الوكالة الوطنية للإعلام – الجمهورية: الملف الرئاسي: مشاورات ولا اختراقات .. واشنطن تستعجل الرئيس والاصلاحات
وطنية – كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: بداية اسبوع جديد على صفيح سياسي ساخن، عاد فيها الخطاب الصدامي المتبادل ليلامس مسائل إشكاليّة شديدة الحساسية على المستويين السياسي والطّائفي، ولاسيما في ما خصّ الأعراف المعمول بها، حيث بدأت تقارَب بسؤال اعتراضي على المنحى التعطيلي للملف الرئاسي، حول ايهما اقوى الدستور ام الاعراف، مع ترجيح كفّة الدستور؟
كانت لافتة للانتباه في هذا الاطار، النبرة الغاضبة التي قارب بها البطريرك الماروني بشارة الراعي من روما، ما اعتبره التعطيل المتعمّد لانتخاب رئيس الجمهورية، ملقيا بمسؤولية هذا التعطيل على مجلس النواب. وملاقيا بذلك دعوات بعض النواب التغييريين الى ابقاء جلسات المجلس الينابي مفتوحة حتى انتخاب رئيس الجمهورية.
التعطيل سياسي
واذا كان ثمة من يعتبر ان غضب البطريرك الراعي مبررا، ومنطلقه موضوعي رافض لاستمرار الخلل في الموقع الماروني الأول في الدولة المتمثل في الفراغ في رئاسة الجمهورية، الا ان العامل المانع لملء هذا الفراغ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكما تقول مصادر مجلسية لـ”الجمهورية”: “سببه الاول والاخير الانقسام السياسي في البلد، والصراعات والتناقضات ومنطق التحدي القائم، خصوصا بين المكونات المسيحية والمارونية تحديدا، التي تستحيل معها صياغة توافق على شخصية توافقية لرئاسة الجمهورية. فهذا التوافق إن حصل يؤدي حتما الى انتخاب فوري لرئيس الجمهورية، ودون هذا الاتفاق، سيستمر هذا الخلل قائما بلا سقف زمني، هذه هي حقيقة المشهد الرئاسي لا اكثر ولا أقلّ”.
ولفتت المصادر الى “ان اثارة موضوع النصاب لا تقدم اكثر من اثارة مزيد من الغبار في الاجواء السياسية”. وقالت: المسألة ليست مسألة نصاب انعقاد او نصاب انتخاب، فالآلية التي تحكم انتخاب رئيس الجمهورية واضحة ومعمول بها دستورا وعرفا منذ ما قبل الطائف وبعده، وبالتالي لا حياد عنها على الاطلاق لجهة ان نصاب الانعقاد والانتخاب هو نصاب الثلثين، بل ان هذه المسألة تثار لتغطية التناقضات وتصادم التوجّهات السياسية حيال الملف الرئاسي”.
وردا على سؤال حول عدم فتح دورة انتخابات ثانية في جلسات الانتخاب، قالت المصادر: في المبدأ لا موجب لأي تأخير في انتخاب رئيس الجمهورية، ولكن اللعبة البرلمانية هي التي تحكم في نهاية الامر، فكما ان حضور الجلسات الانتخابية واتمام نصابها حق للنواب، كذلك عدم الحضور وافقاد النّصاب حق لهم، وجزء من اللعبة البرلمانية والسياسية، وتبعا لذلك لا مخرج لهذا الامر سوى بالجلوس على الطاولة والتوافق”.
مشاورات ولا اختراقات
الى ذلك، لم يحد المشهد الرئاسي القائم، قيد انملة عن حقل التعقيدات العالق فيه، ولا تشي الاجواء المرتبطة به الى اختراقات ممكنة في جدار التعطيل، ما يبقي الجلسة الانتخابية المقبلة معلقة على حبل الفشل. بما يؤكد ان مجلس النواب امام اخفاق ثامن في انتخاب الرئيس، يتنافس فيه النائب ميشال معوض مع الاوراق البيضاء.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري سبق له ان حذر من تحول الجلسات الانتخابية في مجلس النواب الى مسرحية وهو ما اكده مسلسل الجلسات الفاشلة. واجواؤه ربطا بمجريات تلك الجلسات تعكس ضيقا من المراوحة في جلسات انتخابية مملة وغير منتجة وتكرر الفشل وتضيع الوقت من دون اي طائل. وهذا ما قد يدفع برئيس المجلس الى وقف هذا المسلسل، والاستعاضة عنه بعقد جلسات انتخابية متباعدة، لعل ذلك يفسح في المجال لاجراء اتصالات ومشاورات،
واكدت مصادر سياسية موثوقة لـ”الجمهورية” ان الاتصالات الداخلية شبه مجمّدة، حيث لم تبد مكونات الانقسام الداخلي ايّ رغبة في فتح قنوات التواصل، بل هي مقيّدة نفسها في منحى التصعيد والتوتير السياسي، ربما في انتظار بروز معطيات ورياح خارجية تهب على الملف الرئاسي.
ولفتت الى ان الرئيس بري وعلى الرغم من تعليقه لمبادرته الحوارية، اكد انه لن يبقى مكتوف اليدين حيال الازمة الرئاسية، ومن هنا جاءت فكرة المشاورات الثنائية، الا ان المسعى المنتظر من قبل الرئيس بري لم يتبلور بصورته النهائية بعد، فالهدف الاساس لأي خطوة يقوم بها هو تعبيد الطريق الى انتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق فللرئيس بري مقولة دائمة مفادها ان يدا واحدة لا تصفق. وهو تبعا لذلك لن يقدم على أي خطوة يكون مصيرها الدوران في الحلقة المفرغة، بل ان ما سيبادر اليه سيخبّر عن نفسه بنفسه، حيث تحدّد اوانه الظروف الملائمة له، وهي لا تبدو متوفرة حتى الآن.
مشاورات بين الحلفاء
وبحسب متابعين للمشهد الرئاسي، فإنّ صورة المواقف الداخلية تعكس انسدادا كاملا، حيث ان المصنفين في خانة المعارضة، لم يتمكنوا من تجميع صفوفهم والالتفاف حول من يسمونه مرشّحا سياديا، والجبهة الداعمة لترشيح النائب ميشال معوض تعاني التصدّع، وهو الامر الذي يبقي النسبة التي ينالها في حدود الاربعين صوتا، ويهدد بانخفاضها اكثر، والواضح في هذا السياق الافتراق الكامل بين القوات اللبنانية وغالبية النواب التغييريين.
واما في الجهة المقابلة، فإن ثنائي حركة “أمل” و”حزب الله”، لم يتمكنا بعد من حشد الدعم لمرشحهما، وفي هذا الاطار، اكدت مصادر موثوقة لـ”الجمهورية” ان مشاورات “حزب الله” مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل دارت في حلقة مفرغة نتيجة التصلب الذي يبديه باسيل حيال المرشح المدعوم من الحزب، ورغم ذلك فإنّ الحزب لم يغلق باب التواصل والتشاور مع باسيل، فالتواصل مستمر بعيدا عن الضوء، علما ان الحزب يقرّ بوجود صعوبات جدية في هذه المهمة، إلا انّه لا يرى ان الباب مقفل على امكان حدوث اختراق في اي وقت.
الدفع الخارجي
الى ذلك، وفيما أكد مرجع مسؤول لـ”الجمهورية” أنّه ما يزال على تفاؤله في امكان حسم الملف الرئاسي في المدى القريب، مشيرا الى ما سماها “اتصالات جدية جدا” تجري على مستوى الداخل، متواكبة مع قنوات ديبلوماسية مفتوحة في اكثر من اتجاه خارجي، والفرنسيون متحمّسون لانضاج انتخابات رئاسية توافقية، وخلافا لما يتردد داخليا، لا “فيتو” على أي من المرشحين.
دفع اميركي
الى ذلك، عكست زيارة وفد الكونغرس الاميركي الى بيروت، تأكيدا متجددا من الولايات المتحدة الاميركية على وجوب اتمام لبنان لاستحقاقاته الدستورية وفي مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية.
وبحسب معلومات “الجمهورية” فإن الوفد اكد خلال لقاءاته مع كبار المسؤولين اللبنانيين، الموقف الاميركي لناحية الحرص على استقرار لبنان، والدعم لمؤسساته الامنية وفي مقدمها الجيش اللبناني. ونظر بايجابية بالغة الى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسارائيل.
وتضيف المعلومات ولا يوافق المرجع على ما قيل عن ان شهر كانون الاول المقبل، هو شهر ميّت رئاسيا، ربطا بعطلتي الميلاد ورأس السنة، وقال: لا توجد أيّ عطلة، حيث ان كل الاحتمالات ممكنة، والتسوية الرئاسية واردة في اي لحظة، ولبنان بلد المفاجآت ومن ضمنها اننا قد ننام على سلبيات، ونستيقظ على انتخاب رئيس.
ان الوفد الاميركي اعرب عن التضامن مع الشعب اللبناني، مشددا على اهمية تعجيل اللبنانيين في انتخاب رئيس للجمهورية يحقق تطلعات اللبنانيين، مشددا على النواب انجاز هذا الامر في اسرع وقت ممكن”.
كما شدد على تأليف حكومة جديدة، تبادر سريعا في اتخاذ الخطوات الانقاذية والاصلاحية، وانفاذ متطلبات صندوق النقد الدولي، باعتبارها السبيل الى اخراج لبنان من ازمته.لافتا الى ان هناك تحديات كثيرة سيشهدها العام 2023 عالميا ومنها ما يتعلق بالأمن الغذائي وتأمين المساعدات من الولايات المتحدة للدول الصديقة، لذا يتوجب على المشرعين والسياسيين اللبنانيين بذل جهود كثيرة لوضع لبنان على سكة التعافي التي لا تتم من دون محاربة الفساد واقرار القوانين المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي”.
سجال التجنيس
على صعيد آخر، فتح مرسوم التجنيس سجال بين الرئيس السابق ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال، على خلفية ما اورجه ميقاتي حيال هذالا الامر في مقابلته التلفزيونية الاخيرة حيث اعتبر المكتب الاعلامي لعون ان الحديث التلفزيوني لميقاتي تضمّن سلسلة مغالطات وتحريفاً للوقائع، بعضها يتكرّر عن قصد، على رغم أنه سبق أن صدرت توضيحات حول حقيقة الملابسات التي رافقت تشكيل حكومة جديدة قبل انتهاء الولاية الرئاسية”. أضاف في بيان “إلا ان ما يجدر التوقّف عنده كانت الطريقة التي روى فيها الرئيس ميقاتي مسألة استصدار مرسوم بتجنيس أشخاص، علماً أن هذا الموضوع غالباً ما يتكرّر في روايات مختلفة في وسائل الإعلام على ألسنة سياسيين وإعلاميين على نحوٍ مغاير للواقع”.
ميقاتي يرد
ورد المكتب الاعلامي لميقاتي على بيان مكتب عون اعلن فيه ان الرئيس ميقاتي يجدد تمسكه بكل ما اورده في حديثه التلفزيوني ليل الاحد بشأن ملف التجنيس، مكتفيا بهذا القدر احتراما لفخامة الرئيس ميشال عون ولمقام رئاسة الجمهورية. فاقتضى التوضيح”.
الدولار الجمركي.. ظلم مزدوج
اقتصاديا وماليا، فقد سبق للبنك الدولي ان اصدر في تشرين الاول الماضي تقريرا حول نسب تضخم اسعار المواد الغذائية في دول العالم. وتبين ان لبنان احتل المرتبة الثانية عالمياً بعد زيمبابوي، في حين حلّت فنزويلا في المرتبة الثالثة. وبالأمس، أعاد البنك الدولي نشر مقتطفات من تقريره على حسابه على “تويتر” وكأنه أراد التذكير بفداحة هذه المشكلة. وصودف ان هذا التذكير يأتي قبيل ثلاثة ايام فقط من بدء تنفيذ ما يُعرف بالتسعيرة الجديدة للدولار الجمركي في لبنان، على 15 الف ليرة بدلا من 1500 ليرة.
ومع انطلاق العمل بالدولار الجمركي الجديد، تشير التوقعات الى ان اسعار السلة الاستهلاكية للمواطن سوف ترتفع بسرعة، خصوصا اذا شملت الى المواد الغذائية، المواد الضرورية الاخرى، مثل المعدات الكهربائية وسواها من السلع التي لا يمكن تصنيفها في خانة الكماليات، بل هي في صلب الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها.
وضمن هذه السلة الاستهلاكية تشير التقديرات الاولية الى ان معدل الاسعار سوف يرتفع في غضون فترة قصيرة بما لا يقل عن 30 في المئة. واذا أضفنا الى عامل الدولار الجمركي، عامل استمرار انهيار الليرة امام الدولار، فقد تصل النسبة حتى نهاية العام الحالي الى حوالي 50%. بما يعني عملياً ان القدرة الشرائية للمواطنين سوف تنخفض الى النصف في غضون شهر من الآن. وبذلك، ستكون الكارثة الاجتماعية اشد تعقيداً، فيما المؤشرات لا توحي باقتراب موعد الخروج من هذه الأزمة العميقة.
ولا تتوقف مفاعيل الكارثة عند هذا الحد، بل ان الجهل والاهمال سيؤديان الى رفع الاسعار، من دون ان تتمكن الخزينة من الاستفادة من الاموال الاضافية نتيجة رفع الدولار الجمركي، ذلك ان التجار الذين كانوا يتوقعون تغيير سعر الدولار الجمركي منذ مطلع العام، قاموا بمضاعفة كميات الاستيراد، بهدف تخزين البضائع على تسعيرة الـ1500 ليرة، وبيعها لاحقاً على تسعيرة الـ15 الف ليرة. وهكذا تكون الحكومة، قد ظلمت الناس مرتين، مرة من خلال التسبّب برفع الاسعار رغم الضائقة المالية التي يعاني منها الجميع، ومرة ثانية من خلال التسبّب بخسارة مداخيل اضافية ستؤدي الى زيادة العجز في الموازنة، وهذا العجز سيدفعه المواطن لاحقا بسبب ارتفاع حجم الدين العام، او الانهيار السريع في سعر الليرة.
زيادة الموظفين
من جهة ثانية، صدر عن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل قرار قضى بإعطاء الزيادة المنصوص عليها في قانون موازنة 2022 للعاملين في القطاع العام وللمتقاعدين. فيما اعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر تأجيل اجتماع لجنة هيئة المؤشّر الذي كان مقررا الاربعاء “بطلب منّا بسبب أنّ ما عُرض علينا لا يتناسب مع زيادة غلاء المعيشة وارتفاع سعر الدولار”. اضاف “ما عُرض علينا فُتات والهيئات الاقتصادية رفضت طرح العشرين مليون ليرة كما طُرح مبلغ 10 ملايين ليرة كراتب إلّا أن هذا الطرح لم يلقَ جوابًا وسنستمّر بالمفاوضات بانتظار إقرار الدولار الجمركي”.
========
مصدر الخبر
للمزيد Facebook