رهانات باسيل لن تحقق الغاية في نفس يعقوب!
من الواضح أن “التيار الوطني الحر” قرّر الاتجاه نحو تصعيد سياسي ممنهج في لبنان، خصوصاً أنه تعمّد في الأيام الاخيرة عرقلة تشكيل الحكومة من أجل تحقيق أهداف كامنة ومبيّتة رغم مزاعمه المستمرة بأنه لم يتدخّل بعملية التأليف. في حين أن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي استمرّ بمحاولاته المتواصلة للوصول الى تشكيلة حكومية ترضي الى حدّ بعيد طموح اللبنانيين في ظلّ التحديات التي تواجه البلاد في هذه المرحلة السياسية الحساسة.
وأمام الشروط التعجيزية التي سعى باسيل لفرضها على ميقاتي وجملة الخطابات المتشنّجة التي صدرت عنه، استمرّ الرئيس المكلّف حتى النفس الاخير من التأليف في إظهار ليونة تجاه مطالب باسيل الاستفزازية، لكنّ الاخير تجاوز حدود صبر ميقاتي معلناً عدم رغبته في منح الثقة للحكومة والتعاون معها في المرحلة المقبلة، الامر الذي وصفته اوساط سياسية بالتحدّي القاتل الذي من شأنه أن يُدخل البلاد في حال الشلل الكامل وما يحمله من تداعيات على الواقع السياسي والاقتصادي في لبنان.
وبعد سلسلة طويلة من الأخذ والرد، وما تضمنّه من مماطلة واهدار في الوقت من قبل فريق رئيس الجمهورية ميشال عون، اختلّ امكان التوافق بين الطرفين، ميقاتي وباسيل، حتى سقط، رغم كل المساعي من قِبل الجهات المعنية بالتشكيل وضغط “حزب الله” على كلا الفريقين من أجل الوصول الى تسوية حكومية تؤمّن الإنقاذ ولو بالحدّ الأدنى إذا ما دخل لبنان في نفق الشغور الرئاسي، حيث أن الرئيس المكلّف الذي ضاق ذرعاً من التعدّي على صلاحياته والتجاوز الفاضح للدستور عبر شروط ومطالب فاقعة، تشدّد في موقفه الرافض لهيمنة باسيل على الحكومة وتخييطها على قياس طموحاته.
وبمعزل عن شروط رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الحكومية، ثمة ملفات اخرى كانت تغلي على طاولة المفاوضات مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، اولها مرسوم التجنيس الجديد الذي رفض ميقاتي التوقيع عليه رغم الاغراءات التي ظنّ فريق “العهد” أنها قد تليّن موقفه، وثانيها ملف التعيينات التي حاول فرضها باسيل في العديد من الادارات بهدف المزيد من السيطرة على مراكز الدولة، الامر الذي رفضه ميقاتي رفضاً قاطعاً ما جعل من معركة رئيس “التيار” الشرسة ضدّه مفهومة وواضحة الابعاد.
هي مسألة تراكمات أطاحت بولادة حكومة جديدة، ذلك بعد أن تصدّى ميقاتي لمنطق “الابتزاز” الذي انتهجه “الوطني الحر” في الحكومات السابقة. ولعلّ غالبية الشارع اللبناني المخنوق من “العهد” مترقّباً نهايته بفارغ الصبر أمسك مع ميقاتي موقفه الذي اعتُبر، وفق ما ظهّرته مواقع التواصل الاجتماعي، حدّاً لتجاوزات باسيل وممارساته الانتقامية، سيّما وأن الشارع الغاضب من تحكّم “الوطني الحر” واستفزازه وجد في عناد ميقاتي المُحقّ انتصاراً لكرامته.
ولفتت مصادر سياسية مطّلعة الى أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة على لبنان، في ظلّ تسريب بعض الخطوات التصعيدية التي سيلجأ اليها “التيار” لشدّ العصب من خلال المعركة الدستورية والسياسية الواضحة الأبعاد مذهبيا وطائفيا والمرتبطة بصلاحيات رئاسة الجمهورية، علماً أن لا أحد يسعى للمسّ بهذه الصلاحيات بل إن حكومة تصريف الاعمال من شأنها أن تتسلّم مهام ادارة البلاد وتسيير المرفق العام تجنّباً للدخول في فوضى سياسية وأمنية واقتصادية ريثما يُصار الى انتخاب رئيس جديد للبنان.
ثمة من يريد أن يوحي بأن نهاية “العهد” تشكّل نهاية للاستقرار في لبنان، وأنّه رغم المساوىء، الا ان وجوده في السلطة كان كافياً للامساك بأمن البلاد على كافة المستويات، لكنّ هذا المنطق الفوقي لن يُجدي نفعاً في ظلّ الأزمات الطارئة، إذ إن القوى السياسية مجتمعة بما فيها حلفاء “التيار” واضحة الموقف في هذا الخصوص، وأن الفوضى التي يراهن عليها النائب جبران باسيل ومحاولات إدخال البلاد في أزمة “دستورية واجتماعية” واعادة شعار “الحقوق المسيحية” الى الواجهة ستبوء بالفشل ولن تحقّق الغاية في نفس يعقوب!
مصدر الخبر
للمزيد Facebook