آخر الأخبارأخبار دولية

“لم يتم بلوغ نقطة التحول الحاسمة بعد، لكنها ليست بعيدة”


نشرت في: 06/12/2022 – 14:05

أمام تفاقم الحراك الاحتجاجي في إيران بعد دعوات جديدة من الناشطين الإثنين لإضراب مدته ثلاثة أيام، أعلن النائب العام السبت حل شرطة الأخلاق المسؤولة عن مقتل مهسا أميني في أيلول/سبتمبر الماضي. لكن يدعو المراقبون إلى الحذر من هذا الإعلان، الذي رأى فيه الكثيرون أول الأمر، نكسة للنظام.

في رد على أسئلة طرحت له إثر خطاب ألقاه خلال مؤتمر ديني في مدينة قم، أعلن المدعي العام الإيراني حجة الإسلام محمد جعفر منتظري السبت 3 ديسمبر/كانون الأول حل شرطة الأخلاق التي تم تأسيسها عام 2006 والمتهمة بقتل الشابة مهسا أميني. وأوضح منتظري قائلا إن “شرطة الأخلاق ليست لها علاقة بالسلطة القضائية ومن ألغاها هو مؤسسها”.

بعد يومين عن الإعلان، بدت الأمور تبدو أقل وضوحا. فبالنسبة للمؤرخ المتخصص في الشؤون الإيرانية جوناثان بيرون، الوضع عكس التوقعات، إذ تبدو الحكومة أكثر تشددا من أي وقت مضى. وأوضح الباحث أن “شرطة الأخلاق لم تلغ في إيران. وكلام المدعي العام غامض وأسيء تفسيره. إلزامية ارتداء الحجاب ليست محل مراجعة السلطات والسلطة لا تقدم تنازلات بهذا الشأن بل تتبع منطقها القمعي”.

الحجاب جزء من الحمض النووي” للنظام

على مستوى ردود الفعل الدولية، قالت واشنطن وبرلين الإثنين، إنهما لا تتوقعان “أي تحسن” في وضع المرأة في إيران، وبحسب منظمة “حقوق الإنسان في إيران” ومقرها النرويج، أعدمت طهران هذا العام أكثر من 500 شخص، فيما أسفر قمع المظاهرات عن اعتقال نحو 14 ألف شخص بحسب الأمم المتحدة منذ بدء الاحتجاجات في أيلول/سبتمبر.

إن التراجع عن إلزامية ارتداء الحجاب، وهو أحد أعمدة النظام منذ عام 1983، يبدو مستحيلا بالفعل. يقول ديفيد ريجوليه روز الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس: “لا يمكن للنظام أن يتراجع عن إلزامية ارتداء الحجاب. إذا وافق على التراجع عنه، فسيكون الأمر كما لو ينكر نفسه. الحجاب جزء من حمضه النووي. من وجهة النظر هذه، يمكن القول إن النظام غير قابل للإصلاح لأنه لا يستطيع تغيير هويته” نفسها.

وبناء على ذلك، يخشى الباحث في العلوم السياسية زيادة العنف، في الوقت الذي تخلع فيه المزيد من النساء الحجاب. وفي هذا السياق استدعت السلطات مدير سلسلة من المتاجر الإثنين لموافقته على خدمة حريفات دون حجاب، وفقًا لمعلومات من راديو فاردا (باللغة الفارسية).

كما تم أيضا إغلاق مدينة ملاهي في طهران لأن موظفاتها لم يرتدين الحجاب. وأوضح ديفيد ريغوليه روز قائلا: “لن يرتدين حجابهن مرة أخرى معرضين حياتهن للخطر. تم بلوغ نقطة اللاعودة. وهناك نساء يرغبن في الاستمرار في لبس الحجاب لكنهن يدعمن من يخلعنه، باسم حرية الاختيار”.

“ثورة في الأفق”

وفي هذا السياق، يبدو الإعلان عن إلغاء شرطة الأخلاق هو محاولة لصرف الاهتمام عشية الدعوة إلى إضراب وطني جديد لمدة ثلاثة أيام. ويتابع ديفيد ريجوليت روز تحليله: “من المحتمل أن يكون ذلك شكل من أشكال جس النبض وهو تصريح  ازدواجي وغامص، عمدا، لأنه من حيث التوقيت، يأتي قبل ثلاثة أيام من الإضراب الذي أعلن عنه على شبكات التواصل الاجتماعي لبداية الأسبوع. والهدف هو معرفة ما إذا كان هذا النوع من التصريحات قادرا على نزع فتيل الديناميكية التي انطلقت”.

ومع ذلك، فإن هذا الإعلان لم يؤثر بأي شكل من الأشكال على حماس المتظاهرين الإثنين. ولاقى الإضراب في يومه الأول استجابة من تجار وجامعات عدة مدن في جميع أنحاء البلاد، مثل شاهينشار، الواقعة قرب أصفهان حيث يلاقي التحرك صدى على نطاق واسع.

ومن الجدير بالذكر أن عمالا دخلوا أيضا الإضراب، على غرار عاملين في مصنع “ماهشهر” للبتروكيماويات. نقطة مهمة للنظام الذي  يراقب القطاع عن قرب: ففي عام 1978، أدى الإضراب الكبير لمصانع البتروكيماويات إلى سقوط الشاه.

ووفق ما أفاد راديو فردا فإن 500 عاملا متعاقد في مصنع “ماهشهر” للبتروكيماويات توقفوا عن العمل منذ الأحد للمطالبة بزيادة الأجور. وفي هذا دليل وفق المختصة في علم الاجتماع الفرنسية-الإيرانية آزاده كيان، أن الحكومة الإيرانية تواجه “ثورة في الأفق”.

ووفق قولها فإن “التجار، وهي مهنة كانت مقربة جدا من النظام، استجابوا إلى حد كبير لإضراب الإثنين، وكذلك عمال مصانع البتروكيماويات والصلب وسائقي الشاحنات وطلاب المدارس الثانوية وطلاب الجامعات والمدرسين … نرى أن الحركة تتسع ولا تضعف “.

هذه الحركة غير المسبوقة من حيث رقعتها ومدتها، لا ينقصها سوى “نقطة تحول” لتصبح حقا ثورية. ويشير ديفيد ريجوليت روز إلى أن “الشباب لم يعودوا خائفين، على عكس الأجيال السابقة – لقد انتقل الخوف إلى معسكر آخر، كما نقول اليوم في إيران – ويدعمهم آباؤهم، وحتى أجدادهم. الوضع غير مسبوق، حتى لو كان يفتقر لـ”التحام النضالات” على مستوى المجتمع كاملا. لم يتم بلوغ نقطة التحول بعد، لكنها ليست بالضرورة بعيدة “.

فرانس24


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى