الصهر قاطع الضهر يتحدى سيد العهد: الامر لي
مفارقتان لافتتان سجلتا في القصر الجمهوري أمس عشية الاسبوع الاخير من ولاية الرئيس ميشال عون:
المفارقة الاولى حصلت قبل الظهر حيث صدر بيان مفاجئ في التوقيت والمضمون عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، نفى “ما يتردد من معلومات مغلوطة عن عزم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة”، واعتبر” انه تبنى على هذه المعلومات المختلقة تحليلات حول خطوات اخرى يعتزم الرئيس عون القيام بها“.
واعتبر البيان “ان هذه المعلومات لا اساس لها من الصحة جملة وتفصيلا وهي تندرج في اطار التشويش المتعمد والاساءة الممنهجة لموقع الرئاسة وشخص الرئيس“.
ودعا مكتب الاعلام “وسائل الاعلام الى العودة اليه لاستيضاح كل ما يتعلق بمواقف رئيس الجمهورية لئلا تقع ضحية اكاذيب واضاليل تكثر في مثل هذه المواسم السياسية التي تعيشها البلاد حاليا“.
اما المفارقة الثانية فقد حصلت ليلا، اذ يبدو ان بيان الرئاسة “الذي تحدث عن “اكاذيب واضاليل” قد اصاب من “رئيس الظل” وغرفته الاعلامية السوداء مقتلا، بعدما دأبوا طوال الفترة الماضية على ترويج اخبار عبر “الاخبار” وسواها، عن التوقيع على مرسوم استقالة الحكومة وغيرها من الخطوات التي ينوي عون اتخاذها للضغط على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للخضوع لشروط رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
ردُ “رئيس الظل” على “صاحب التوقيع الاخير” جاء عبر مقدمة نشرة اخبار المحطة البرتقالية OTV المسائية، التي شنت حملة عنيفة على رئيس الحكومة، مهددة بالويل وعظائم الامور، حتى خُيّل للمشاهد ان المقدمة مستعادة من أرشيف “حرب الاخوة” التي قصمت ظهر المسيحيين عام 1989، مع استبدال اسماء ” غدراس ومعبر نهر الموت ومعبر ضبيه”، باسماء” السراي الحكومي وبناية بلاتينوم (مقر سكن رئيس الحكومة)، وايضا عين التينة.
ولم يفت مَن يقف وراء مقدمة النشرة، التعبير عن غضبه، من “المواقع الإلكترونية المملوكة”، والمقصود هنا طبعا موقع واحد هو “لبنان24” المتربع على المرتبة الاولى بين كل المواقع الالكترونية منذ سنتين تقريبا بشهادة احدى اهم الشركات العالمية المتخصصة، لسبب واحد وهو تمتعه بالصدقية والجرأة والموضوعية في مقاربة كل الملفات، وهذا ما يزعج طبعا “صاحب الملفات المستترة او المكشوفة نهارا وليلا رغم انقطاع التيار بفعل تعنت “التيار” في الامساك بحقيبة الطاقة التي فشل في ادارتها لـ 14 سنة متتالية.
وهكذا يبدو ان المرحلة المقبلة ستكون حافلة بالمفاجآت بين رئيس سابق قرر انهاء ولايته بسلام والعودة الى دارته بمرارة عدم تحقيق ما كان يحلم به للوطن، و”رئيس ظل سابق” كان المسبب الاساس لافشال الاحلام والانجازات ويصر على اللحاق بالرجل الى دارته ليستكمل من هناك معاركه الدونكيشوتية ومحاربة طواحين الهواء التي نصبها لسنوات. و”رئيس الظل” هذا يتجاهل انه من ابرز المتسببين بتعطيل انتخابات رئيس الجمهورية، التي تنهي كل هذا السجال واللغو.
جاء في “مقدمة النشرة البرتقالية” عن تحضيرات “معارك الصهر قاطع الضهر” الاتي:
“امّا حكومة جديدة… وإما كارثة.
وبشكل أدق، اما حكومة جديدة تراعي الدستور والميثاق ووحدة المعايير… وإما كارثة.
أما الكارثة، اذا وقعت لا سمح الله، فيتحمل مسؤوليتَها بكل وضوح وصراحة، من يُمعنون في تعطيل التأليف، لاعبين بالنار، ومهددين بدفع البلاد نحو مجهول ما بعدَه مجهول، وكأن كلَّ ما حل بلبنان منذ اثنين وثلاثين عاما الى اليوم، بفعل ممارساتهم والاعيبهم وضربهم للتوازن والمناصفة والشراكة، بالتكافل والتضامن مع من يغطَّونهم أو يدعمون مواقفهم، لا يكفي.
