هل يحمّل الراعي الأقطاب الموارنة مسؤولية الفراغ الرئاسي؟
قال الراعي، بعدما فوض رئيس الحكومة التحرك خارجيا لدفع عملية انتخاب رئيس للجمهورية خطوات متقدمة وعملية “إن البطريركية المارونية لا تتورط بالصراعات بين السياسيين والأحزاب. مواقفها تبقى فوق النزاعات والتنافس السياسي، ولا تنحاز إلا إلى الحق الوطني، وتلتزم المبادئ الوطنية الجامعة والثوابت التاريخية والدستور ببعده الميثاقي. وبالمناسبة ندعو الأحزاب إلى التعالي عن صراعاتها، لكي تخلق الظرف المناسب للقاءات ناجحة، وإلا لا قيمة لتكرار اجتماعات تذهب في مهب الريح كما هو حاصل منذ ثلاثة أشهر”.
هذا الكلام قاله البطريرك الراعي أمام رئيس “التيار” السيد جبران باسيل، الذي اقترح عليه العمل لحوار مسيحي – مسيحي. فما قيل في اجتماع الصرح البطريركي، والذي زاره أيضأ الرئيس عون، لا ُيفصَح عنه عادة، على رغم أن الكلام القليل، الذي قاله الراعي في دردشة مع الإعلاميين بعد لقائه باسيل، فيه الكثير من الواقعية، ويكشف إلى حدّ كبير طبيعة الحديث بينه وبين ضيفه، خصوصًا عندما نعى بكلامه أي إمكانية لحوار مسيحي – مسيحي جامع، مكتفيًا بالإشارة إلى احتمال أن يكون هذا الحوار ثنائيًا بينه وبين الأطراف المسيحية، كل على حدة.
أن ينسى فلن ينسى الراعي، أنه وفي الأيام الأولى لتوليه المهام البطريركية كيف أن الزعماء الموارنة الأربعة، الرئيس أمين الجميل، والرئيس ميشال عون (لم يكن قد انتخب رئيسًا يومها)، والدكتور سمير جعجع وسليمان فرنجية، خذلوه ولم يتجاوبوا مع دعوته إلى الحوار البناء بين بعضهم البعض، وذلك قبل “اتفاق المصلحة” في معراب، وقبل تفاهم “القوات” مع تيار “المردة” على تنظيم امورهم الشمالية.
فلو تجاوب الزعماء المسيحيون الأربعة يومها مع سعي الراعي وتنظيم خلافاتهم بما يؤّمن تفاهمهم على الأمور المشتركة لما أضطرّ أن يقول ما قاله ، وهو بدا في غاية الحزن لما آلت إليه أحوال القوى السياسية المسيحية التي تتحمل جزءًا كبيرًا من مسؤولة الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية، التي يتولاها عرفًا شخص ينتمي إلى الطائفة المارونية.
فلو كان الزعماء الموارنة متفقين في ما بينهم على المسلمات الوطنية كما هي الحال بالنسبة إلى “الثنائي الشيعي” لكانوا وفرّوا على البلد الكثير من الويلات والمصائب. ولو كانوا متفقين على اسم واحد لرئاسة الجمهورية لما استطاع الآخرون عدم مجاراتهم في هذا الاختيار، وإن لم يكن الشخص المختار “على ذوقهم”.
العقدة إذًا عند المسيحيين قبل غيرهم، وبالتحديد عند الموارنة، الذين فرقتهم “الكرسي الرئاسية”، والتي باتت تلاحقهم كاللعنة، وهي الأساس في تشتتهم وخلافاتهم ونزاعاتهم وصراعاتهم، الخفيّ منها والمعلن. وقد يكون الخفّي أكثر بكثير من المعلن.
ما سيقوله الراعي في مقبل الأيام هو تكملة لما قاله في السابق، وإن كان يميل إلى تسمية الأشياء بأسمائها، وتحميل الأقطاب الموارنة مباشرة مسؤولية الفراغ الرئاسي. وسيأتي اليوم، الذي “سيبق” فيها البطريرك الماروني، حامل أرث يوحنا مارون، البحصة العالقة في فمه، والتي تكاد تخنقه، وأن أوان قول الأمور كما هي قد نضج.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook