آخر الأخبارأخبار دولية

هل ستزود إيران الجيش الروسي بالصواريخ في ظل النفاد “المحتمل” لمخزونه في الحرب على أوكرانيا؟


نشرت في: 13/10/2022 – 20:26

أثار القصف الصاروخي الروسي الأخير على أوكرانيا والذي جاء كضربة “انتقامية” من حادث تفجير جسر القرم السبت الماضي، تساؤلات عديدة حول التحول الذي طرأ على طبيعة المعارك والمواجهات، وحول قدرة روسيا على الصمود في حرب استنزاف مع الغرب، تهدد بنفاد مخزونها من الصواريخ وتعطل قدرتها على شن القصف الجوي. ولم يستبعد خبراء ومراقبون أن تلجأ موسكو مجددا إلى إيران لمدها بالصواريخ كما سبق أن زودتها بطائرات مسيرة انتحارية.

يرى عدد من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين أن القصف الصاروخي الذي شنته روسيا ردا على الانفجار الذي هز جسر القرم السبت، جاء بنتائج عكسية حتى إن حجمه وطريقة تنفيذه كشفا عن معاناة موسكو فيما يتعلق بتجديد مخزونها من السلاح وخصوصا الصواريخ.

واستأنفت القوات الروسية الثلاثاء سلسلة ضربات جديدة على البنية التحتية الأوكرانية، غداة مقتل 19 شخصا على الأقل في أنحاء أوكرانيا إثر حملة قصف هي من بين الأشد التي تشنها موسكو منذ عدة أشهر.

وكان انفجار عنيف هز صباح السبت جسر القرم الاستراتيجي الذي يربط روسيا وشبه الجزيرة التي ضمتها في 2014، وهو يضم طريقا بريا ومسارا للقطارات. وهذا الجسر الذي دشنه بوتين في 2018 بات طريق إمداد حيوي للقوات الروسية التي سيطرت على معظم منطقة خيرسون جنوبي أوكرانيا.

لكن الرد الروسي الصاروخي على حادث الجسر هو من جهة مكلف من الناحية المالية، ومن جهة أخرى يهدد باستنزاف المخزون الاستراتيجي من حيث عدد الصواريخ. فحسب مجلة فوربس، كلف القصف الذي شنته روسيا على أوكرانيا الإثنين ما بين 400 إلى 700 مليون دولار، مشيرة إلى أن معظم الصواريخ التي أطلقتها روسيا كانت باهظة الثمن وعالية الدقة من طراز Kh-101 و S-300 و Tornado-S. كما أشارت فوربس إلى أن القصف الصاروخي الروسي واسع النطاق على أوكرانيا في فترة 25 و26 يونيو/حزيران، وتم خلاله إطلاق ما بين 60 و80 صاروخا، قد كلف الروس ما بين 150 و200 مليون دولار.

من جهته، أوضح موقع The War zone “ذي وار زون” نقلا عن يوري إهنات المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، بأن روسيا أطلقت الإثنين أكثر من 83 صاروخا على أوكرانيا، إضافة إلى 17 طائرة بدون طيار إيرانية انتحارية من طراز شاهد-136. يضيف الموقع بأن هناك تقارير كثيرة تفيد بأن المخزون الروسي من الصواريخ الموجهة الدقيقة قد ينفد، في ظل محدودية قدراتها الإنتاجية وسط العقوبات الغربية.

كما وردت مسألة نقل الصواريخ الباليستية من إيران إلى روسيا في تقارير أخرى محلية في الجمهورية الإسلامية، وقد تكون قد تمت بالفعل حسبما أوضح موقع “ذي وار زون”. فقد جاء في مقال نشر باللغة الفرنسية على موقع presstv.ir والتابع لقناة دولية إيرانية، تحت عنوان “بعد جيران 2/شاهد 136 بدلا عن خيبر شيكان؟” أن هجوما صاروخيا على منطقة بوهوروديشن في دونيتسك يحمل بصمات صاروخ “خيبر-شيكان” الباليستي متوسط ​​المدى (MRBM) الإيراني الصنع. وأضاف الموقع بأن لا دليل ملموس على استخدام صواريخ إيرانية في أوكرانيا أو عن إرسال صواريخ إيرانية بالفعل إلى روسيا، لكنه يلحظ أن المقال المنشور تم تعديله وحذف الكثير من مقاطعه وغير عنوانه، لكن يمكن الوصول إلى نسخته الأصلية كاملة وهي مؤرشفة على الإنترنت.

هذه التقارير أكدها أيضا جيريمي فليمنغ رئيس هيئة الاستخبارات والأمن البريطانية GCHQ في تصريح لقناة “بي بي سي” حيث قال: “نعتقد أن روسيا تعاني من نقص في الذخائر”. مضيفا بأن إيران يمكن أن تساعد الروس في هذا الإطار.

بدوره، قال ميشيل غويا المؤرخ المتخصص في القضايا العسكرية في تصريح لقناة RTL “إر-تي آل” الفرنسية الثلاثاء إن موسكو “تبدد” قوتها الصاروخية في أوكرانيا”. وأوضح ههنا: “لم تستخدم طائرات في هذه الضربات ولم يشنوا غارات جوية. إنها فقط نيران صواريخ”. كما أوضح نفس المتحدث: “لدينا بالتأكيد عدة آلاف من الصواريخ التي يتم إطلاقها، مما يثير أيضا التساؤل عن المدة التي سيتمكن فيها الروس من الاستمرار.. حاليا، يستخدم الروس صواريخ قديمة جدا من الستينيات وهي ليست دقيقة”.

وكانت نائبة وزير الدفاع الأوكراني حنا ماليار صرحت لموقع newsweek.com في نهاية أبريل/نيسان، بأن روسيا قد قصفت بلادها بما لا يقل عن 1300 صاروخ منذ بدء الغزو في 24 فبراير/شباط، مقدرة بأن موسكو تكون قد استخدمت بعد ذلك ما يقرب من نصف مخزونها الصاروخي.

من جانبه، يقدر الجنرال كريستيان كويسنو رئيس الأركان الفرنسي السابق بأن “الصناعة الروسية لها طاقة إنتاجية تتراوح بين 100 و200 صاروخ سنويا” لكنه يستدرك بالقول إن “المشكلة والصعوبة اليوم تكمن في التجديد. الروس لديهم الصفائح الفولاذية والمتفجرات لكنهم محدودون فيما يخص أنظمة التوجيه الإلكترونية.”.

بدورها، أفادت صحيفة نيويورك تايمز بأنه وحتى يوم الثلاثاء، أكدت وزارة الدفاع الأوكرانية بأن قواتها أسقطت حوالي 300 صاروخ كروز روسي منذ فبراير/شباط. مضيفة بأن العدد الإجمالي للصواريخ الروسية التي تم إطلاقها خلال الحرب بلغ الآلاف.

وقد أشار موقع  korii.slate.fr إلى أبرز الصواريخ الإيرانية التي قد تسيل لعاب الروس في حربهم على أوكرانيا، وأبرزها صواريخ قيام-1 (يتراوح مداها من 700 إلى 800 كيلومتر)، فاتح 110 (يتراوح مداها من 200 إلى 300 كيلومتر)، وصواريخ طراد سومار (يصل مداها إلى 3000 كيلومتر).

فإذا، هل فعلا استنفدت روسيا مخزونها من الصواريخ خلال حربها على أوكرانيا؟ هل إيران قادرة على تزويد روسيا بالصواريخ؟ ما شكل الاستراتيجية الحربية في حال نفاد الصواريخ وتعطل الغارات الجوية؟ أسئلة يجيبنا عليها كل من د. عمر الرداد خبير استراتيجي ومحلل سياسي، ناجي ملاعب باحث عسكري واستراتيجي، ود. هاني سليمان مدير المركز العربي للبحوث والدراسات مختص بالشأن الإيراني.

  • هل فعلا استنفدت روسيا مخزونها من الصواريخ؟

يقول عمر الرداد: “لا أعتقد أن روسيا استنفدت مخزونها من الصواريخ، لكن من الواضح أن هناك مشاكل تواجهها على هذا الصعيد، لا سيما وأن الترسانة العسكرية الصاروخية الروسية تم بناؤها بمقاربات تستند للحرب الباردة والحروب الاستراتيجية التقليدية، بما فيها من دبابات ومدافع ومشاة، وهو ما كشف مع الحروب الجديدة عجزا لدى موسكو التي تنجح في ضربات صاروخية بعيدة وتواجه مشاكل في المواجهات مع الجيش الأوكراني والأسلحة الغربية التي تخوض المعارك بمفاهيم قتالية جديدة”.

بدوره، يرى ناجي ملاعب: “روسيا هي دولة منتجة للأسلحة بذخائرها وصواريخها التي تعرضها على الدول الشريكة والدول السائرة في فلكها بشكل دائم، وهي تشارك في معارض الأسلحة بالخليج وتركيا وما إلى ذلك ولديها إنتاج كامل، ورغم أن القطاع الخاص هو المصنع إلا أن إدارته الرسمية هي بيد الدولة. ثم إن روسيا لم تستخدم بعد مخزونها الكبير من الأسلحة والموضوع لم يصل إلى درجة أنها باتت في حاجة. لا ننسى أنها لا تخوض حربا على أرضها فجميع المصانع في حالة فعالية وقيد الإنتاج. لكن يمكن أن تكون العقوبات المفروضة عليها أثرت بشكل جزئي على التزود بالتقنيات المستخدمة في إنتاج الصواريخ وهناك مواد فقدت من السوق. لست أدري كيف يمكن التعويض عليها ومن قبل أي دولة؟ إنها تقنيات كانت تستورد من الدول الأوروبية ومن الولايات المتحدة قبل فرضها للعقوبات”.

في المقابل، يري هاني سليمان: “هناك العديد من التقارير والمؤشرات التي تتحدث عن نفاد الصواريخ الروسية في ما يخص عملياتها في أوكرانيا، في ظل استعانة روسيا خلال الفترة السابقة بمنظومة إس-300 والتي هي أصلا صواريخ أرض-جو تم استخدامها في العمليات البرية وقصف الأهداف البرية، ما يدل على عدم وجود رصيد كافي من الصواريخ أرض-أرض أو التقليدية، ما دفعها لاستخدام منظومة إس-300 في أوكرانيا. حتى إنها سحبت تلك المنظومة من سوريا مع بعض التجهيزات الخاصة للاستعانة بها في الحرب على أوكرانيا ما يؤكد وجود إشكالية في حسابات الروس العسكرية. لكن لا يمكن التغاضي عن استخدام روسيا وتطويرها لبعض أنظمة الصواريخ العابرة للصوت مثل سارمات أو كينغال ونشرها لمواجهة بعض الأعمال القتالية التي يدعمها الناتو أو الهجوم الأوكراني المضاد. روسيا لديها صواريخ نوعية ستسمح لها بإطالة زمن العمليات وفي شن الهجمات والمواجهات العسكرية في داخل أوكرانيا”.

  • هل إيران قادرة على تزويد روسيا بالصواريخ؟

يرى الخبير الاستراتيجي عمر الرداد بأنه و”رغم التحالف بين موسكو وطهران وتزويد طهران للجيش الروسي بمسيرات إيرانية، إلا أن سياقات الاستراتيجية الإيرانية بمفاوضات مع واشنطن، ربما تحول دون تزويد موسكو بصواريخ إيرانية، لأنها لا تريد أن تتورط بعيدا في التحالف مع موسكو، كما أن موسكو ستظهر بموقف يؤكد ضعفها ومقولات نفاد مخزونها من الصواريخ، وهي مسألة مهمة لروسيا في ظل إيدلوجيا الندية مع الناتو والغرب”.

في نفس السياق، أوضح الباحث العسكري والاستراتيجي ناجي ملاعب: “الحرس الثوري بات هو الذي يمتلك الميزانية العسكرية الكبرى في إيران ويقود زمام الإنتاج الحربي الإيراني، حسب المعارض التي نحضرها. لقد استطاعت إيران تطوير صواريخ باليستية ومسيرات قتالية وانتحارية وقذائف وهي مكتفية من حيث هذه الأنواع رغم الحاجة للتقنيات. لا يوجد تفوق في الصناعة الجوية رغم وجود صناعة مهمة للصواريخ الشبيهة بـ إس-300، فعندما أوقف الروس صفقة هذه الصواريخ نتيجة العقوبات على إيران، تمكنت الأخيرة من إنتاج بديل لهذه المنظومة الجوية وهي جاهزة، لكن الروس ليسوا بحاجة لمثل هذه المنظومة لكنهم في حاجة للصواريخ، إيران زودت الروس بالمسيرات ويمكن أن تزودهم بغير ذلك حيث إنها لا تخشى العقوبات تماما كما روسيا”.

يعتبر الباحث المختص بالشأن الإيراني هاني سليمان بأن “أحد أهم البدائل الموجودة لدى روسيا هو الحليفين الصيني والإيراني، حيث هناك تنسيق كبير بين روسيا وإيران في سوريا وهما في مربع واحد في المواجهة مع الولايات المتحدة إضافة إلى الحليف الصيني وكوريا الشمالية. لكن الأقرب من حيث تقديم الدعم هو الصين لكن يمكن أن يتم هذا على استحياء تجنبا للخلافات مع الغرب. إيران قد تمثل بديلا مهما وهناك تعاون في مجال الدرونز وقد استطاعت إيران خلال فترة العقوبات أن تطور العديد من الصواريخ المحلية بصرف النظر عن مدى نجاحها. هي قادرة على مد الجانب الروسي بالعديد من الصواريخ لسد هذا العجز لكن الأمور تتوقف على فترة المعركة والأمد وقدرة روسيا على مقاومة الدعم المقدم لأوكرانيا”. ويلحظ مدير المركز العربي للبحوث والدراسات: “هناك دول مرشحة لأن تنظم إلى هذه الحرب التي قد تطول لأشهر طويلة ومنها بولندا التي قد تكون هي الجبهة المفتوحة القادمة إن استمرت الحرب لأكثر من ستة أشهر أخرى”.

  • ما شكل الاستراتيجية الحربية في حال نفاد الصواريخ وتعطل الغارات الجوية؟

قال عمر الرداد إنه من “الواضح أن روسيا لا تملك استراتيجيات عسكرية واضحة، ولعل العنوان الأبرز في الاستراتيجية العسكرية الروسية أنها تحولت إلى مفاهيم دفاعية، تقتصر على ردود فعل تكتيكية على ضربات الجيش الأوكراني المزود بأسلحة غربية، ومن المرجح أن يواصل الجيش الروسي استراتيجية الأرض المحروقة عبر تكتيكات حروب تقليدية عنوانها المدفعية والمشاة”.

من جانبه، قال ناجي ملاعب إن “منظومات الدفاع الجوي التي ستزود بها الولايات المتحدة أوكرانيا ستتطلب التدريب عليها والتموضع وهي عرضة للتدمير على خطوط الإمداد وأماكن التمركز وهناك إشكالية في المطارات التي ضربها الروس وباتت خارج الخدمة، كما يجب إعادة القوة الجوية إلى فعاليتها وهو ما سيتطلب وقتا. كما أن الروس يمتلكون طائرات عالية المستوى تستطيع القصف من مسافات بعيدة وهي سريعة الالتفاف ولديها ميزات الجيل الخامس المماثل للإف-35. كما يمكن القصف من البحر الأسود والبلطيق حيث هناك تواجد روسي كبير إضافة إلى الغواصات. بعد ضم روسيا للمناطق الأوكرانية أصبح القتال بريا على خطوط التماس، حيث يهاجم الأوكرانيون لتحرير أراضيهم فيما ينشر الروس قوات ميدانية مكونة من الشيشان وفاغنر إلى جانب الجيش النظامي والاحتياط وبات القتال ميدانيا ليس أكثر، بمشاركة مدفعية قريبة وسلاح مضاد للآليات وسلاح مدرعات وسلاح الدفاع الجوي لحماية التقدم من الجهتين، كما تلعب المسيرات دورا في المعارك، هذا القتال كان أكثر خلال فترة ما قبل الهجوم على جسر القرم، لكن ما بعده هاجمت روسيا مراكز بنية تحتية أوكرانية معظمها مدني بنحو 84 صاروخا، وأصبح القتال على هذا المستوى قتالا على خطوط التماس لا يلزمه صواريخ، أما الصواريخ البعيدة المدى والباليستية فستكون ردا على أي عملية نوعية مماثلة لعملية جسر القرم. روسيا تريد أن ييأس العالم من هذا الوضع ويمكن أن يكون هناك مفاوضات في تركيا وهو الحل الذي ينتظره الفريقان”.

للمزيد: ما هي إستراتيجية بوتين في أوكرانيا وهل ستنتهي الحرب بسقوط دونباس؟

كما أوضح هاني سليمان: “في حال نفاد الصواريخ وتعطل الغارات الجوية فإن روسيا ستكون في موقف حرج لأن حسم المعارك والمواجهات العسكرية من خلال الجو يوفر نصف المسافة والقدرات، فإن العجز عن ذلك سيشكل شللا كبيرا بالنسبة للجانب الروسي ما يعطي التفوق النوعي للجيش الأوكراني بفضل الدعم الغربي ما سيمكنه من محاصرة القوات الروسية وقلب معادلة المعارك. قد تلجأ روسيا إلى التركيز على مناطق بعينها والسيطرة عليها أو حتى التخلي عن بعض المساحات واتباع استراتيجية الأرض المحروقة وتدمير البنية التحتية والقدرات اللوجستية، لتأكيد التفوق وتعويض العجز في موازين القوى على الأرض”.

أمين زرواطي


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى