كارتيلات الطوابع: مدير خزينة الدولة يكشف ما يحصل في صندوق الجمهور
لا بدّ من أنه في دائرة معارف كل لبنانيّ، شخص واحد على الأقلّ هوى جمع الطوابع خلال “أيّام العزّ”، أي عندما كانت متوافرة بكثرة. إلا أن هذه الهواية التي باتت من آثار الماضي، حلّ مكانها اليوم رحلة شاقة للعثور ولو على طابع واحد بهدف إتمام المعاملات الرسمية. فباتت عبارة “ما في طوابع… مقطوعين”، على لسان الجميع.
وعن أزمة الطوابع، تحدّث مدير خزينة الدولة اسكندر حلّاق قائلاً إنها بدأت مطلع هذا العام على الرغم من أن ملامحها كانت قد بدأت تتكشّف في العامين السابقين، مشيراً إلى أنه يتمّ سنوياً سحب 50 مليون طابع وفي ظل الوضع المادّي الراهن، لم تتمكّن وزارة المالية من تأمين حاجة السوق من الطوابع وبالتالي وقع العجز.
وأضاف حلّاق في حديث لـ”لبنان 24″ أن الإتفاق سارٍ مع مطبعة الجيش لتأمين الطوابع وطباعتها، إلا أنه بسبب سعر العملة الآخذ في الإنهيار، أعيد النظر بكميّة الطوابع التي سيتمّ طبعها لأنه بات صعباً على مطبعة الجيش الإستمرار بالاتفاقية السابقة بسبب تغيّر الكلفة، وهذا الأمر انعكس أزمة حادّة في نقص الطوابع بالسوق.
وشرح مدير خزينة الدولة أن الطوابع لا تباع مباشرة للجمهور، بل هذه العملية تتمّ عبر المرخّصين الذين ربّما رجّحوا أن سعر الليرة سيشهد انهياراً مستمراً “فهجموا على شراء كميات زائدة من الطوابع”، مشدداً على أنه يمكن الحديث عن الاحتكار فقط في حالة الإحتفاظ بكميات لدى المرخّص وعدم بيعه إياها في السوق.
وتابع: “نتكلّم عن السوق الموازية إلا أنه فعلياً لا أحد يمتلك الجرأة للكشف عن البائعين فيها، لذا تردنا المعلومة متأخرة دوماً وفي غير محلّها لأن علاقتنا فقط مع المرخّص، ولكن من الوارد أن يكون قد باعها لأي أحد آخر لتصل إلى السوق الموازية”.
وأوضح أن المرخّص هو شخص يمتهن بيع الطوابع وعليه أن يكون مستوفياً بعض الشروط ومنها أن يكون لبنانياً منذ أكثر من 10 سنوات، وأن يكون لديه مكاناً محدداً لمزاولة عمله، وأن يوقع على وثيقة يتعهّد من خلالها ألا يبيع الطابع بأكثر من سعره الرسمي، كما أن يكون سجلّه العدلي “لا حكم عليه”.
وفضلاً عن المرخّصين الذين يبلغ عددهم 673 مرخّصاً، أوضح حلّاق أنه في وزارة المال “صندوق الجمهور”، الذي يعتبر متنفّساً للناس الذين لا وصول لهم إلى المرخّصين، إلا أن هذا الصندوق لا يعطي كميّات كبرى من الطوابع للمواطنين كونه موجوداً في بيروت فقط.
وأضاف: “بتنا نتلقى يومياً حوالي الـ500 شخص يريدون الحصول على الطوابع ما خلق لدينا شكّاً من أن عدداً كبيراً قد يلجأ لبيعها في السوق الموازية”، لافتاً إلى أن “بتنا نطلب بطاقات الهوية وأرقام الهواتف، وبتنا أيضاً نسلّم الطوابع على الرقم السّري الخاص بكل طابع لأن هذا الأمر يفيد القوى الأمنية في ملاحقة المحتكرين”.
وكشف حلّاق لموقعنا، أنه في الشهرين المنصرمين، أجرت وزارة المالية إحصاءات معيّنة تبيّن من خلالها أن كميات ضخمة من الطوابع خرجت من الصندوق، قائلاً: “كنا قد أخذنا أرقام الهواتف من دون أرقام الطوابع السرية، ليتبيّن أن معظم الأرقام الهاتفية التي يمدّنا بها بعض المواطنين غير صحيحة”.
وفي هذا الإطار، أوضح مدير الخزينة أنه تمّ الطلب من أجهزة الرقابة على الطوابع، أي الأمين المركزي للإشراف والتدقيق على صناديق الطوابع، تقديم تقرير يفصّل كم طابع تمّ سحبه في الثلاث سنوات الأخيرة ومن سحبها، وذلك بهدف محاولة معرفة من كان قادراً على التدخل بسوق الطوابع عدا عن المرخصين خاصة وأن دفتر الطوابع الواحد يحوي على 5000 طابع.
وعن بعض الإجراءات الرادعة للاحتكار والغش، قال حلّاق: “لم نعد نقبل أن يدفع المرخصون بواسطة الشيكات، بل صار الدفع بالكاش إلزامياً، لأن الدفع بواسطة الشيكات هو وسيلة متاحة لإخراج الأموال من المصرف عن طريق الطوابع التي تباع نقداً”، مشدداً على أن تعميماً صدر في الأيام الأخيرة بهذا الخصوص.
في ما خصّ تسهيل الأمور على المواطنين، لفت حلّاق إلى أنه يمكن دفع طابع الألف ليرة ضمن الإيصال لدى وزارة المالية، وبالنسبة للطوابع التي تتخطى قيمتها الـ20 أو 30 ألف ليرة، يستطيع أن يدفعهم المواطن في إيصال، وهذا الأمر لا يعلمه الجميع.
وللحدّ من “ظاهرة السوق الموازية”، اعتبر مدير خزينة الدولة أن الحل يكمن في 3 أمور:
– طبع الكميّات اللازمة التي يطلبها السوق من الطوابع، وهذا الأمر قد يصبح أسهل مع صدور الموازنة بعدما أصبح إجراء مناقصات متاحاً أكثر من قبل لإكمال عملية الطبع مع مطبعة الجيش. ومن خلال ذلك، سيكون من المتاح الحصول على 30 مليون طابع وتوزيعها في السوق على أن تكون المرحلة الأولى بعد أسبوعين كحدّ أقصى.
– “الطابع الإلكتروني”، الذي أثير في قانون الموازنة بانتظار المراسيم التطبيقية لأنه سيكون “خشبة الخلاص”، بحسب حلّاق، إذ أنه يوفّر كلفة اليد العاملة، كما أنه لا يكلّف الدولة شيئاً، ويسهّل على المواطنين التعامل من خلال الـQR Code.
– تشديد الرقابة ومعرفة أين توزّع الكميات ، من خلال الإجراءات التي وضعتها الوزارة.
تعترف وزارة المالية بمسؤوليتها من حيث التقصير في إنتاج الطوابع، إلا أن “التذاكي” الذي يملأ الزواريب متسلّلاً نحو السوق الموازية، هو التحدي الذي على الإدارات أن تغلبه.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook