الوكالة الوطنية للإعلام – الجمهورية: تضامن عربي مع لبنان.. ونصائح دولية تستعجل الرئيس.. بري: الوضع لا يحتمل
وطنية – كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: نقضى الاسبوع الأول من الفراغ في سدة الرئاسة الاولى، والبلد مُلقى على صفيح توتّرات سياسية تتدرّج سخونتها صعوداً يوماً بعد يوم. ومكونات الصراع الداخلي حصّنت نفسها بحساباتها، واختارت ان تنخرط بالجملة والمفرّق في لعبة وضع العصي في دواليب الاستحقاق الرئاسي.
هي لعبة يبدو انها ستكون طويلة، في واقع تتحكّم به خريطة سياسية ونيابية مبعثرة في اتجاهات مختلفة ومتصادمة، تسد افق الاستحقاق الرئاسي بالكامل. وفي هذا الجو القائم لا يعتقد عاقل بأن ثمة قدرة لدى مكونات الصراع الداخلي على الاستجابة لأيّ من الدعوات التي تطلق من الاشقاء والاصدقاء، وكذلك من المراجع السياسية والدينية لانتخاب رئيس للجمهورية. فهي دعوات عبثية من دون ادنى شك، لا يتأتى منها سوى تعب مُطلقيها، إذ انّها لا تعدو اكثر من صرخة فارغة حتى من صدى الصوت، في وادي العجز الفاضح عن الحسم والاتيان برئيس من جانب واحد، وكذلك عن ادارة الدفة الرئاسية بالاتفاق والتفاهم بين هذه المكونات، في الاتجاه الذي يُحاكي مصلحة لبنان واللبنانيين وانهاء الوضع الشاذ في موقع رئاسة الجمهورية.
حديث الكواليس
بعيداً عن الكلام العلني الذي يطلق من هذا الاتجاه السياسي او ذاك، فإن الكواليس السياسية وفق معلومات «الجمهورية» يتجاذبها كلام صريح ومباشر يعبّر عن حالة ضياع بلا افق. وتبرز فيها مصارحة جرت بين احد كبار المسؤولين وشخصية سياسية وسطية عاكَست كل الكلام القائل إنّ أمد الفراغ الرئاسي لن يكون طويلا.
في هذه المصارحة، تبدّت مقاربة شديدة التشاؤم للملف الرئاسي. جوهرها القلق البالغ من انزلاق الامور الى حضيض متفجر وتداعيات دراماتيكية. مع وضع تحولت فيه المكونات السياسية الى مجموعة اضداد، ضبطت المشهد السياسي على حافة الصدام. حيث تتزايد الخشية من ان يتخذ التصعيد القائم، في اي لحظة، حركة كرة الثلج، في اتجاه تطورات كبرى تفتح ابواب الصراع الداخلي على مصاريعها، ما قد يخلق تداعيات سترخي بآثار سلبية اضافية على مجمل الملفات الداخلية الملتهبة اصلاً.
وتستند هذه المصارحة السوداوية الى انّ المؤشرات مثيرة للقلق في حقل الاضداد السياسية، وتشي بأنّ بعض المكونات الداخلية مأسورة برغبة التصادم، وتغرد خارج سرب التلاقي والتوافق، وتتخذ من أجنداتها وحساباتها الشخصية والحزبية والشعبوية منطلقاً للهجوم على كل الاتجاهات لفرض مزيد من التعقيدات على مجمل المشهد الداخلي، علماً ان هذا المنحى يشكل اعتداء صارخا مباشرا على استقرار البلد.
وينقل عن المسؤول الكبير قوله: «لا يمكن ان نشهد تغييرا طالما هناك من هو غير مستعد لأن يغير ما في نفسه، ومن هنا نحن لسنا امام استحقاق رئاسي معطل فحسب، بل امام عقلية معطلة وكارهة لكل عناصر الاستقرار وعوامله، ورافضة للبننة الاستحقاق الرئاسي.
اضاف: المشكلة الاساس تتبدى في ان لبنان اليوم اصبح متغيرا بشكل جوهري قياسا الى ما كان عليه في السنوات الماضية، ثمة انقلاب كامل في الصورة، ومع ذلك ثمة من يتجاوز عمداً تجارب الماضي بكل صداماتها وانتكاساتها على الجميع، واوقف عقارب الزمن عند حساباته ورهانات على اعتقاد بأن متغيرات وتبدلات محلية او خارجية ستطرأ وتغلّب توجهاته وخياراته في ما يريدها لعبة غالب ومغلوب.. هنا اصل الكارثة».
واقع مسموم
وسط هذه السوداوية، يأتي انعقاد الجلسات الانتخابية الفاشلة، ومن ضمنها الجلسة الجديدة المقررة بعد غد، حيث ان مجريات هذه الجلسات تقدم اجابات واضحة عن عمق الانقسام الذي يسمّم الاستحقاق الرئاسي. وتبعاً لذلك تؤكد مصادر مجلسية لـ»الجمهورية» انه لا يمكن القبول بأن تستمر مسرحية الفشل الى ما شاء الله، مسرحية يتلهّى فيها البعض بترشيح ميشال معوض رغم علمهم بأنه لا مجال له لأن يعبر ويؤمن الاكثرية التي تؤهله للفوز، بل بالعكس يسجل في كل جلسة فشلا جديدا، وفي المقابل تواجهه الاوراق البيض، وتصويت أقل من متواضع لبعض الاسماء المغمورة، وسيبقى الامر على هذا المنوال طالما ان التوافق على مرشح جدي معدوم.
ورداً على سؤال حول المطالبات بأن يأخذ المجلس النيابي دوره في انتخاب رئيس للجمهورية، قالت المصادر: المجلس يمارس دوره، فالدعوات التي توجّه الى المجلس هي دعوات تنم عن جهل او عن تقصّد افتراء، فالمجلس يختزل المكونات السياسية في البلد، وها هو ينعقد ويسجّل فشلا تلو الفشل في انتخاب الرئيس. ولذلك قبل التوجه الى المجلس وتحميله المسؤولية ينبغي التوجه الى المكونات المنقسمة على بعضها البعض، اما بدعوات صادقة لا تنطوي على اي تحامل ضمني، واما بحراك مساعد لتقريب المسافات بين تلك المكونات التي يقدّم بعضها يومياً وصفات لتمديد عمر الفراغ الرئاسي.
وعلمت «الجمهورية» من مصادر موثوقة انّ الملف اللبناني كان محور نقاش في لقاء خاص جمعَ مجموعة من الشخصيات السياسية والنيابية بعدد من السفراء، وتقاطعت فيه المقاربات الديبلوماسية حول النقاط التالية:
– وضع لبنان بات خطيرا جدا، ما يوجِب انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
– ان لبنان ليس موضوعاً تحت المجهر الدولي، خلافاً لما يجري تسويقه من قبل بعض المستويات السياسية في لبنان، فالاولوية الدولية مُنصبّة على الملف الاوكراني الذي يشهد تدحرجاً نحو تطورات دراماتيكية من شأنها ان ترتد بآثار سلبية على مجمل الساحة الدولية. وبالتالي، فإنّ انتظار اي تدخل خارجي مباشر في الاستحقاقات اللبنانية هو مضيعة للوقت، وهو الامر الذي يجب ان يدركه اللبنانيون قبل غيرهم لأنّ الانتظار سيكون مُكلفا جدا على لبنان.
– واضح ان ثمة هواجس تقلق بعض الاطراف في لبنان، والمجتمع الدولي يتفهمها، ويشجع كل مبادرة لتبديد هذه الهواجس.
– لا مجال لاستعادة لبنان عافيته واستعادة ثقة المجتمع الدولي به قبل انتظام وضعه الرئاسي والحكومي، والشروع في تنفيذ متطلبات الانقاذ والاصلاح وفق ما تقتضيه اولويات معالجة الازمة، من دون إعاقتها بمداخلات سياسيّة تفرّغ الهدف الإصلاحي المنشود من معناه الحقيقي.
– انّ المجتمع الدولي نظرَ بإيجابية وأمل الى النوايا التي عبرت عن رغبة في بلوغ تفاهم على رئيس. واستتباعاً لذلك فإنه من الضروري جدا أن تأخذ اللعبة الديموقراطية مجراها الطبيعي في اي استحقاق لبناني، وهو اذ يشجّع على ذلك، يؤكد على ان يتفق اللبنانيون فيما بينهم على انتخاب رئيسهم، ولا تزكية لأي شخصية، كما لا فيتو على أي اسم، فهذا أمر يقرره اللبنانيون دون غيرهم. ومن هنا لا بد من ان يمنح اللبنانيون انفسهم فرصة التوافق، وان يكونوا دافعا الى تسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
بري: أولوية الانتخاب
الى ذلك، جدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري امام وفد نقابة الصحافة اللبنانية الدعوة الى التوافق في الاستحقاق الرئاسي، وقال: لبنان قد يستطيع ان يتحمل أسابيع لكنه لا يستطيع ان يتحمل أكثر من ذلك ولا يمكن ان يتحمل لبنان واللبنانيون المزيد من التدهور.
وأكد الرئيس بري انه سوف يدعو الى عقد جلسة كل أسبوع وهو ملتزم بهذا الأمر، وكشف رئيس المجلس أن جدول أعمال الحوار الذي كان بصدد الدعوة اليه كان فقط التوافق على الإنتخابات الرئاسية ونقطة على السطر، وكل المحطات الخلافية التي مر بها لبنان إنتهت بالحوار والتوافق من الطائف الى الدوحة الى طاولات الحوار في الداخل. فهل نَتّعِظ؟.
وجزم رئيس المجلس أن الوضع الأمني في لبنان محصّن واللبنانيون يملكون من الوعي لعدم الإنجرار والإنزلاق في أتون الإحتراب والفتن.
ولفت الرئيس بري الى ان إتفاق الطائف ليس إنشاء عربياً، الطائف هو دستور ساوَى بين اللبنانيين. واعترفَ أنه لثلاث مرات فشل بتمرير الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية وقانون إنتخابات خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس الشيوخ.
وإذ اكد «أن لا خطة تعافٍ اقتصادية ولا إعادة هيكلة المصارف ما لم تضمن حقوق المودعين كاملة»، رَد على المزاعم التي تقول انه يقف وراء حماية حاكم مصرف لبنان، وقال: «إسالوا من مَدّد له !! وأقول: اذا بَيّي مرتكب انا لا أغطيه».
الشروط التعجيزية
وفي السياق ذاته، اعتبرت حركة أمل أن «أولى الاولويات في اللحظة الراهنة هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لإعادة إنتظام عمل المؤسسات وإطلاق مسار الاصلاحات، ورفع وتيرة الشروط التعجيزية في وجه الدعوات للحوار هي أداة تعطيل مستجدة لمنع الوصول إلى توافق على رئيس أهم مواصفاته الجمع بين اللبنانيين بكل مكوناتهم وطوائفهم لإنقاذ الوطن مما يتخبط فيه من أزمات من خلال تشكيل حكومة تضع الخطط التنفيذية للتعافي الاقتصادي والاجتماعي مبنية على الواقع، وقادرة على المساهمة في استعادة لبنان لموقعه ودوره».
ولفتت في بيان لمكتبها السياسي امس الى أن «مجمل الطروحات اليوم يجب أن تنطلق مما شكّل الاساس في لحمة اللبنانيين وعيشهم المشترك وهو ما توافقوا عليه في اتفاق الطائف الذي أصبح دستوراً، والعبرة تكمن في تنفيذ مندرجاته وتطبيق بنوده».
ميقاتي: لقاءات ومواقف
في هذا الوقت، اكد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ضرورة العمل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وعدم اطالة فترة الشغور الرئاسي.
وكان ميقاتي قد شارك امس في افتتاح «مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، الذي اقيم في مركز المؤتمرات في مدينة شرم الشيخ بمصر. وعقدَ لقاءات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الاردني عبدالله الثاني، والرئيس العراقي عبد اللطيف الرشيد والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، والرئيس الارميني فاهاكن خاتشاتوريان، ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف والامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش وامين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارواين، والمدير العام في صندوق النقد الدولي السيدة كريستالينا غورغييفا التي تمنّت الاسراع في الخطوات المطلوبة لبنانياً لتوقيع الاتفاق النهائي مع الصندوق قبل انشغال العالم بملفات اخرى. كذلك التقى ميقاتي المدير التنفيذي لبرنامج الاغذية العالمي ديفيد ديزلي.
وتوجّه رئيس الحكومة بالشكر الى الرئيس المصري السيسي على وقوف مصر الدائم الى جانب لبنان ودعمه في كل المجالات. كما شكر الرئيس السيسي بشكل خاص على سرعة تلبية الطلب الذي تقدم له به خلال القمة العربية في الجزائر قبل أيام، بتزويد لبنان لقاحات وادوية خاصة بمكافحة وباء الكوليرا. حيث كان الرئيس ميقاتي قد تبلّغَ أن مصر ارسلت الى لبنان شحنة ادوية تقدّر بـ1705 اطنان من اللقاحات والمستلزمات الطبية، بما يعادل 17 شاحنة.
وخلال اللقاء بين ميقاتي والملك الاردني، شدد الملك عبدالله على اهمية الاسراع في العمل لتوقيع الاتفاق النهائي بين لبنان والبنك الدولي بما يمكّن الاردن من تزويد لبنان بالطاقة الكهربائية.
وبدوره ابلغ الرئيس الجزائري الرئيس ميقاتي قوله انه يُحيّي لبنان بلد الرجولة والصمود، وأتعاطف مع شعبه في المحنة التي تصيبه، وبإذن الله سينهض بلدكم من جديد ونحن الى جانبكم.
الراعي
وفي موقف لافت، اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في اجتماع مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان ان «تنقية الضمائر هي الشرط لإجراء حوار صريح وبناء بين المسيحيين والمسلمين من جهة وبين الأحزاب والكتل النيابية من جهة ثانية».
ولفت الى ان «لبنان في أخطر مرحلة من تاريخه السياسي والإقتصادي ويا ليتهم يسمعون نداء قداسة البابا فرنسيس بالأمس». وقال: «مَن صنعوا الحرب لا يزالون يحكمون البلد وهم لم يتمكنوا من تنقية ذاكرتهم ونسمعهم كيف يتراشقون الكلام الجارح في كل مناسبة. وبعد 6 سنوات من عهد الرئيس (ميشال) عون لم يريدوا انتخاب رئيس جديد وكان إنجازهم تنزيل العلم واقفال القصر وتسليم حكومة مستقيلة منذ خمسة أشهر، ولبنان في أسوأ وضع».
اللجان والكابيتال
على صعيد داخلي آخر، أخفقت اللجان النيابية المشتركة مرة جديدة في مناقشة ملف الكابيتال كونترول، حيث تعطلت جلسة الامس بسبب عدم حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وقال نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الذي ترأس جلسة الامس، انه طلب من نائب حاكم مصرف لبنان ألكسندر ماراديان مغادرة الجلسة قائلاً له: «طلبنا حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لا حضورك، فرجاءً غادر الجلسة وبَلّغ سلامة أننا نريده أن يحضر شخصياً جلسة الكابيتال كونترول لا أن يوفد ممثلاً عنه، فخرج ماراديان من الجلسة وغادر البرلمان».
إثر الجلسة، اوضح بوصعب انه سيتم استكمال النقاش غدا اليوم، إفساحاً في المجال امام الزملاء للاطلاع على خطة التعافي الحكومية. اضاف: احتراماً للمجلس النيابي وبعد التغيّب المتكرر لسلامة، طالَبنا من نائبه بكل احترام مغادرة الجلسة على ان يحضر سلامة شخصياً.
يُشار الى انه خلال الجلسة قدم رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مداخلة قال فيها: «اننا كتكتل نتهم بأن هناك ارادة سياسية بعدم اقرار قانون الكابيتال كونترول، واذا كان الجميع مستعدون فلنقرّه اليوم». وأضاف: «اولاً، القانون مضت عليه ثلاث سنوات وشهر وكان يجب ان يقر منذ ذلك الحين ولم يقر! فماذا نريد برهاناً اكثر من ذلك على ما اقول؟ ثانياً، ليس صحيحا ان الغاية من اقراره لم تعد موجودة وانا أعيد التأكيد ان هناك عددا من المصارف لا يزال يحول اموالا للخارج باستنسابية واعتباطية ولاصحاب نفوذ، وبما ان هذا الامر كلنا نعرفه فمن الضروري اقرار القانون». وتابع: «فلو أقرّ القانون من اليوم الاول لما كنّا ربطناه لا بخطة تعافٍ ولا بأي شيء آخر، والمشكلة اليوم تحدث لأننا ندخل عليه عوامل اخرى. الفكرة هي ضبط التحاويل الى الخارج لكننا نزيد عليه ضبط السحوبات بالداخل، فاذا أزلنا موضوع ضبط السحوبات بالداخل لا يعود هناك مشكلة، ويفترض ألا نبقى مختلفين، فعندها كل عملية الربط التي تعتبر ان هذا القانون لا يقر لأنه مرتبط بنيوياً بقوانين اخرى نكون أزلناها لنقوم بها عند اقرار قانون اعادة هيكلة المصارف».
=======
مصدر الخبر
للمزيد Facebook