والكارثة اذا وقعت، يتحمل مسؤوليتها أولاً، من حاول ويُحاول، تخطي موقع رئاسة الدولة، ساعياً بكل ما أوتي من أدوات المكر والاحتيال السياسيين (2)، الى فرض تركيبة حكومية لا تحظى بموافقة الموقع الاول في الدولة اللبنانية، عبر تقديم الصيغ غير القابلة للحياة حيناً، وبإضاعة الوقت والفرص أحياناً، على أمل في انتزاع التوقيع الأول على الأمر الواقع الحكومي المطلوب، بضغط من الوقت والاوضاع المعيشية والاصرار الاقليمي والدولي.
والكارثة إذا وقعت، يتحمل مسؤوليتها ثانياً، من يبدو غيرَ آبه لتعريض الوطن إلى فراغ كامل على مستوى السلطة التنفيذية. ففي غياب رئيس الجمهورية، لا موافقات استثنائية لتسيير الأحوال، ومن دون حكومة أصيلة، تحظى بثقة المجلس النيابي الجديد، لا مجلس وزراء بعد الشغور، وبشكل أكثر دقة، لا اجتماعات لمجلس الوزراء، وتالياً لا قرارات، وهذا موقف لا نقاش فيه.
والكارثة إذا وقعت، يتحمل مسؤوليتها ثالثاً، من يبدو غيرَ مكترث بالخضات الأمنية المباشرة المحتملة، أو تلك الممكنة على مستوى الأمن الاجتماعي، كنتيجة حتمية للفراغ السياسي، ولو كانت مرفوضة من الجميع. فمن دون سلطة تنفيذية، تسقط كل الفتاوى الدستورية والقانونية غبّ الطلب، وتضمحل العنتريات الكلامية، وتتلاشى قيمة البهورات عبر المواقع الإلكترونية المملوكة، ليصبح ممانعو التشكيل وجهاً لوجه أمام الأزمات المتوالدة، وفي مواجهة الغضب المقدس للناس، الذي سيترجم نفسه بشكل طبيعي وتلقائي، على مختلف المستويات.
طبعاً، المشهد خطير ومخيف.
لذلك، من الأجدى للجميع، وقبل الجميع، لشعب لبنان، أن تتشكل قبل نهاية الولاية الرئاسية منتصف ليل 31 تشرين الاول الجاري، حكومة جديدة، أو أن يتم قبل هذا التاريخ، انتخاب رئيس جديد.
فالحكومة الحالية المستقيلة، ممنوعٌ أن تتولى ما خصصه الدستور من صلاحيات لرئيس الجمهورية، في حال الشغور في السدة الاولى. أما إذا أصر رئيسُها على اعتبارها كاملة الصلاحيات، وتجرأ على استخدام صلاحيات الرئيس، فهو بلا أدنى شك، يحوّل نفسه إلى مغتصب للسلطة، مهدداً البلاد بفوضى دستورية وميثاقية وسياسية، وضارباً بذلك أسس الشراكة الوطنية و وثيقة الوفاق الوطني، وقد يجرّ البلاد إلى الأخطر، وفق مصادر رفيعة معنية.
ولذلك، ووفقاً للمصادر عينها، منعاً للفوضى، ودفاعاً عن وثيقة الوفاق الوطني التي يغامر بها كثيرون من المتشدقين يومياً بعبارة “رفض المس بالطائف”، فإن رئيس الجمهورية، ومعه التيار الوطني الحر وسائر الحريصين على الكيان ومكوِّناته، يملكون مجموعة من الخيارات الكفيلة بمنع الانزلاق في المحظور، ومنها بداية، كلُّ ما يتصل بإسقاط الصفات القانونية والمقوِّمات الشرعية عن الحكومة الحالية ، كي لا تتحول إلى أداة للفتنة ومصدرا لتهديد الوفاق… فإما حكومة جديدة، أو رئيسٌ جديد، وإما كارثة… وما على المعنيين إلا الاختيار. أما زمن انتهاك دستور لبنان وميثاقه الوطني، والغاء مبدأ وحدة المعايير في التعامل بين أبنائه، فولِّى قبل ست سنوات، ولن يعود اليوم، ولا بأي حال من الأحوال”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook