آخر الأخبارأخبار دولية

بفضل إنجازات “الأسود” المونديالية…كيف استفاد المغرب من “دبلوماسية الكرة” لتلميع صورته عربيا ودوليا؟


نشرت في: 21/12/2022 – 14:03

بعد مسيرة أسود الأطلس التاريخية في مونديال قطر، يطمح المغرب في استثمار هذا الإنجاز الفريد قصد تعزيز قوته الناعمة على الصعيد الدبلوماسي، وتغيير صورته لدى الرأي العام العربي المناهض للتطبيع مع إسرائيل، فضلا عن تعزيز جاذبية البلد السياحية، الذي كان محط اهتمام عالمي غير مسبوق لا سيما لدى قادة الرأي.

أحدث بلوغ المنتخب المغربي إلى نصف نهائي مونديال قطر 2022، وللمرة الأولى لبلد أفريقي وعربي، حماسا وإعجابا وفرحة عارمة تخطت حدود المملكة، و”رسم صورة رائعة عن المغرب الذي يعتمد منذ سنوات أساليب القوة الناعمة لتثبيت مكانته على الصعيد الدولي”، وفق الباحث في السياسات الرياضية منصف اليازغي.

وفي السياق، أثار أيضا رفع لاعبين مغاربة للعلم الفلسطيني احتفالا بالانتصار في مباراتي ثمن وربع النهائي ضد إسبانيا والبرتغال، اهتماما واسعا نظرا لما يحمله من رمزية في التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في تظاهرة رياضية عالمية.

وهو أمر كان له صدى طيبا لدى الفلسطينيين الذين احتفلوا بانتصارات المنتخب وألف بعضهم أناشيد لتشجيعه.

وجاء ذلك بينما يقيم المغرب وإسرائيل علاقات قوية في إطار اتفاق ثلاثي تم أواخر العام 2020 نص أيضا على اعتراف واشنطن بسيادة المملكة على الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو.

وعلى الرغم من تأكيد الرباط أن الاتفاق لا يغير موقفها من القضية الفلسطينية، إلا أنه أثار انتقادات مناهضي التطبيع في المغرب والعالم العربي عموما.

هذا، وقد رأى ائتلاف “الجبهة المغربية لدعم فلسطين” في رفع “الأبطال المغاربة” العلم الفلسطيني “تأكيدا لروابط الأخوة المتينة” بين البلدين، مجددا الدعوة لقطع العلاقات مع إسرائيل.

أما الخبير في العلاقات الدولية تاج الدين الحسيني فيعتبر أن هذه العلاقات تقع “في إطار حق المغرب في الدفاع عن مصالحه المشروعة وتنويع شراكاته، من دون أن يعني ذلك أنه أدار ظهره للقضية الفلسطينية. وما رفع الأعلام الفلسطينية من طرف لاعبي وجماهير المنتخب إلا تأكيد على ذلك”.

“المغرب يلج ملعب الكبار”

وقد أثار الانتصار المغربي التفاف الجزائريين حول أسود الأطلس، رغم تجاهل الإعلام الرسمي لانتصاراتهم. ويعيش الجاران منذ عقود توترا دبلوماسيا على خلفية النزاع في الصحراء الغربية، الذي أججه قطع الجزائر لعلاقاتها مع الرباط صيف العام 2021.

ومن جهته، يرى المتخصص في تاريخ المغرب المعاصر بيار فرمورين أن هذا المنتخب “مكن المغرب من تحقيق انتصار رمزي على الجزائر. كما مكن من رد اعتبار رمزي على الصعيدين الرياضي والسياسي إزاء جيرانها إسبانيا والبرتغال وحتى فرنسا”، رغم الهزيمة أمام منتخبها في نصف النهائي.

وتابع قائلا: “لطالما حلم المغرب منذ عقود أن يلعب في ملعب الكبار وهو ما تحقق له هذه المرة”.

هذا، وتولي المملكة حيث تحظى كرة القدم بشعبية واسعة، اهتماما كبيرا للمنتخب الوطني وتعتبر المشاركة في كأس العالم هدفا استراتيجيا.

وبالموازاة “راهن المغرب في السنوات الأخيرة على دبلوماسية الكرة إزاء البلدان الأفريقية غذ عقد أكثر من 30 اتفاقية تعاون مع بلدان في القارة”، بحسب الباحث في السياسات الرياضية منصف اليازغي. موضحا “الأداء الرائع للمنتخب الوطني، الذي مثل أفريقيا أحسن تمثيل في المونديال، يأتي ليعزز هذا التوجه”.

وقد منحت وسائل إعلام محلية ودولية لانتصارات المنتخب على فرق أوروبية قوية، وعلى مدى ثلاثة أسابيع، أبعادا معنوية تجاوزت رقعة المستطيل الأخضر، لتعيد “الفخر” للأفارقة والعرب.

اهتمام عالمي وفرصة لتعزيز الإشعاع السياحي

أما على الصعيد الاقتصادي، فتعتبر المشاركة المتميزة لأسود الأطلس في مونديال قطر 2022 فرصة ثمينة لتعزيز الإشعاع السياحي للمملكة. فقد كان المغرب محط أنظار الجميع وجلب إليه اهتماما عالميا غير مسبوق لا سيما لدى قادة الرأي، كما قالت وزارة السياحة المغربية في بيان الأسبوع الماضي. وأشارت تقديراتها إلى أن اسم “المغرب” تم ذكره أكثر من 13 مليون مرة، وتم تسجيل أكثر من 130 مليون تفاعلا مع محتويات “المغرب” على وسائل التواصل الاجتماعي.

كما رأى المصدر نفسه أن ذلك يشكل “أداء أسطوريا، لاسيما وأن المعدل السنوي عادة ما يبلغ حوالي 500 ألف إشارة إلى -المغرب-“.

وفي السياق، يؤكد رئيس الفدرالية الوطنية للصناعات الفندقية لحسن زلماط أن “إنجازات المنتخب الوطني، والصورة الجميلة التي رسمها الجمهور المغربي، تعطينا جاذبية لا تقدر بثمن لدى ملايين المشاهدين” الذين تابعوا المونديال.

ويضيف زلماط بالنسبة لوجهة المملكة السياحية التقليدية لسياح أوروبا الغربية “فإنها ليست بالضرورة معروفة لدى السياح في آسيا أو أمريكا اللاتينية، اليوم صار المغرب معروفا في العالم بأسره”.

وفي الوقت نفسه، يشدد على ضرورة “العمل جيدا من أجل استثمار هذه الدعاية التي لم نكن نحلم بها”، لاستهداف أسواق جديدة من بينها الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين، إضافة إلى الشرق الأوسط وأفريقيا جنوب الصحراء، بينما تستعد المملكة لإطلاق “خارطة طريق” جديدة لتطوير القطاع.

ويذكر أن قطاع السياحة في المغرب لم يسترجع بعد وبصفة تامة عافيته منذ جائحة كوفيد-19. ويراهن المغرب هذا العام على بلوغ هدف 10 ملايين سائح، مقابل 13 مليونا في 2019.

ولكن هذه الصورة الإيجابية التي يحظى بها المغرب حاليا قد تخدشها الأحداث الأخيرة المتمثلة في تداول شبهات حول ضلوعه المفترض، إلى جانب قطر مضيفة البطولة، في فضيحة رشوة محتملة طالت البرلمان الأوروبي.

فرانس24/أ ف ب


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى