وقائع.. هل بدأت أزمة باسيل – حزب الله؟
بعد انتهاءِ عهد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، اتخذ “التيار الوطني الحر” قراراً جدياً بدراسة تكتيكه الانتخابيّ الرئاسي، إذ بدأ يسعى للخروجِ من دائرة الاقتراع بالورقة البيضاء تدريجياً، بمعزلٍ عن خيارات “حزب الله” الذي يتبيّن، وحتى الوقت الراهن، أنه يتمسّك بتلك الورقة قبل طرحِ الاسم الذي يريدهُ للرئاسة، والأقرب له هو رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجيّة.
هنا، قد يكونُ رئيس “التيار” النائب جبران باسيل قد اتخذ قراراً بتغيير مسار اللعبة الانتخابيّة في حال اختار الابتعاد عن “التصويت بالسلاح الأبيض”، إلا أنه لا يخرجُ عن نطاق التأثير الذي يريد “حزب الله” إرساءه. وبمعنى آخر، قد يكون توجّه تكتل “لبنان القوي” الذي يرأسه باسيل بالخروجِ عن نطاق الورقة البيضاء في الفترة المقبلة مُحكوماً بسقفٍ واضح لا يُحرِج الحزب ولا “يحشرُه في الزاوية”، والدليل على ذلك هو استمرار الاتصالات بين الأطراف لمواكبة كل جلسة انتخابيّة وفق ما تقتضيه التحالفات.
خلال الجلسة الانتخابيّة اليوم، فإنّ المعلومات تشيرُ إلى أنّ “لبنان القوي” سيلتزمُ بشكل شبه تام بالورقة البيضاء، لكن هذا الأمر قد لا يستمرّ طويلاً وقد يدخل في إطار البحث المستفيض لاحقاً. فمن وجهةِ نظر بعض الأطراف، فإنّ ما يقومُ به باسيل لناحية اختياره نمطاً غير الورقة البيضاء، قد يعتبرُ ضغطاً سياسياً على حليفه “حزب الله” للقبول بأسماءٍ جديدة قد يتمّ طرحها بعيداً عن “الحرق”، لكن هناك وجهة نظرٍ أخرى تقول إنه من حقّ تكتل “لبنان القوي” اختيار المرشح الذي يريده ومناقشته مع “حزب الله” باعتبار أن الأخير ما زال حتى الآن غير مُتمسّك “علناً” باسمٍ نهائي، لأن الخيارات أمامه ما زالت مفتوحة وغير محسومة.
وأمامَ ذلك، فإنّ سعيَ باسيل اليوم باتجاهِ الجنوح بعيداً عن الورقة البيضاء قد يكونُ مقدّمة لإرساء ـ”تفاهمات” آتية مع “حزب الله” وذلك في حال ثبتت وجهة النظر التي تقول بأن “الوطني الحر” يُمارس الضغط على الأخير للوصول معه إلى تسوية جديدة ترتبط بالاستحقاق الرئاسي وما بعده. إلا أنه بشكل أساسي، قد لا يكونُ باسيل من المُراهنين على جرّ الحزب نحو خلافٍ قد يتفاقم بسبب آلية التصويت، لأنّ المصلحة السياسية للطرفين في الوضع الراهن تقتضي الحفاظ على التحالُف خلال الاستحقاق الرئاسي، إذ أن التبدلات قد تطرحُ نفسها في أي وقتٍ بحالِ حصولِ التسوية الأكبر والأشمل.
كيف سيُحافظ “حزب الله” على باسيل؟
سياسياً، فإنه من مصلحة “حزب الله” الحفاظ على خيط الودّ مع باسيل بمعزلٍ عما يريده الأخير على الصعيد الرئاسي أو الحكومي. واليوم، فإن ما يبدو هو أن “المونة” بين الأطراف موجودة لكنها ليست مترسخة على صعيد رئاسة الجمهورية، إذ أن كل طرفٍ يتحرك استناداً لمنطلقاته وقناعاته، لكن الأمور ما زالت تحتَ إطار التفاهم والتواصل بغية الاهتداء إلى حلّ وسطي يُرضي الأطراف ولا يُفرقها عن بعضها.
على أساس هذه القاعدة يعمل “حزب الله” للحفاظ على تحالفه مع باسيل وغيره من الحلفاء، ويكونُ ذلك من خلال الإبتعاد عن نظرية الفرض أو “الوعود المسبقة”. إلا أنه في المقابل، لا يُمكن لأي جهةٍ أن تكسر الأخرى على صعيد الرئاسة، لأن “انفراط العقد” بين باسيل و “حزب الله” هو أكثر مطلبٍ يريد الآخرون تحقّقه.. فهل يؤدي “حزب الله” هذه الوظيفة؟
بشكلٍ أو بآخر، فإن الضمانات التي يمكن لـ”حزب الله” تقديمها لباسيل بعيداً عن الرئاسة، قد تندرجُ في إطارٍ إعلاءِ شأنِه سياسياً بالتفاهم مع الحلفاء، وهذا الأمر يجب أن يأتي مترافقاً مع ضمانة أساسية يقدمها باسيل بانتخاب كتلته للاسم الرئاسي الذي يتفق عليه مع “حزب الله”. وحقاً، إن حصل ذلك، فإنّ الأخير سيكون قد تمكّن من ضمان تقاربِ الخصوم، أي باسيل وحركة “أمل”، وبالتالي أرسى تفاهماً داخلياً بين الحلفاء قبل الانطلاق نحو “التوافق” مع الأطراف الأخرى.
على أساس هذه القاعدة، سيعملُ “حزب الله” في الوقت الراهن، ومهمّته تتحدّد في استكمال التشاور مع باسيل وسط عدم اعتبار التصويت بغير الورقة البيضاء “انقلاباً” أو تمرّداً على التحالف. هنا، فإن ما سيجري لاحقاً سيكون مرتبطاً بتفاهمات و “تكتيك”.. فمثلما تم الاتفاق على نمط التصويت بالأبيض، قد تكونُ هناك مناورة تصويتٍ أخرى قد تبدأ لاحقاً تحت سقف التحالف وتحديداً بعد ثبوتِ ملامح تسويّة معينة ستبرزُ إشاراتها تباعاً..
مصدر الخبر
للمزيد Facebook