إذا تمت المصادقة عليها من قبل الحكومتين.. هل ستسد الصفقة نقص الطاقة؟
كتبت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية: “في اختراق دبلوماسي كبير بين جارتين لا تزالان من الناحية الفنية في حالة حرب وليس بينهما علاقات دبلوماسية مباشرة، وافق كل من لبنان وإسرائيل على حل النزاع المستمر منذ عقود بشأن ترسيم الحدود البحرية في مياه البحر الأبيض المتوسط الغنية بالغاز، حسبما أعلن قادة البلدين يوم الثلاثاء.
وبحسب الصحيفة”إذا تمت المصادقة عليها من قبل الحكومتين، فمن المتوقع أن تتجنب الصفقة التهديد الفوري للصراع بين حزب الله وإسرائيل، بعد مخاوف من التصعيد إذا انهارت المفاوضات، وأن تسهل على شركات الطاقة استخراج الغاز من الأجزاء الشرقية من البحر الأبيض المتوسط. ويأمل المسؤولون والمحللون أن تخلق الصفقة مصادر جديدة للطاقة والدخل لكلا البلدين، مما يمنح لبنان مساحة أكبر في المستقبل لتهدئة أزماته المالية وازمة الخانقة، ويوفر لأوروبا مصدرًا جديدًا محتملاً للغاز وسط نقص الطاقة الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال مكتب الرئيس اللبناني ميشال عون، في بيان، صباح الثلاثاء، إن مشروع الاتفاق يرضي “لبنان ويلبي مطالبه ويحافظ على حقوقه في ثروته الطبيعية”. وبعد دقائق، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، في بيان: “هذا إنجاز تاريخي سيعزز أمن إسرائيل، ويدخل المليارات في الاقتصاد الإسرائيلي ويضمن الاستقرار على الحدود الشمالية“.”
وتابعت الصحيفة، “إن هذا الاتفاق، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وضمنته، محدود أكثر بكثير من صفقات التطبيع الكاسحة التي أقامت علاقات دبلوماسية كاملة بين إسرائيل وثلاث دول عربية في عام 2020، بعد سنوات من العزلة الإسرائيلية في الشرق الأوسط. وفقًا لمسؤول غربي كبير ومسؤول إسرائيلي كبير مطلع على شروط الاتفاقية، لم يقم لبنان وإسرائيل بعد بتكوين علاقات دبلوماسية وسيتخذ اتفاقهما شكل اتفاقيتين منفصلتين مع واشنطن – واحدة بين إسرائيل والولايات المتحدة والأخرى بين الولايات المتحدة ولبنان – بدلاً من اتفاق مباشر بين لبنان وإسرائيل. ونتيجة لذلك، فإن الترتيب لا يكرس موقع الحدود البحرية في وثيقة ثنائية ملزمة، تاركًا هذه الخطوة النهائية لمفاوضات أوسع في المستقبل. ومع ذلك، مثلت الصفقة اختراقًا مهمًا لدولتين لديهما تاريخ طويل من الصراع. فقد احتلت إسرائيل أجزاء من جنوب لبنان من عام 1982 إلى عام 2000، وخاضت حربًا استمرت شهرًا في عام 2006 بمواجهة حزب الله، أسفرت عن مقتل أكثر من 1500 شخص“.
وأضافت الصحيفة، “قال أرييل إزراحي، الخبير في دبلوماسية الطاقة في الشرق الأوسط: “لا أحد منا لديه أوهام بأن هذه اتفاقية سلام، أو أي شيء من هذا القبيل”. وأضاف إزراحي، المحلل في “المجلس الأطلسي”، وهي مجموعة بحثية مقرها الولايات المتحدة، قائلأً إنه ومع ذلك، “لا يمكننا التقليل من أهمية هذه الاتفاقية، ليس فقط بالنسبة للبنان وإسرائيل – ولكن للمنطقة ككل، وخارجها”. وتابع قائلاً: “إنها تجلب السلام والهدوء في شرق البحر الأبيض المتوسط، كما وأنها تشكل خبراً ساراً لأوروبا، حيث تسعى الأخيرة إلى تنويع إمداداتها من الطاقة“.
حسم الاتفاق نزاعًا دام عقودًا حول موقع المناطق الاقتصادية الخالصة للبلدين في شرق البحر الأبيض المتوسط، وحدد حيث يكون للبلدين الحق الوحيد في استخراج الموارد“.
تابعت الصحيفة، “وبحسب المسؤول الغربي الكبير والمسؤول الإسرائيلي، اعترف لبنان أيضًا بالسيطرة الإسرائيلية الحالية على امتداد ثلاثة أميال من المياه الأقرب إلى ساحلهما المشترك، بينما سمحت إسرائيل للبنان بالحق في الحفر في حقل غاز متنازع عليه سابقًا ويمتد بين المنطقتين الاقتصاديتين اللبنانية والإسرائيلية. في المقابل، ستحصل إسرائيل على تعويض عن أي غاز مأخوذ من جزء من الحقل المعروف باسم قانا ويقع داخل المنطقة الإسرائيلية. وتنازل لبنان عن أي مطالبات بحقل غاز ثان قريب، كاريش، مما سمح لإسرائيل بالمضي قدما في استخراج الغاز هناك من دون خوف من انتقام حزب الله. وقد هدد الحزب بعرقلة الجهود الإسرائيلية للتنقيب في كاريش إذا مضت إسرائيل قدما في العملية قبل التوصل إلى اتفاق. وفي وقت سابق من هذا العام، أسقط الجيش الإسرائيلي عدة مسيّرات أرسلها حزب الله كتحذير تجاه منصة كاريش، مما أدى إلى مخاوف من تصعيد أوسع إذا انهارت المفاوضات. وقال محللون إن الصفقة قدمت الأمن لإسرائيل وبصيص أمل طويل الأمد للبنان الذي يعاني من أزمة سياسية واقتصادية عميقة تسببت في نقص كبير في الطاقة وأدت إلى انقطاع التيار الكهربائي. لا يزال المسؤولون غير متأكدين من كمية الغاز في حقل قانا. على أي حال، سيستغرق استخراجها وتوزيعها على المستهلكين اللبنانيين أو بيعها في الأسواق الخارجية سنوات.وقال أسعد جبران، المستثمر في سوق الطاقة في الشرق الأوسط: “إن تحقيق الدخل من هذا المجال يستغرق سنوات، لكنها خطوة جيدة للمضي قدمًا نحو تنمية الاقتصاد والحكم الناجح في لبنان“.”
وتابعت الصحيفة، “إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة مبعوث الولايات المتحدة، آموس هوكشتاين، يدعم أيضًا سعي الحكومات الأوروبية لإيجاد بدائل طويلة الأجل للغاز الروسي، وسط نقص الوقود المتزايد في أوروبا بسبب الحرب في أوكرانيا. وقال إزراحي: “قد يستغرق الأمر عدة سنوات قبل أن يصل هذا الغاز إلى المستهلكين الأوروبيين. لكنه يبعث برسالة بالغة الأهمية إلى روسيا”. أما في الداخل الإسرائيلي، لا يزال من الممكن أن تتعثر الصفقة إذا قرر لابيد طرحها للتصويت في البرلمان، حيث فقدت الحكومة أغلبيتها. وندد زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو بالصفقة، ووصفها بأنها مكافأة لحزب الله. كما جادل اليمين الإسرائيلي بأن لابيد، وهو رئيس وزراء مؤقت فقط منذ انهيار أغلبية حكومته هذا الصيف، يفتقر إلى الشرعية لاتخاذ مثل هذا القرار المهم. ووضع نتنياهو الصفقة نصب عينه مع اقتراب الانتخابات العامة في الأول من تشرين الثاني، مستخدما إياها لتصوير نفسه كقائد أقوى من لابيد. وقال نتنياهو هذا الشهر إن “اسرائيل بحاجة الى قيادة مختلفة، رئيس وزراء متمرس وقوي يقاوم الضغط ولا ينثني في وجه التهديدات“.
وردا على ذلك، قالت الحكومة الإسرائيلية إن نتنياهو هو من أضر بأمن إسرائيل بتقديم حزب الله على أنه المنتصر. وقالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار في وقت سابق من هذا الشهر: “لقد كان ينشر مقاطع فيديو تستخدم كدعاية لحزب الله. خلاصة القول هي أن كل من لبنان وإسرائيل مستفيدان من هذه الصفقة”. وقال المسؤول الغربي الكبير إن نتنياهو كان على وشك الموافقة على صفقة متطابقة تقريبًا عندما كان في السلطة. ونفى المتحدث باسم نتنياهو، عوفر غولان، أن تكون الصفقتان متطابقتين”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook