رسالة إلى باسيل.. كيف يقرأ العونيون مواقف السيد نصر الله المسرّبة؟!
في هذا السياق بالتحديد، يمكن فهم المواقف المنسوبة للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، والتي تمّ تسريبها عن قصد، بل عن سابق تصوّر وتصميم كما يُقال، حيث تعمّد الرجل توضيح كلّ “ملابسات” جلسة الحكومة، التي كشف فيها أنّ الحزب شارك فيها بعنوان “تلبية حاجات الناس”، بعيدًا عن أيّ رسائل سياسية، أو ما وُصِف بـ”الصفعة”، مؤكدًا في الوقت نفسه حرصه على التفاهم مع “التيار”، إلا إذا أراد الأخير خلاف ذلك.
صحيح أنّ هذه المواقف قد تبدو في جانبٍ منها إيجابيّة، من حيث سعي “حزب الله” إلى توضيح “الخلفيات الإنسانية” لموقفه من جلسة الحكومة التي فجّرت الخلاف مع “التيار”، لكنّها في الباطن وفي العمق، تحمل “رسالة مباشرة” تجاه باسيل، بعدما حاول الأخير وضع السيد نصر الله بمنأى عن السجال، بوصفه “غير كل الناس”، كما وصفه، فإذا به شخصيًا يتصدّى للدفاع، بما يؤكد أنّ كلّ القرارات تمرّ عبره، ما يفترض أصلاً أنّه من البديهيات!
انزعاج “حزب الله”
رغم هدوء وتيرة “الاشتباك” عمليًا، ثمّة من يقرأ خلف كلام الأمين العام لـ”حزب الله”، الذي لم يكن ليُسرَّب لولا رغبة قيادة الحزب بذك، أكثر من “رسالة امتعاض” موجّهة إلى “التيار الوطني الحر”، تتناغم بصورة أو بأخرى مع المضمون الذي سبق أن أصدره الحزب ردًا على مواقف باسيل، ما دفع الأخير إلى “إعادة التموضع” عبر رسائل “الود” التي وجّهها إلى السيد نصر الله، والتي يبدو أنّها لم تكن كافية لإنهاء ذيول الخلاف بالمطلق.
في هذا السياق، يعتبر المتابعون أنّ دخول السيد نصر الله شخصيًا في تفاصيل الخلاف لهذه الدرجة، وشرحه خلفيات المشاركة في جلسة الحكومة التي أوحى “التيار” بأنّها شكّلت “نكثًا بالعهد”، حين تحدّث عن “صادقين لم يفوا بالوعد”، شكّل بحدّ ذاته رسالة إلى باسيل، الذي كاد يتبنّى نظرية “الأجنحة” داخل الحزب، علمًا أنّ حديثه عن الحرص على التفاهم “إلا إذا” أراد “التيار” الانسحاب منه، شكّل بدوره رسالة جوهرية مهمّة.
ويرى المراقبون أنّ كلام السيد نصر الله المسرَّب ينطوي في جزء منه على رسالة “امتعاض” أراد الحزب إيصالها إلى “التيار” وجمهوره، خصوصًا أنّه كان قادرًا على تجاوز ما حصل، كما دأب في محطّات مشابهة في السابق، “امتعاض” يعبّر عنه جمهور الحزب بوضوح، في ضوء إصرار “العونيّين” دومًا على اعتبار أنّ التفاهم هو الذي حمى المقاومة وجعلها أقوى، بل كرّس “مشروعيتها”، كما لو أنّها بلا دعم “التيار” تفقد وجودها.
كيف يعلّق “التيار”؟
في مقابل هذه التسريبات، والقراءات “المتفاوتة” لها ولدلالاتها، لم يصدر أي تعليق رسمي عن “التيار الوطني الحر”، الذي يبدو أنّه نأى بنفسه إعلاميًا عن الخلاف مع “حزب الله”، منذ الإطلالة التلفزيونية للوزير باسيل، التي كان “العونيون” قبلها يذهبون بعيدًا في الهجوم على الحزب، واتهامه بـ”ضرب الشراكة” من خلال مشاركته في جلسة الحكومة، قبل أن يكتفوا بتوجيه الرسائل “المضمرة” في جلسات انتخاب الرئيس في مجلس النواب.
مع ذلك، لا يرى المحسوبون على “التيار” في الكلام المسرَّب للسيد نصر الله ما هو “مسيء”، بل يجدون فيه “مطالعة دفاعية” بعد الضجة التي أثيرت حول موقف “الحزب” من جلسة الحكومة، وهي “مطالعة” لا يوافق “العونيون” حليفهم عليها، ولكنّهم يضعونها في سياق السعي لترطيب الأجواء، بما قد يمهّد لـ”حوار مباشر” يفترض أن يعقد بين الجانبين في الأيام القليلة المقبلة، وقد بدأ الترتيب له وفق ما يؤكد بعض المطّلعين.
ولا ينكر المحسوبون على “التيار” أنّ جلسة الحكومة ليست السبب “العملي” للخلاف مع “حزب الله”، بقدر ما هو مضيّ الحزب في دعم ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، رغم الموقف الواضح للوزير باسيل، وكذلك للرئيس السابق ميشال عون، لكنّهم يتمسكون بنظرية “تطوير التفاهم” التي باتت ضرورة أكثر من ملحّة بعد الخلاف الأخير، علمًا أنّ هذا الشعار يرفعه “التيار” منذ أشهر طويلة، وقد تأكّدت الحاجة إليه اليوم.
قد يتلقف “التيار” بإيجابية تصريحات الأمين العام لـ”حزب الله”، وقد يكون لهذه المواقف بالفعل تبعات جيّدة على خط العلاقة، من خلال فتح قنوات الحوار المجمَّد بين الجانبين، لكنّ هذا الكلام، معطوفًا على البيانات التي صدرت، تدلّ على أنّ ما يحصل ليس مجرّد “غيمة صيف” كما يحلو للبعض وصفها، وعلى أنّ تفاهم مار مخايل يمكن أن “يهتزّ”، ما لم يبادر الطرفان إلى اتخاذ خطوات ملموسة في القريب العاجل…
مصدر الخبر
للمزيد Facebook