آخر الأخبارأخبار محلية

الترسيم Its now or never

كتب طوني عيسى في ” الجمهورية”: إذا لم يوقَّع الاتفاق في الأيام المقبلة، فإن نهاية تشرين الأول تعني للبنان الدخول في فترة الشغور الرئاسي التي تبدو مرجحة جداً حتى الآن، من دون الاتفاق على تشكيل حكومة فاعلة. وهذا يعني الوقوع في المحظور الدستوري والسياسي.

 

وبدءاً من أول تشرين الثاني، لن تكون في الحكم مرجعية قادرة على استكمال التفاوض والحسم والتوقيع، في ظل حكومة تصريف الأعمال. فالجميع شرعي وغير شرعي. ومن دون رئيس الجمورية سيكون المسيحيون غائبين ميثاقياً، كما أوضح الرئيس ميشال عون أخيراً، وسيجري البحث عن المرجعية التي تستطيع اتخاذ القرار من دون استثارة إشكالات دستورية وسياسية.

 

وفي إسرائيل أيضاً، إذا لم يتم الترسيم خلال الأيام المقبلة، فإن الحكومة الحالية ستخسر فرصتها بعد الانتخابات التشريعية، على الأرجح، ولو لم يتمكن «الليكود» من تحقيق الفوز. فلا أحد يضمن طبيعة الائتلاف الذي ستتشكل منه الحكومة الجديدة.

 

يعني ذلك أن اتفاق الترسيم مرشح للسقوط لضرورات انتخابية ودستورية وسياسية في لبنان وإسرائيل، ولا مجال لإحيائه حتى إشعار آخر. وهذا ما يحاول الأميركيون تجنبه بأي ثمن، وكذلك الأوروبيون.

 

فالأمر لا يتعلق فقط بحاجة أوروبا الفورية إلى الغاز من «كاريش»، لمواجهة الشتاء الصعب، بل أيضاً بضرورة خلق منصّة استقرار وازدهار على شاطئ المتوسط، يتشارك الأعداء في إيجادها، إذ ينخرطون جميعاً في استثمار الموارد الطبيعية لسنوات عديدة، وسط مناخ من الاستقرار. وهذا الأمر يعني تعطيل فرص الحرب إلى ما لا نهاية.

 

وإذ ينشغل الروس اليوم في حربهم مع أوكرانيا ويقطعون الغاز عن أوروبا، فهذا يعني أن حظوظ دخولهم في عمليات استثمار الغاز في البقعة المتوسطية شبه معدومة، فيما الصين بعيدة أساساً عنها. وهذا ما يعني أن هناك فرصة سانحة، لا يريد أحد إضاعتها، لجعل البحر المتوسط واحة استثمار للقوى الغربية من دون سواها.

 

ولن تخرق هذه القاعدة سوى إيران من خلال حلفائها في لبنان، علماً أن الاتفاق حول الملف النووي بين إدارة الرئيس جو بايدن وإيران نفسها لا يبدو بعيداً. ويتردّد أنه جاهز، وينتظر إنضاج الظروف الدولية والإقليمية لإعلانه.

 

لذلك، لم يهدأ الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، بعد الاعتراضات الإسرائيلية على الملاحظات اللبنانية. فقد سارعَ إلى استكمال مهمته، وأعاد المرونة إلى المفاوضات ما يتيح المجال مجدداً لإيجابيات.

 

في أي حال، يعتقد بعض المتابعين أن مناخ الاعتراض الإسرائيلي المبالغ فيه، والمُرفق بتهديدات واستنفار للجيش وعرض للعضلات، لا يعبّر عن حقيقة المناخ التفاوضي. وربما يكون جزءاً من سيناريو استعراضي يهدف إلى إقفال الباب في وجه مزايدات بنيامين نتنياهو عشية الانتخابات، لا أكثر.

 

ومن هذا المنطلق، يجهد أركان حكومة يائير لابيد على تسويق أن إسرائيل لم تخسر في الاتفاق بل حافظت على مصالحها كاملة، وأن هذا الاتفاق يتمُّ وفق معادلة «رابح – رابح».

 

إذاً، يستعجل الأميركيون إمرار اتفاق الترسيم قبل أن تؤدي الاستحقاقات الدستورية، على ضفتي الاتفاق، إلى تغيير المناخات الحالية المؤاتية، فيدخل الجميع في المجهول ولمدى زمني لا يمكن تقديره، بين احتمالات الفوضى الدستورية والسياسية اللبنانية من جهة واحتمالات اللااتفاق على تشكيل حكومة فاعلة في إسرائيل من جهة أخرى.

 

وثمة مَن يعتقد أن مفاجأة إيجابية قد تحصل في ملف الترسيم، سريعاً، تحت الضغط الأميركي وفي ضوء رغبة القوى المعنية على قطف الثمار في هذه المرحلة. ولا يبدو مستغرباً تأكيد الرئيس ميشال عون أن الفجوات التي تم التفاوض عليها قد تقلصت.

 

 

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى