هل يفعلها البطريرك؟
“مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ”، عبارة من الكتاب المقدس غالباً ما يلجأ اليها بعض أهل السياسة المسيحيين عندما تقتضي حاجتهم الحزبية او النيابية او الوزارية، فيعتبرون ان بكركي مرجعاَ روحياً مزيلين عنها البعد الوطني والدور التأسيسي الذي لعبته عند قيام دولة لبنان الكبير.
وهذا البعض نفسه، يهروّل سريعا في الصباح والمساء نحو بكركي، واضعا بين يديها حقوق المسيحيين المنتهكة بفعل سنوات طويلة من الأزمات والتمترس وراء المصالح الخاصة لا بفعل تطبيق الدستور والمواد المتعددة التي سئم اللبناني سماع بنودها والشروحات حولها، اذ ان أقصى ما يتمناه في هذه الأيام هو تأمين متطلبات حياته بدءا من ربطة الخبز ووصولا الى امكانية دخوله الى المستشفى التي تحوّلت الى مهمة شاقة وشبه مستحيلة.
وبعيداً عن هموم المواطن، تظهر في هذه الأيام هموم أهل السياسة الى العلن بشكل واضح وأكيد، فصحيح انهم لا يبحثون عن تأمين لقمة عيشهم، لكنهم يبحثون حتما عن تأمين لقمة استمراريتهم.
وفي هذا الاطار، يؤكد مرجع مطلع لـ”لبنان 24” ان ” (التيار الوطنيّ الحرّ) بعدما دخل في دائرة الخصومة السياسية مع جميع الأفرقاء في لبنان دون استثناء، وجد نفسه مضطرا ان يتوجه نحو بكركي داعياً اياها لعدم التفريط بحقوق المسيحيين بعدما زعم انه تمكن من المحافظة عليها عبر ابرامه (اتفاق مار مخايل) مع الشريك الشيعي في الوطن الممثل بـ( حزب الله).
اذا، وبصورة صريحة، يدعو (التيار) بكركي الى الوقوف سد حصين بوجه كل من يخترق هذه الحقوق انطلاقا من وجهة نظره.
وبالتالي هو يدعوها اليوم، لرفع الصوت بوجه المكوّن الشيعي وتحديداً (حزب الله) حليفه الأساسي منذ العام 2005 وبوجه الطائفة السنية ممثلة بدار الفتوى وبرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، المدرك والمُختبر مفهوم العيش الواحد، فهو ابن عاصمة الشمال التي على الرغم من كل مشاكلها وأزماتها رفضت ان تلبس حلة التعصب والتقوقع ورفض الآخر“.
ويضيف المرجع ” على ما يبدو وجد (التيار الوطني الحرّ) نفسه وحيدا في معركته السياسية الحالية، فأراد ان يضع بكركي في الواجهة في محاولة واضحة للتلطي خلف عباءة، لم تكن يوماً سوى مع الحق والصدق والراغبين بوطن يعمه السلام والطمأنينة والبحبوحة والآمان.
فبكركي وان رأت فعلا ان هناك تخطيا للصلاحيات المسيحية، لن تقدم على المواجهة بالطريقة التي يرغبها البعض، فالبطريرك مار بشارة بطرس الراعي الذي اتخذ من عبارة (شركة ومحبة) شعارا منذ توليه السدة البطريركية، يؤمن تماما بأهمية الشراكة مع الآخر في هذا الوطن، ويدرك كيف يجعل هذا الآخر مؤمنا بدوره بأهمية عدم تخطي الدور المسيحي.
وأختيار الراعي لشعاره المذكور لم يكن من العبث، فمن خلاله يقول لكل اللبنانيين، لا يمكن ان تتم الشراكة بين بعضنا البعض دون ان نحب وطننا وبعضنا، ما يشير بوضوح الى ان شراكة الراعي مبنية على المحبة والحوار لا على العناد التمترس والتسجيلات المسربة من هنا وهناك“.
وفي ما يتعلق بالحوار، لاسيما بين الاقطاب الموارنة او القوى المارونية، يشير المرجع عينه الى ان ” البطريرك الراعي لديه علامات استفهام كثيرة حول الجدوى من عقد حوار ماروني داخل أروقة بكركي، فجدران الصرح شاهدة وبصمت مخيف على اعتراف القادة الموارنة، سمير جعجع وميشال عون وسامي الجميّل وسليمان فرنجيه، بأنهم لن يقفوا بوجه وصول اي أحد منهم الى سدة الرئاسة الأولى بحال اجتمعت كل الظروف الملائمة التي تساعد انتخابه رئيسا للبلاد.
وفي هذا السياق، يسأل الراعي عن مدى احترام هذا الاعتراف، ويسأل عن مدى تعاطي الأقطاب الموارنة معه بجدية وصدقية.
لذلك ولألف سبب آخر، على الرغم من رغبته الدائمة في الحوار بين اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا، قد لا يفعلها الراعي هذه المرة وقد لا ينجرّ وراء الدعوات الوهمية الى الحوار، رافعا عصاه بوجه كل من لم يحترم ما اتفق عليه داخل الجدران المقدسة”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook