” مع فريق قلبه “بوكا” في 1998. وشارك في كأس العالم أربع مرات أيضا، من 1982 لغاية 1994. وطبع مونديال المكسيك 1986 باسمه وقاد الأرجنتين إلى لقبها العالمي الثاني بعد مباريات قدم فيها لمحات لا تمحى من ذاكرة مشجعي اللعبة.
الشاب مارادونا في ضيافة الكهل بيليه
بسبب فارق العمر بينهما، لم يتواجه بيليه ومارادونا على الميدان لكنهما تنافسا وتبارزا عن بعد حول “الخلاف” الدائر بينهما وبين عشاق كرة القدم: من هو الأفضل والأعظم في تاريخ اللعبة ؟.
للمزيد- “ميسي أفضل لاعب على مر العصور والذين شاهدوا بيليه أو مارادونا تكون وجهة نظرهم عاطفية”
التقى الرجلان لأول مرة في أبريل/نيسان 1979 بمدينة ريو دي جانيرو عندما استضاف الأسطورة البرازيلي الموهبة الأرجنتيني وقدم له النصائح والإرشادات لأجل تطوير قدراته والحفاظ على لياقته البدنية.
وقال له: “لا تكترث بالمجاملات ولا تفكر فيمن هو الأفضل”، وأسر له أنه (مارادونا) وريث بيليه، لكن الحقيقة أن الأسطورة قال نفس الكلام للاعبين آخرين وأبرزهم الفرنسي ميشال بلاتيني صانع ألعاب يوفنتوس خلال السنوات الأولى في مسيرة “الفتى الذهبي” بنادي نابولي بين 1984 و1991.
أوجه الاختلاف بين الكهل المتقاعد والشاب الواعد
بدأت الصحافة الرياضية، سواء في جنوب أمريكا أو في أوروبا، ترصد أوجه الاختلاف بين الكهل المتقاعد والشاب الواعد إثر مونديال 1986 عندما فاز مارادونا والأرجنتين بالنجمة الثانية (بعد 1978). وهو الأمر الذي أثار استياء بيليه، الذي لم يتردد في التقليل من شأن إنجاز “دييغو” قائلا “لديه رجل واحدة.. سجل أبرز هدف في مسيرته باليد (في مرمى إنكلترا بالمكسيك)”…
للمزيد- متحف خاص بدييغو مارادونا في نابولي عرفانا لما قدمه للنادي وللمدينة
لم يكترث مارادونا بهذه الانتقادات، بل استمرت إنجازاته المبهرة إذ قاد فريقه نابولي في 1987 لإحراز لقب بطل الدوري الإيطالي للمرة الأولى في تاريخ النادي ثم قاده للفوز بكأس إيطاليا في نفس العام وبكأس الاتحاد الأوروبي في 1989 ثم للقب ثان بالدوري المحلي. لكنه فشل في الحفاظ على كأس العالم في 1990 إذ خسر في النهائي أمام ألمانيا 1-صفر. وانسحب من مونديال 1994 بالولايات المتحدة بعد ثبوت تناوله مادة محظورة.
وكانت تلك أحد الفوارق البارزة بين بيليه ومارادونا. ففيما حافظ الأول حتى موته على صورة اللاعب الوفي لفريقين (سانتوس وكوزموس) والرجل المنضبط المؤدب، انتشرت مسيرة الثاني على ستة أندية وتخللتها محطات خارجة عن القانون لا سيما تعاطيه المخدرات خلال ملحمته مع نابولي. وفيما شغل بيليه منصب وزير الرياضة في بلاده من 1995 و1998 وتلقى جائزة “الكرة الذهبية الشرفية” من الفيفا في 2014، اقترب مارادونا من بعض القادة المنبوذين مثل الكوبي فيدل كاسترو أو الفنزويلي هوغو تشافيز.
اللاعب “اليساري الثوري” ضد اللاعب “اليميني المقرب من الزعماء”
تبادل الرجلان التهم والانتقادات في أكثر من مناسبة، فقد صرح الأرجنتيني يوما “إن مكان بيليه في المتحف”، فيما دعا بيليه لتجريد غريمه الأرجنتيني من ألقابه بسبب تناوله المنشطات. وظهرت قمة التنافس بينها في عام 2000 عندما نظم الاتحاد الدولي لكرة القدم انتخابات افتراضية لتحديد “أعظم لاعب في تاريخ كرة القدم”. وفاز بيليه بتصويت الخبراء والأخصائيين لكن مارادونا انتزع غالبية أصوات عشاق اللعبة عبر العالم، وبالتالي رفض التصويت والوقوف إلى جانب “خصمه”.
للمزيد- “بإمكانك الوصول إلى الألف هدف”
وبشكل عام، ارتبط اسم مارادونا بصورة اللاعب اليساري والثوري الذي حظي بحب الجمهور فيما اسم بيليه تم وصفه على أنه من اليمين ومقرب من الزعماء. لكن ساعة التصالح بين الرجلين دقت في عام 2005 عندما وجه الساحر الأرجنتيني دعوة للأسطورة البرازيلي لحضور برنامجه “لا نوتشي ديل 10” (سهرة رقم 10) على التلفزيون الأرجنتيني، فحدث العجيب الغريب إذ تحدثا وتنافسا عن كرة القدم وتعانقا، وتبادلا الأقمصة والكرات الرأسية وسط تصفيق الجمهور. وفي يونيو/حزيران 2016، شارك بيليه ومارادونا في حفل رياضي في باريس.
لحق بيليه بمارادونا إلى “السماء” في 20 ديسمبر/كانون الأول 2022، وأصبح بإمكانه الانضمام إلى “الفتى الذهبي” آملا أن “يلعبا كرة القدم سويا”.
علاوة مزياني
//platform.twitter.com/widgets.jshttps://platform.instagram.com/en_US/embeds.js
مصدر الخبر
للمزيد Facebook