آخر الأخبارأخبار محلية

موقف لبناني موحّد.. كيف تنظر القوى السياسية إلى إنجاز الترسيم؟!

أخيرًا، وبعد مفاوضات ماراثونية وشاقّة، ولو غير مباشرة، استغرقت سنوات طويلة، تحقّق “الإنجاز” من خلال “مسودة” اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، التي نجحت جهود الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، في التوصل إليها، واعتبرها الجانبان المعنيّان “مُرضية”، لكونها تلبّي الشروط والمتطلبات، بانتظار “الإخراج النهائي” الذي ينتظر الاتفاق على بعض التفاصيل “الشكليّة واللوجستيّة” المرتبطة بطريقة إعلان الاتفاق.

لعلّ المفارقة المثيرة للانتباه في الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه تكمن في الموقف اللبناني “الموحّد” الذي لعب دورًا جوهريًا في إنجاز المفاوضات وتصاعد “الدخان الأبيض”، وذلك من خلال تشبث لبنان بحقوقه وإصراره على تحقيق مطالبه، وهو ما برز خصوصًا في اجتماع بعبدا الشهير الذي جمع الرؤساء الثلاثة مع الوسيط الأميركي، ووضع النقاط على الحروف، بعيدًا عن الحديث عن “خلافات وانقسامات” بين اللبنانيين أنفسهم تعيق الاتفاق.

وعلى رغم بروز بعض الآراء “المتباينة” في مرحلة المفاوضات، حول نظرة بعض الأفرقاء إلى “خطوط” التفاوض، والتعديلات التي طرأت عليها، فإنّ الموقف “الموحّد” انعكس على النظرة إلى النتيجة النهائية للتفاوض، ولو أنّ بعض الآراء تفاوتت نسبة إلى “التوظيف السياسي” الذي بدأ سريعًا من جانب بعض الأطراف، فيما تبقى العبرة، برأي العديد من المتابعين، في الخواتيم، لا بل في مرحلة ما بعد دخول الاتفاق حيّز التنفيذ على الأرض.

“العونيون”: إنجاز لـ”العهد”
على مستوى “العونيّين”، كانت لافتة المسارعة إلى وضع الاتفاق في خانة “الإنجاز” لـ”العهد” حصرًا، ودون أيّ شريك، سوى “حزب الله” بالنسبة إلى بعضهم، ممّن أرجعوا الفضل في التوصل إلى الاتفاق، إلى تفاهم مار مخايل، الذي أسّس لمعادلة “القوة” بين الدبلوماسية من جهة، والمقاومة من جهة ثانية، ولا سيما بعدما فرضت الأخيرة “إيقاعها” من خلال مسيّراتها، التي أرسلت ما يجب من رسائل “الردع” في الوقت المناسب، الأمر الذي سرّع المفاوضات.

من هذه الزاوية، يقرأ “العونيّون” الإنجاز على أنّه خاص بهم وحدهم، وهو ما قُرئ أصلاً بتغريدة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل حول الأمر، والتي استهلّها بعبارة “في عهد الرئيس عون”، واصفًا ما تحقّق بأنّه “أهم انتصار منذ العام 2000″، وبينهم من يذهب أبعد من ذلك، ليعتبر أن لباسيل “حصّته” من الإنجاز، باعتبار أنّه من تحدّى العقوبات الأميركية، وفرض معادلة “كاريش مقابل قانا”، التي أثارت “استهزاء” الكثيرين في البداية.

ومع أنّ المفاوضات سابقة لـ”العهد”، وقد لعب رئيس مجلس النواب نبيه بري دورًا جوهريًا في التأسيس لها، قبل نقل “راية” التفاوض إلى رئيس الجمهورية، من دون أن يُحصَر به في مختلف محطات التفاوض أساسًا، بدليل لقاء بعبدا الشهير، يعتبر المحسوبون على “التيار” أنّ ما حصل ما كان ليتحقّق لولا وجود الرئيس عون في بعبدا، معتبرين أنّ الأخير نجح، من دون صلاحيات، أن يعيد “الهيبة” إلى الموقع، ويحقّق ما عجز عنه غيره، وفق توصيفهم.

“توظيف سياسي”!
قد “يتقاطع” حلفاء “التيار” وخصومه على اعتبار ما تحقّق “إنجازًا” قد يعود بالنفع على لبنان، إذا ما عرف المسؤولون كيف يستفيدون منه، ولم يقع في فخّ “الفساد والمحسوبيّات” وفق العادة اللبنانية، إلا أنّ الاختلاف “الجوهري” يبقى على ما يصفه بعض خصوم “التيار”، “استغلالاً سياسيًا” للأمر، عبر تصويره وكأنّه “انتصار” لفريق على حساب آخر، في أمر ينبغي أن يكون “جامعًا” لجميع اللبنانيين من دون استثناء.

وإذا كان بعض خصوم “التيار” يتفهّمون، وفق ما يقولون، “غيرة العونيّين” على “العهد”، وبالتالي سعيهم الحثيث لتسطير “إنجازات” تعوّض في الأيام الأخيرة بعضًا ممّا فات في ولاية شهدت على “الانهيار الكبير”، فإنّهم يعتبرون أنّ نسب الفضل لـ”العهد” حصرًا لا يعبّر عن الحقيقة، علمًا أنّ القاصي والداني يدرك أنّه لو لم تكن الظروف الدولية مؤاتية، ولا سيما تلك التي نتجت عن حرب أوكرانيا، لما تحقّق “الإنجاز” لا في هذا “العهد” ولا في غيره.

وفي حين كان لافتًا أنّ بعض “العونيّين” لم يتردّدوا في “الشماتة” من الخصوم، انطلاقًا من ملف “وطني”، كترويجهم لتصريح لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع يقول فيه إنه “لا يعتقد” أنّ الترسيم سيُنجَز في هذه المرحلة، باعتباره “أعقد” ممّا يتصوّر كثيرون، فإنّ العارفين يعتبرون أنّ ما هو أسوأ من التوظيف السياسي، قد يكمن في طريقة التعاطي مع “الإنجاز”، خصوصًا في المرحلة المقبلة، وعندما يبدأ “محكّ” استخراج الغاز، وهنا بيت القصيد.

“الإنجاز” تحقّق. قد يحلو للبعض نسبه لنفسه، وهو حقّ قد يكون مشروعًا في السياسة. إلا أنّ الواقع أنّ أمرًا بهذا الحجم ما كان يمكن أن يحصل لولا “اتحاد” اللبنانيين، والتفافهم حول بعضهم البعض. لعلّ هذا بالتحديد هو “الدرس” الذي ينبغي على الجميع استخلاصه من تجربة الترسيم، فالاتفاق الداخلي هو “بوابة” كل شيء، فهل من يأخذ “العبرة” في مقاربة الاستحقاقات الداهمة، والتي قد “تطيح” في طريقها بكلّ إيجابيات الترسيم وغيره؟!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى