جدل حول اللقاء مع الكتائب.. حزب الله يكرّس سياسة الانفتاح؟!
أثارت الأنباء عن لقاء جمع “حزب الله” و”الكتائب اللبنانية” في الساعات الأخيرة جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية، حيث سارعت الصيفي إلى نفي حصوله أساسًا، مكذّبة كلّ المعلومات التي تمّ تداولها بشأنه، فيما كان المحسوبون على “حزب الله” يؤكدون أنّه تمّ، ويدرجونه في سياق “سياسي بامتياز”، رافضين حصره في إطار “اجتماعي”، وفق ما أوحت به بعض التسريبات من هنا أو هناك.
وإذا كان نفي “الكتائب” جاء بعد “ضجّة” اثارتها المعلومات المتداولة، سواء على مستوى قوى المعارضة بصورة عامة، أو حتى داخل صفوفه، في ضوء ما يُحكى عن “تسوية” يسعى “حزب الله” إلى إقناع سائر الأطراف بوجوب الذهاب إليها، فإنّ تأكيد أوساط “الحزب” للقاء اندرج في سياق الترويج لسياسة “انفتاح” يعتمدها الحزب في التعاطي مع مختلف الأفرقاء، بما يخدم “أجندته”، خصوصًا في مقاربة الاستحقاق الرئاسي “العالِق”.
وفيما يذهب العارفون بأدبيّات “حزب الله” لحدّ وضع اللقاء في سياق “موازٍ” لقنوات التواصل التي يفتحها “الحزب” مع العديد من القوى والمرجعيات، من البطريرك الماروني بشارة الراعي، إلى رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، فإنّ علامات استفهام تُطرَح عن “الغايات” التي ينشدها الحزب من هذه السياسة “المنفتحة”، وعن احتمالات قدرته على تحقيق أيّ “خرق عملي” على أرض الواقع بنتيجة ذلك.
إحراج “الكتائب”
سواء حصل اللقاء بين “حزب الله” وحزب “الكتائب اللبنانية”، فإنّ تداول المعلومات حوله شكّل، ظاهريًا على الأقل، “إحراجًا” لـ”الكتائب” الذي سارع لاحتواء الضجّة بصورة أو بأخرى، خصوصًا انّ اللقاء، إن حصل، لا يبدو “متناغمًا” مع التصريحات التي يطلقها مسؤولو الحزب في الآونة الأخيرة، خصوصًا بعد تلويح رئيسه النائب سامي الجميل بإعلان “الطلاق” مع “حزب الله” نتيجة مواقفه وسلوكياته.
وإذا كان “الكتائبيون” أرادوا طمأنة “الحلفاء والشركاء” في المعارضة من خلال رفضهم منطق “الصفقات” التي يروّج لها البعض، وهم الذين لم يدخلوا أساسًا في “التسوية الرئاسية” عام 2016، ووقفوا ضد “تفاهم معراب”، فإنّهم أرادوا تسجيل نقطة أساسيّة من حيث “الشكل”، تتعلق بالطابع “السرّي” الذي سعى البعض لإضفائه على اللقاء، وهو ما أكّدته أوساطه بالقول إنّ أيّ لقاء يشارك فيه الحزب يكون علنيًا، ولا شيء يخجل منه.
وفيما يرى العارفون أنّ إحراج “الكتائب” من المعلومات المسرّبة قد يكون مفهومًا، يشيرون إلى أنّ موقف الحزب على حاله، سواء حصل اللقاء أم لم يحصل، إذ يؤكد الدائرون في فلكه أنّه باقٍ في تموضعه في صفوف المعارضة، وهو ليس جاهزًا للدخول في أيّ “تسويات”، وهو على العكس من ذلك، يطالب “حزب الله” قبل غيره بـ”تحرير” استحقاق الرئاسة، والكف عن تعطيل نصاب الجلسات، وهو ما قاله الجميل من قلب مجلس النواب الخميس الماضي.
رسائل “حزب الله”
في المقابل، بدا تسريب المعلومات عن اللقاء “مفيدًا” بالنسبة إلى “حزب الله”، الذي أراد على الأرجح توجيه “رسائل” إلى الجميع، بوجوب “الحوار والتفاهم”، وهو الذي يؤكد منذ بدء “بازار الرئاسي”، على ضرورة “التوافق” بين مختلف النواب، بدلاً من انتهاج خط “التحدي والمواجهة”، ردًا على كل الاتهامات التي توجَّه إليه بالوقوف خلف “الانسداد السياسي” من خلال تطيير نصاب الجلسات المخصّصة لانتخاب الرئيس.
ويقول العارفون بأدبيّات الحزب إنّ سياسة الانفتاح التي يمارسها الحزب، والحوار الذي يفتحه مع مختلف القوى المعنية وعلى رأسها بكركي، تأتي منسجمة بالكامل مع مسعى الحزب للتأكيد على أهمية “التوافق” الذي لا بديل عنه في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، وهو ما يكرّره أساسًا نواب كتلة “الوفاء للمقاومة” في مجلس النواب على هامش جلسات انتخاب الرئيس، ويؤكدونه عبر قنوات التواصل مع مختلف القوى والفاعليات.
وبمعزل عن أنّ “المرشح المفضّل” لـ”حزب الله” للرئاسة بات شبه معروف للقاصي والداني، ألا وهو رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، إلا أنّ عدم الإعلان عنه صراحة حتى الآن، وإن ارتبط في جانب منه بمعارضة رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل له، يندرج في سياق بحث الحزب عن هذا التوافق تحديدًا، ورغبته في أن يكون فرنجية نتيجة “توافق وتفاهم” شاملين، بعيدًا عن فكرة “مرشح الفريق”.
بالنسبة إلى “حزب الله”، فإنّ “الانفتاح” على جميع القوى، والتي تصنَّف في موقع “خصومة” معه قبل غيرها، يكتسب أهمية كبرى على أبواب الاستحقاق الرئاسي، ليس فقط رغبة منه في “تبرئة” نفسه من تهمة “التعطيل” باعتبار أنّ المطلوب تحقيق التوافق من أجل “تحرير” الرئاسة، ولكن أيضًا من أجل تأمين مقوّمات النجاح لمرشحه غير المُعلَن، في “استراتيجية” لا تزال غير واضحة بالكامل بعد…
مصدر الخبر
للمزيد Facebook