آخر الأخبارأخبار محلية

الوكالة الوطنية للإعلام – ندوة حول “الكاريكاتير السياسي بين الأمس واليوم” في مؤسسة سابا زريق في طرابلس

وطنية – أقامت “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية” في مقرها بطرابلس، ندوة حول “الكاريكاتير السياسي بين الأمس واليوم”، تحدثت فيها كل من الدكتورة رويدا الرافعي مسقاوي والاستاذة الجامعية المنظمة لمهرجانات ومعارض فنية وشغلت لسنوات مديرة “مركز الصفدي الثقافي” الدكتورة نادين العلي عمران، بحضور حشد من الهيئات الثقافية والأساتذة الجامعيين ومهتمين.
 
زريق
 إفتتاحا النشيد الوطني ونشيد الفيحاء، ثم ألقى رئيس الهيئة الإدارية للمؤسسة سابا قيصر زريق كلمة قال فيها: “عرفت طرابلس فنانين إتقنوا فن الكاريكاتير وفقهوا له معنى يتجاوز الرسم ليُستعمل كواسطة لبث رسائل سياسية وإجتماعية، وجُلّها إستهزائية وساخرة تعوّض عن عواميد كاملة في الصحف”.
 
أضاف: “ولما كنت على يقين بأنّ الكاريكاتير من أركان الثقافة، عندما أدرجته كموضوع مستقل في دراستي المعنونة” الإنتماء إلى طرابلس…إرتقاء ثقافي” أرى في تلبية محاضرتينا المشكورة دعوتي لتسليط أضواء جديدة على هذا الركن الثقافي إيفاء لحقٍ مستحق له بأن يحظى بإهتمام أكبر من المعنيين كافة”.
 
الرافعي
 وتحدثت الرافعي مسقاوي وهي إلى كونها فنانة تشكيلية، استاذة محاضرة في عدة جامعات وناشطة في نقابات وإتحادات فنية، تُعنى بالفن التشكيلي ومثلت لبنان في ملتقيات ومهرجانات دولية ولها إصدارات عدّة.
 
فتناولت إشتقاق كلمة كاريكاتير من اللاتينية وتعني المبالغة والمغالاة في تحريف الملامح الطبيعية لشخص أو حيوان أو جسم ما بهدف السُخرية أو النقد الإجتماعي والسياسي، وأشارت إلى ان “الكاريكاتير السياسي يُعد أكثر الأنواع شيوعا كونه يقوم بمهمة تحريضية لنقد الواقع، وأصبح اليوم ركنا أساسيا في الصحافة العربية والعالمية، وهذا الفن له خطورة من حيث الرسوم التي تحفر في ذهن الإنسان إنطباعا أشد تاثيرا من الكلمات، فريشة الكاتب الساخر وقلمه قد تغيّر أحداثا بأكملها والنُكات الساخرة لم تعد مجالا للترفيه فقط، بل تحولت لتشكّل رؤية كاملة لمشكلات المجتمع عبر الريشة والحركة واللون، بحيث أصبح أحد الأركان الأساسية في حلبة الصراع السياسي والإيديولوجي”.
 
كما تناولت “نشأة هذا الفن الذي بدأ مع الإنسان البدائي الذي عرف الضحك والسُخرية والحزن والبكاء، الأمر الذي تعبّر عنه الرسومات على جدران الكهوف القديمة العهد، وأن المصريين القدامى هم أول من تنبّه إلى هذا الفن، لتنتقل من ثم إلى عصر النهضة وظهور الكاريكاتير بكثرة في الإتحاد السوفياتي، أما بالنسبة للكاريكاتير العربي فقط تأخر ظهوره إلى حين تمكن من التسلّل إلى الصحافة فظهرت نخبة جيدة من رسامي الفكاهة، لتسلّط من ثم الضوء على إنطلاقة هذا الفن في مختلف البلدان العربية حيث ظهر العديد من رسامي الكاريكاتير المصريين مع إنطلاقة ثورة 23 يوليو 1952 وإشتهر العديد منهم مثل صلاح جاهين، بهجت عثمان، مصطفى حسين، محي الدين اللبّاد، عمرو سليم، أحمد طوغان. وعبّرت لوحاتهم عن خفّة دم في أحلك الظروف نتيجة تأثّر الشعب المصري بالفكاهة وإطلاق النكات بهدف إنتزاع الضحك من أفواه الناس، لكن سرعان ما نشأت الرقابة في العهود التي أعقبت تلك المرحلة والتي كان تاثيرها واضحا على الصحافة بشكل عام”.
 
أما في العراق تقول الرافعي: “فإن غازي عبد الله مبتكر شخصية البغدادي الذكي من أبرز رسامي الكاريكاتير العراقيين وقد تميزت رسوماته بتناول المضحك المبكي في الواقع العراقي بمرارته وحلاوته آنذاك. وتُعتبر فترة الحرب العراقية الإيرانية من أصعب الفترات على رسامي الكاريكاتير الناتجة عن الإيديولوجية المحفوفة بالمخاطر. أما في سوريا التي نشأت فيها أول مطبعة في العالم العربي في حلب عام 1706 فكانت أولى إطلالات رسم الكاريكاتير مع صحيفة “دير ظهرك للدنيا” و “حط بالخرج” و”جحا” و “الكشكول” وغيرها.ومع إندلاع الأزمة السورية الأخيرة أصبح المسؤولون مادة دسمة لرسوم الكاريكاتير على صفحات الجرائد العربية والدولية”.
 
وتابعت: “أما في فلسطين فإن الصحافة فيها شهدت تطورا ملحوظا بعد نكبة 1948 وبرزت صحيفة “الميثاق” التي كانت تفرد مساحة خاصة لكاريكاتير ناجي العلي الفنان الذي دفع حياته ثمنا لمواقفه الوطنية والقومية، ويُعتبر “حنظلة” الطفل ذو العشر سنوات بطل رسوم ناجي العلي، وبعد إستشهاده برزت مجموعة من المواهب الشابة التي سارت على نهجه، اما في الأردن فإن الكاريكاتير لم يظهر بشكله المعاصر إلآ مع فك الإرتباط بين الأردن والضفة الغربية في العام 1988″.
 
العلي
 
وألقت العلي عمران كلمة تناولت فيها تطور فن الكاريكاتير في لبنان ودوره الإبداعي وديمومته كفنّ يحمل في طياته جميع مميزات العمل التشكيلي، وبدأت مداخلتها بالحديث عن أول إصدار لصحيفة هزلية في لبنان بعنوان” حمارة بلدنا” لنجيب جانا في بيروت وهو سوري الأصل في العام 1910، و”حمارة الجبل” في 1913 و” جراب الكردي” في 1914، كما صدرت جريدة “هبّت” في فترة ماقبل الحرب العالمية الأولى حاملة أول كاريكاتير في الصحافة اللبنانية (وهذه الصحيفة كانت متخصصة بسباق الخيل الذي كان رائجا في بيروت وتوقف مع بداية الحرب اللبنانية)، كما اصدر يوسف مكرزل مجلته “الدبور” التي كانت رقما صعبا في الصحافة اللبنانية نظرا لدورها الناقد والفاضح مما جعل رجال السياسة يخشونها وقد تم توقيفها ومنعها من الصدور عدة مرات.
 
وعددت العلي الصحف والمجلات التي صدرت في فترة ما قبل الإستقلال وهي على التوالي: “الأحرار” التي حفلت صفحاتها بالرسوم الكاريكاتيرية للرئيس شارل دباس، وإشتهر ديران عجميان برسومه في “الدبور”، كما نشر مصطفى فرّوخ رسوما كاريكاتيرية في مجلة النديم، في حين نشر معظم الكاريكاتيريين في مجلة “الصياد” مثل ديران، الفنانان الطرابلسيان  رضوان الشهال وعبد الله الشهال، وجان مشعلاني وبيار صادق والطرابلسي محمود كحيل.
 
وقالت: “منذ السنوات الأولى لجمهورية الإستقلال كان الرئيس والسلطة عموما في مرمى الكاريكاتير والصحافة الساخرة، ولم يقتصر الأمر على ذلك، ففي تلك الأيام ولدت على صفحات” الصياد” شخصية” أبو خليل” التي تمثل الشعب اللبناني الذي تمّ إدخاله في المعركة بوجه السلطة ومناصبها ورجالها وأحزابها، والثورة البيضاء في 1952 أجبرت رئيس الجمهورية بشارة الخوري على الإستقالة في منتصف ولايته الثانية، وثمّة حركة إعتراضية واسعة كان يعبّر عنها آنذاك شاعر الشعب عمر الزعنّي، كما تميّز نيازي جلول الطرابلسي بخطوطه الجريئة المتمرّدة، اما ملحم عماد فقد إلتزم خطا عروبيا خوّله في الكثير من الأحيان الخروج عن سمفونية الكاريكاتير اللبناني المغرق في المحلية.
 
وتوقفت العلي عند الفنان بيار صادق (1938-2013) “المنتصر ليوميات السياسة اللبنانية والمتمرّد بطبيعته والشغوف بالحرية، لم يكن يصعب عليه يوما العثور على موضوع يقاربه من ضمن كمّ كبير من الأخبار والأحداث في لبنان والبلاد المجاورة، والأهم من ذلك التعبير عن الفكرة التي تراوده وهذا ليس بالسهل في ظل الظروف المعقدة سياسيا في لبنان. لقد برع في تسجيل الأحداث السياسية ضمن مقاربة فنية غير مبتذلة، قرأها على طريقته، وعبّر عنها بريشته وإسلوبه الساخر غير التقليدي، من خلال شخصية توما التي تظهر في معظم رسومه وقد ولدت هذه الشخصية عام 1977 بعد سنتين على إندلاع الحرب الأهلية في فترة كان فيها اللبنانيون بأمس الحاجة إلى شخصية ناطقة بإسم الوطن وقد إختار صادق توما اللبناني الجبلي الذي يمثّل الفلاح ويرتدي الشروال والطربوش، او اللبادة ويتحدث دون قيود او محاذير بشكل ظريف ومستفز وساخر”.
 
وتابعت: “كما رسم صادق لمجلة “النهار العربي والدولي” التي أصدرها جبران تويني في باريس، كما رسم لجريدة” الجمهورية” إلى ان إنتقل إلى شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال LBC ليكون المبتكر اللبناني الأول لفن الكاريكاتير التلفزيوني المتحرك واليومي وكان ذلك تحديدا عام 1986 ولاحقا إستكمل هذه التجربة عبر تلفزيون المستقبل ولا شك ان موهبة بيار صادق قد فرضت نفسها مبكرا على الكثيرين”.

وفي الختام قدّم الفنان بلال الحلوة لوحة فنية للدكتور سابا زريق وأقيم حفل كوكتيل.
 

 

                                                                  =============ر.إ


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى