آخر الأخبارأخبار دولية

الدول الفقيرة تسعى لدفع البلدان الغنية الملوثة للبيئة إلى الوفاء بتعهداتها

نشرت في: 03/11/2022 – 20:48آخر تحديث: 03/11/2022 – 21:08

تنطلق أشغال قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي “كوب 27” الأحد بمدينة شرم الشيخ في مصر بحضور عدد كبير من الدول والجمعيات المدافعة عن البيئة. ويشكل هذا الموعد فرصة سانحة للدول العربية والبلدان النامية للضغط على الدول العظمى التي تتسبب بشكل كبير في تلوث المناخ والبيئة. كما تنتظر الدول الفقيرة من الغنية أن تنفذ التزاماتها المتعلقة بمنح 100 مليار دولار سنويا لمحاربة الاحتباس الحراري وتقليص نسبة الانبعاثات الغازية. 

تسارع مصر الزمن لإنهاء التحضيرات الأخيرة من أجل احتضان قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي “كوب 27” التي ستعقد في شرم الشيخ على ضفاف البحر الأحمر بحضور أكثر من 190 دولة ممثلة.

وتأتي هذه القمة في وقت تشابكت فيه الفصول الأربعة وشهدت درجات الحرارة ارتفاعا مقلقا وشديدا في العالم أدت إلى اندلاع العديد من الحرائق بمختلف المناطق، وإلى نقص حاد في المياه الجوفية وتراجع المحاصيل الزراعية.

تجري القمة من 6 لغاية 18 نوفمبر/تشرين الثاني بحضور زعماء العالم والعديد من المنظمات المدافعة عن البيئة ومختصين في مجال البيئة وعناصر من المجتمعات المدنية.

طفل يجلس على أرض مشققة بسبب الجفاف قرب سد المسيرة على بعد 140 كيلومترا من الدار البيضاء في الثامن من آب/أغسطس 2022 © أ ف ب/ أرشيف

كما يأتي هذا الموعد في وقت ارتفعت فيه أسعار المواد الأولية والغذائية بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا ومخلفات جائحة كوفيد-19، إضافة إلى الجفاف ونقص الأمطار، ما أثر في المنتوج الزراعي وحياة المزارعين.

ويعتزم المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الذهاب بعيدا فيما يتعلق بالمحادثات الرامية إلى تقليص دراجات الحرارة بنسبة درجة ونصف على الأقل بحلول 2050 وإيجاد صيغ جديدة ومبتكرة لمكافحة الجفاف الذي يهدد عديد الدول، لا سيما تلك التي تقع في أفريقيا، ودراسة الآثار التي يخلفها التغير المناخي في هذه القارة على السكان والكائنات الحية وعلى الطبيعة وإيجاد حلول لها.

أزمة المناخ، حروب المياه، اختلال النظام البيئي…

ويستخدم مصطلح “أزمة المناخ” لوصف حالة الاحترار العالمي والعواقب التي يخلفها التغير المناخي على الإنسانية جمعاء وكوكب الأرض، ولتوعية الفاعلين الدوليين (الحكومات والشركات الأكثر تلويثا في العالم) بمدى خطورة ارتفاع درجات الحرارة على بقعة ما من الأرض وما يمكن أن يترتب عنه من أزمات غذائية حادة أو ما يسمى بحروب المياه فضلا عن اختلال النظام البيئي العالمي.

منطقة الأهوار في العراق تعاني من الجفاف. ما بدفع السكان إلى مغادرتها بحثا عن حياة أفضل

منطقة الأهوار في العراق تعاني من الجفاف. ما بدفع السكان إلى مغادرتها بحثا عن حياة أفضل © حيدر البغدادي/ فرانس24

ويسعى مؤتمر المناخ الذي يعقد بمصر إلى تجديد التضامن بين دول العالم لتنفيذ اتفاق باريس التاريخي في 2015 والذي كان أحد أهدافه تعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ، وذلك عن طريق منع ارتفاع درجات الحرارة العالمية هذا القرن إلى أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ومواصلة الجهود كي لا يزيد ارتفاعها فوق 1.5 درجة مئوية.

كما ستبحث القمة المناخية سبل توفير تمويل الخطط المتعلقة بالمناخ لا سيما في الدول النامية والفقيرة والتأكيد من جديد على التزامات الدول الغنية بشأن خفض الانبعاثات كل خمس سنوات.

والجدير بالذكر أن الدول الفقيرة والنامية هي الأكثر عرضة للآثار السلبية والقاتلة للتغير المناخي، كالفياضات والحرائق التي اندلعت في العديد من الدول العامين الماضيين. لهذا السبب تخطط قمة شرم الشيخ للضغط على بعض الدول التي وقعت في قمة باريس 2015 وكوب 2009 في كوبنهاغن على تعهدات تضمن ضخ مليارات الدولارات لمساعدة البلدان الفقيرة، لا سيما الأفريقية الفقيرة على مواجهة آثار التغير المناخي ووضع خطط طويلة الأمد للحفاظ على البيئة.

الجفاف ونقص المياه يهددان الأهوار

الجفاف ونقص المياه يهددان الأهوار © حيدر البغدادي/ فرانس24

من جهة أخرى، ستشهد قمة مصر للمناخ جلسات غير رسمية لكنها مهمة للغاية لمناقشة مشكلة نقص المياه والطاقة والشباب وقضايا المرأة والزراعة والحياد الكربوني فضلا عن الأمن الغذائي.

لماذا تحتضن مصر “كوب 27″؟

يعتمد تنظيم قمة الأمم المتحدة للمناخ على مبدأ التناوب بين القارات. وكانت مصر الدولة الأولى التي أبدت استعدادها لاحتضان هذا الحدث العالمي بهدف تسليط الضوء على المشاكل البيئية التي تعاني منها في الآونة الأخيرة كنقص منسوب مياه النيل والتحديات الجديدة التي فرضتها إثيوبيا بعدما شرعت في ملء “سد النهضة” إضافة إلى مشكلة الأمن الغذائي الذي يواجه هذا البلد الذي يتعدى عدد سكانه مائة مليون نسمة.

ويعول الرئيس عبد الفتاح السيسي كثيرا لجعل المؤتمر “نقطة تحول جذرية في جهود المناخ الدولية بالتنسيق مع جميع الأطراف لصالح إفريقيا والعالم بأسره”، وفق تصريح سابق له.

ماذا ينتظر العالم من قمة شرم الشيخ؟

بعد قمة غلاسكو التي عُقدت العام الماضي والتي توصل خلالها المشاركون إلى اتفاق يقضي بتقليل حجم المخاطر البيئية التي يتعرض لها كوكب الأرض عبر تخفيف الانبعاثات الغازية من قبل البلدان الغنية والشركات العملاقة، تريد الدول المشاركة في قمة شرم الشيخ والأمم المتحدة تقليص حدة الانبعاثات الغازية أكثر بما يتماشى مع تقليل ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل من 1.5 درجة مئوية.

كما ستشدد القمة على ضرورة إنهاء الوقود الإحفوري والتخلص من الفحم والوفاء بالالتزام القاضي بتمويل السياسات المناخية الجديدة بحوالي 100 مليار دولار فضلا عن مساعدة الدول الفقيرة، على غرار تلك الواقعة في المناطق الصحراوية وشبه الجافة.

الحرائق على ضفة نهر ينيسي في منطقة تايغا، سيبيريا. في 12 يوليو/تموز 2019.

الحرائق على ضفة نهر ينيسي في منطقة تايغا، سيبيريا. في 12 يوليو/تموز 2019. أ ف ب

الدول الفقيرة هي الأكثر عرضة للتغير المناخي رغم أنها الأقل تلويثا للبيئة

الجميع أصبح يدرك بأن الدول النامية والفقيرة وتلك التي تقع في المناطق شبه الجافة، تتعرض أكثر من غيرها للمشاكل الناتجة عن التغير المناخي رغم أنها الأقل تلويثا للبيئة. فهي تشعر بأنها الضحية الأولى للتغير المناخي في وقت تساهم بشكل قليل جدا في انبعاثات الغازات الدفيئة. وتطالب هذه الدول بأن تقدم لها الدول الغنية والمُلوِثة للبيئة المساعدات المالية الكافية لتسطير إستراتيجية مستقبلية لمحاربة التلوث الجوي ولمواجهة آثار الجفاف ونقص المياه على حياة المواطنين.

وكانت الأمم المتحدة قد تطرقت إلى الوضع البيئي الهش الذي تعيشه الدول النامية والفقيرة ووعدت بتقديم المساعدات المالية اللازمة لمواجهة تغير المناخ، إلا أن هذا الوعد بقي حبرا على ورق. ولاتزال الدول المعنية تنتظر الحصول سنويا على 100 مليار دولار من أجل التأقلم المناخي لكن لا حياة لمن تنادي. وإضافة إلى الأضرار التي تعرضت لها بسبب الجفاف أو ارتفاع منسوب مياه البحر والفيضانات، تكرر الدول الفقيرة والنامية القول إن بقاءها مرتبط كثيرا بالسياسات العالمية التي تضع محاربة التغير المناخي في طليعة الأولويات.

من جهته، صرح مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص لتمويل أهداف التنمية المستدامة 2030 محمود محي الدين للصحافة بأن “عدم وفاء الدول الكبرى بتعهداتها بتقديم 100 مليار دولار سنويا للدول النامية قد يضاعف من مساهمتها في إنتاج الانبعاثات الضارة التي تبلغ حاليا 3% من إجمالي الانبعاثات العالمي”. فهل ستتوصل الدول النامية في قمة شرم الشيخ إلى فرض رؤيتها فيما يتعلق بمحاربة التغير المناخي؟

امرأة يبحث عن المياه دون جدوى

امرأة يبحث عن المياه دون جدوى © حيدر البغدادي

ما هي الدول العربية الأكثر تضررا من التغير المناخي؟

في الحقيقة، لا يوجد تباين بين الدول العربية إزاء التهديدات التي يمثلها التغير المناخي، لكن هناك بعض الدول أكثر عرضة من الأخرى، كمصر التي باتت تشكو من انخفاض منسوب مياه النيل بسبب الجفاف من جهة وبناء سد النهضة من قبل إثيوبيا من جهة أخرى. وما يزيد الطين بلة بالنسبة لمصر هو العدد الكبير من سكانها الذين يحتاجون إلى مياه صالحة للشرب وإلى الغذاء. فباحتضانها قمة التغير المناخي، تريد القاهرة أن تجذب الأنظار إليها وتقنع المانحين الدوليين والدول الغربية بالإسراع في تقديم الأموال الضرورية لوضع حد لهذه الظاهرة.

السودان المجاور يعاني هو الآخر من المشاكل نفسها التي تعاني منها مصر. فإضافة إلى أراضيها شبه الصحراوية، تعاني الخرطوم أيضا من تراجع منسوب مياه النيل بسبب سد النهضة.

العراق بدوره ليس بمنأى عن هذه المشكلة، إذ صرحت سلطات البلاد عدة مرات بأن منسوب المياه في نهري دجلة والفرات تراجع بشكل مقلق. السبب يعود إلى ارتفاع درجات الحرارة ولكن أيضا إلى تصرف تركيا التي تقطع الطريق للمياه كي لا تصل إلى العراق كونها بلد المنبع.

في الجنوب، تعاني منطقة الأهوار الفريدة من نوعها في الشرق الأوسط من الجفاف. فالسمك يموت فيها بسبب نقص المياه والمزارعون يغادرون المنطقة بحثا عن حياة أفضل في مناطق أخرى. ورغم تصنيف الأهوار ضمن التراث العالمي من قبل اليونسكو وتدفق الأموال من أجل بعث الحياة فيها، إلا أن تصرفات إيران التي تسرق المياه من العراق وصب ماء شط العرب مباشرة إلى دول الخليج حالا دون تمتع بغداد بحصتها المائية.

دول أخرى في شمال أفريقيا تعاني من الإجهاد المائي. فهل ستأتي قمة شرم الشيخ بجديد أم ستموت شعوب الدول النامية بشكل بطيء؟

 

طاهر هاني


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى