كيف يحاول العالم الاستعداد لمواجهة جائحة جديدة بعد ثلاثة أعوام على ظهور فيروس كورونا؟
نشرت في: 17/12/2022 – 14:48
بعد ثلاث سنوات من ظهور فيروس كورونا وما تبعه من أزمات صحية واقتصادية وحتى جيوسياسية، ينكب العلماء والباحثون والمنظمات الدولية على العمل لاستباق جوائح وأزمات صحية محتملة في المستقبل. ولكن معظم البحوث تعاني من نقص في التمويل بالإضافة إلى غياب ضمانات بتوزيع عادل للقاحات في حال اكتشافها.
في نفس هذه الفترة من سنة 2019، تمّ تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا في الصين، فكانت نقطة بداية انتشار جائحة ذات عواقب غير مسبوقة. فهل يتمكن الباحثون من منع التاريخ من تكرار نفسه في حال حدوث جوائح مماثلة مستقبلا؟
ردا على هذه السؤال، يقر وليام ردودريغيز الذي يرأس مؤسسة “فايند” التي ترعاها الأمم المتحدة وتسعى إلى تحسين الوصول إلى الاختبارات في العالم، “نحن لا نفعل ما يكفي للاستعداد للجائحة المقبلة”.
وتعد الاختبارات التي تساعد على الحد من انتشار المرض من بين الأدوات الحاسمة لتجنب ظهور جائحة جديدة مثل كوفيد.
ومن الأدوات الأخرى، التعرف على الفيروس أو البكتيريا التي يمكن أن تسبب الجائحة التالية، واكتشاف اللقاحات أو العلاجات الطارئة، وإنتاج وتوزيع هذه المنتجات، وما إلى هنالك.
كل هذا العمل يهدف إلى تفادي جائحة جديدة بعد ثلاث سنوات على كوفيد. إذا تمّ تشخيص الحالة الأولى لهذا المرض في كانون الأول/ديسمبر 2019. وبعد أقل من ثلاثة أشهر، أعلنت منظمة الصحة العالمية رسميا أن العالم يواجه جائحة ما لبثت أن هزت أركانه.
وانطلقت مفاوضات دولية الأسبوع الماضي في إطار منظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة الأوبئة العالمية في المستقبل. ووضع البنك الدولي صندوقا مخصصا لهذا الموضوع تموله دول مجموعة العشرين (يصل حاليا إلى 1,6 مليار دولار).
طفرات فيروسية
إضافة إلى العمل الدولي، توجد مبادرات خاصة أيضا. حيث خصّص رجل الأعمال الأسترالي جيفري كامينغ في أستراليا 170 مليون دولار لتمويل مركز أبحاث تديره الاختصاصية في الأمراض المعدية شارون لوين.
سيركز فريقها على تقنيات يمكن أن تكون بمثابة أساس لعلاجات قابلة للتكيّف بسرعة ضد مسببات الأمراض الجديدة. والنموذج الذي سيجري اتباعه في هذا المجال، هو لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال في مواجهة كوفيد-19. وقالت البروفيسورة لوين لوكالة الأنباء الفرنسية، إن المركز “سيصبح جاهزا” في غضون ستة أشهر.
ويتمثل الهدف في هذا الإطار في معرفة كيفية الاستجابة بشكل عاجل أمام مسببات غير معروفة للأمراض. ولكن التوقع يمر أيضا عبر تحديد المخاطر المعروفة.
من جانبها، تعمل منظمة الصحة العالمية على تحديث لائحة الميكروبات الخطرة. ومما يجب مراقبته على وجه الخصوص، فيروسات كورونا الأخرى بالإضافة إلى فيروس الإنفلوانزا، وأيضا الإيبولا وزيكا.
وتحذر عالمة الأوبئة جينيفر نوزو من جامعة براون الأمريكية، من أنه “لكل من هذه الفيروسات، تكفي بعض الطفرات” لزيادة نطاق انتشارها إلى حد كبير.
وتخضع مسببات أخرى للأمراض للمراقبة مثل ما يسمى “الفيروسات الرملية” التي تصيب القوارض ويمكن أن تصيب البشر، وفيروسات الحصبة والنكاف وفيروس “ماربورغ”.
أزمات كثيرة متوقعة والتمويل لا يكفي
هل ستكون جهود البحث هذه كافية؟ يخشى الكثير من الخبراء والناشطين نقص الإرادة السياسية قبل كل شيء، الأمر الذي يُترجم عبر مسألة التمويلات. ومن ثم، تسعى منظمة “تحالف ابتكارات التأهب الوبائي” (CEPI) (التي شاركت في تأسيسها عدة دول ومؤسسة بيل ومليندا غايتس لمواجهة الأوبئة) لجمع 800 مليون دولار لإكمال خطّة مدّتها خمس سنوات.
وقال ريتشارد هاتشيت رئيس المنظمة إنه يجب على صانعي القرار أن لا ينسوا مسألة الوباء حتى ولو كانوا “يركزون على الكثير من الأزمات الحالية”، في سياق جيوسياسي واقتصادي صعب.
وكيف يمكن ضمان حصول كل الدول، بما في ذلك الفقيرة، على اللقاح أو العلاج؟ يرد عالم الأوبئة على هذا التساؤل قائلا “بالنسبة لي، تتمثل مأساة كوفيد-19 في التوزيع غير المتكافئ للقاحات، حتى عندما تكون متاحة”.
يوافق الخبراء الذين تواصلت معهم وكالة الأنباء الفرنسية على هذا الأمر. سيكون من المستحيل الاستجابة بشكل جيد للجائحة المقبلة إذا لم تتمكن مناطق كبيرة مثل أفريقيا أو أمريكا الجنوبية أو جنوب آسيا أو الشرق الأوسط من الوصول إلى العلاجات، ولا سيما عن طريق إنتاجها بنفسها.
بالنسبة للعديد من الناشطين، سيكون من الضروري التخطيط لإنهاء العمل ببراءات الاختراع للعلاجات المحتملة ذات الأهمية الكبرى. لكن الفكرة تبدو غير واقعية في مواجهة معارضة قطاع الأدوية وجزء كبير من الدول المتقدمة.
فرانس24/ أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook