مصيره معلَّق والتئامه مستبعَد.. ماذا لو عقد حوار بري الخميس؟!
في نهاية الجلسة النيابية الأخيرة المخصّصة لانتخاب رئيس الجمهورية، والتي أفضت كسابقاتها، إلى “لا نتيجة” تغطي على ما بات هناك إجماع على توصيفه بـ”المسرحية الاستعراضية”، اقترح رئيس مجلس النواب نبيه بري “إنعاش” مبادرته الحوارية، عبر استبدال جلسة الخميس المقبل، وهي الأخيرة المفترضة لهذا العام، بطاولة حوار تجمع رؤساء الكتل النيابية، بحثًا عن “توافق” لا يبدو متوافرًا حتى الآن.
وإذا كانت أوساط رئيس مجلس النواب تؤكد أنّ مصير الحوار “معلَّق” على موقفي الكتلتين المسيحيتين الأكبر اللتين أفشلتا مبادرته الحوارية في شقّها الأول، فإنّ كلّ المؤشرات لا توحي بأنّ الحوار سيُعقَد الخميس، بعدما بدا أنّ “القوات” و”التيار الوطني الحر” ينتظران بعضهما، قبل أن تبادر الأولى وتعلن مقاطعتها للجلسة المرتقبة، بل تدعو الرئيس نبيه بري إلى “سحب دعوته إلى الحوار والعودة إلى نصوص الدستور”، وفق ما جاء في بيانها.
ويُعتقَد أنّ موقف “التيار” لن يكون بعيدًا عن موقف “القوات”، وقد مهّد له رئيسه الوزير السابق جبران باسيل في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، حين أكّد ترحيبه “المبدئي” بالحوار والتشاور، لكنّه أضاف عبارة “لكن” التي يحترفها، للحديث عن “مقوّمات” لم تنضج، والتشكيك مجدّدًا بـ”نوايا” من يدعو إلى الحوار ويطعن بالمدعوّين، قبل أن يعزّز موقفه بالانتقال إلى قطر، وفق المعلومات، حيث سيبقى ليشهد “نهائي المونديال”، باعتبار أنّ الرئاسة يمكن أن تنتظر!
ما المطلوب؟
تصرّ أوساط رئيس مجلس النواب على “حسن نيّة” الدعوة إلى الحوار، في ضوء المشهد “المملّ” الذي بات يطبع جلسات انتخاب الرئيس، التي باتت تُعقَد من باب “رفع العتب” ليس إلا، علمًا أنّ ما دفعه إلى “إحياء” الدعوة للحوار رغم فشلها في السابق، يكمن في مداخلات النواب، وتحديدًا المنتمين إلى “القوات اللبنانية”، الذين يطالبونه في كلّ جلسة لانتخاب الرئيس بلعب دورٍ ما، فإذا بهم أول من يشوّشون عليه في حال أطلق مبادرة ما.
ويسأل المحسوبون على رئيس المجلس عن “المطلوب” بالنسبة إلى القوى الرافضة للحوار، فهل المطلوب الإبقاء على المشهد “الاستعراضي” للجلسات، التي يصرّ النواب على عدم المسّ بها، والتي تحوّلت برأيهم إلى “طق حنك”؟ وأيّ دور ينتظره هؤلاء من رئيس مجلس النواب طالما أنّهم يرفضون الحوار بالشكل والمضمون؟ هل يريدون منه أن يتحوّل “ديكتاتورًا” ويقمع النواب، ويلزمهم بالحضور تحت طائلة “الطرد” مثلاً؟!
ويشدّد المؤيّدون لوجهة نظر بري على أنّ الحوار يفترض أن يكون “الأولوية” لجميع النواب في المرحلة المقبلة، في سبيل التواصل إلى “توافق الحدّ الأدنى”، إن جاز التعبير، والذي أثبتت كلّ الجلسات الانتخابية التي عقدت، من دون انقطاع، أنّ “لا انفراجة ممكنة” من دونه، طالما أنّ أيّ فريق غير قادر على الوصول إلى “أكثرية الثلثين” المطلوبة لتأمين نصاب الجلسات، ولا حتى “الأكثرية المطلقة” في حال تحقّق المستحيل والتأمت الدورة الثانية.
ماذا لو عقد الحوار؟
لكن، إذا كان التوافق مطلوبًا بالفعل بحدّه الأدنى من أجل إحداث “خرق” ينهي مشهدية جلسات الانتخاب المملّة، فإنّ السؤال الذي يطرحه الكثيرون: ماذا لو عقد الحوار الخميس أصلاً، ولو أنّ ذلك يبدو مستبعدًا في ضوء مواقف “القوات” و”التيار”؟ هل يمكن الرهان فعلاً على الحوار لحصول “مفاجأة ما” قد تمهّد لانتخاب الرئيس عمليًا، أو بالحدّ الأدنى، تفتح الباب أمام التوافق المأمول والمنتظر؟
يتّفق المؤيدون لالتئام الحوار والمعترضون على عدم إمكانية “الرهان” على جلسة الحوار، لو عقدت، لإحداث أيّ “خرق”، في ضوء التباينات الشاسعة في المواقف ليس بين مختلف القوى السياسية فحسب، بل حتى داخل الفريق الواحد، وهو ما ترجم بالسجال العلنيّ الأخير بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” مثلاً، معطوفًا على السجالات الأسبوعية بين قوى المعارضة بمختلف فروعها، من الأحزاب إلى التغييريين مرورًا بالمستقلّين.
ويقول العارفون إنّ الحوار إن جرى، قد يعطي انطباعًا إيجابيًا للرأي العام، وقد يسمح بتفادي “مسرحية جلسات الخميس”، والإيحاء بأنّ جهودًا تبذَل، لكنّه من الصعب أن يؤدي إلى أيّ توافق، علمًا أنّ الوزير باسيل مثلاً رفع “الفيتو” في وجه المرشحين الأوفر حظًا، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزيف عون، في ظلّ اعتقاد بأنّ معظم القوى باتت بانتظار “كلمة سرّ” تأتي من الخارج، ولم يحن أوانها بعد.
سواء عقد “حوار بري” الخميس أو لم يُعقَد، خصوصًا بعد موقف “القوات” الواضح والصريح، فإنّ كلّ الأجواء تؤكد أن أيّ “خرق” لن يحدث، وأنّ البلاد دخلت عمليًا عطلة الأعياد قبل الأوان، وليس سرًا أنّ انتخاب الرئيس لم يوضع بعد على “أجندة” السياسيين، وما سفر باسيل إلى قطر قبل الجلسة الانتخابية الأخيرة المفترضة لهذا العام، سوى أكبر دليل على “الأولوية” التي يعطيها للاستحقاق الداهم!
مصدر الخبر
للمزيد Facebook