آخر الأخبارأخبار محلية

عهد ميشال عون… ما له وما عليه (2)

في مقالة الأمس أوردنا خمسة أسباب أدّت إلى فشل العهد في تحقيق الإنجازات، التي كان يأمل اللبنانيون أن تتمّ على أيدي “الرئيس القوي”، ليتبيّن لهم أن ثمة عوامل كثيرة حالت دون ترجمة هذه التمنيات إلى واقع، فكان الإنهيار التام على كل المستويات، خصوصًا أن الظروف لم تسعفه كثيرًا، فضلًا عن إفتقار “مطبخه الداخلي” إلى الحدّ الأدنى من الموضوعية والشفافية. وقد جاء حديث رئيس “التيار الوطني الحر” السيد جبران باسيل إلى محطة “الجديد” ليؤكد صحة هذه النظرية، وذلك إستنادًا إلى كمية الكذب، التي تضمنتها المقابلة، إضافة إلى التناقض الهائل في مواقفه. 

واليوم نورد أربعة أسباب إضافية، وهي:  
سادسًا: خسارة عون لـ”الشريك السنّي القوي”. فبعدما كان وصول عون الى بعبدا قائمًا على “تسوية رئاسية” أعادت الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، فإنه مع سقوط هذه التسوية، بدءًا من منتصف العهد، بدأ العد العكسي للعهد الذي خسر مع خروج الشريك السنّي ميزة الإستقرار الحكومي والسياسي، وأكسب خصمه الأبرز الرئيس بري موقعًا أفضل على خط المواجهة. 

وقد إستكملت هذه السياسة غير الحكيمة مع الرئيس نجيب ميقاتي، مع إصرار باسيل على أن تكون الحكومة المكتملة المواصفات طيّعة بين يديه في مرحلة الفراغ، بحيث يستطيع من خلال تسمية وزرائه التحكّم بمسار الأمور عندما تؤول الصلاحية الرئاسية إليها. ولكن تمسّك رئيس الحكومة بالصلاحيات المعطاة له في الدستور حال دون تحقيق الغاية التي في نفس جبران.  
– سابعًا: خسارة عون لـ”المرتكز المسيحي الأقوى والأوحد” لعهده، أي “القوات اللبنانية”، باعتبار أن “التيار الوطني الحر” هو “تيار الرئيس” و ُعرف دائما باسم “التيار العوني”، وأن القوتين الحزبيتين الأخريين، أي تيار “المردة” وحزب الكتائب، وقفتا منذ البداية ضد انتخاب عون رئيسًا وعارضاه بقوة. إن إنهيار إتفاق معراب شّكل آخر محاولة لإعادة بناء العلاقة بين الدكتور سمير جعجع وعون. 
 ثامنًا: صحيح أن “حزب الله” الذي كان له الفضل الأول والأساسي في وصول عون الى قصر بعبدا، إلاّ أنه كان سببًا أساسيًا في الحالة التي حاصرته وشلّت قدراته، إذ أضطرّ الرئيس عون إلى دفع ثمن تحالفه مع الحزب، أولًا  بسبب حالة الحصار الخارجي والعقوبات الأميركية والعزلة الخليجية التي ُضربت حول “حزب الله” وانسحبت على رئيس الجمهورية، فوضعته في شبه عزلة دولية.  ثانيا، بسبب التغيير الذي طرأ على دور “حزب الله” ونشاطه في السنوات الخمس الأخيرة، بحيث أصبح “لاعبًا إقليميًا” وصارت له أنشطة وتدخلات في سوريا والعراق واليمن، وهذا ما أوقع لبنان في مأزق وعّرض علاقاته العربية للخطر من جهة.  

تاسعًا: التغيير الكبير الذي طرأ على الأجواء الإقليمية والدولية بعد العام 2016، خصوصا بعد التغيير الذي طرأ على السياسة الأميركية في المنطقة مع الرئيس السابق دونالد ترامب، إذ أن إنتخاب عون جاء ثمرة من ثمار الإتفاق النووي بين إيران وإدارة أوباما. ولكن مع وصول الرئيس دونالد ترامب سقط الإتفاق النووي وانتقلت العلاقة بين واشنطن وطهران الى مواجهة مفتوحة اقتصاديًا وسياسيا من خلال ما سمي بـ”صفقة القرن”.  
ومع دخول العالم في مرحلة هي الأكثر خطورة وغموضًا لم تكتمل معالمها بعد في انتظار نتائج حرب أوكرانيا ومستقبل أوروبا والنظام العالمي الجديد ونهاية مفاوضات فيينا ومصير الإتفاق النووي الإيراني، فإن لبنان دخل مرحلة الإنتظار القلق، بانتظار تبلور الصورة الإقليمية وتبلور الرؤية الدولية، وقد أصبح الرئيس عون رئيسًا سابقًا، من دون إنجازات تُذكر. 
ملاحظة مهمة: مقال اليوم ومقال الأمس مستوحىً ومستقىً من مقال للزميل شوقي عشقوتي في “النشرة”، فأقتضى التنويه. 
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى