آخر الأخبارأخبار محلية

تكتيك جنبلاط كُشِف.. ما هي خطوتُه المقبلة رئاسياً؟

صحيحٌ تماماً ما قيلَ عن جلسةِ انتخاب رئيس الجمهوريّة التي حصلت يوم الخميس الماضي، وذلك عندما وُصفت بـ”البروفة” للجولات اللاحقة التي ستأتي عاجلاً أم آجلاً.  


حُكماً، فإنّ ما تركَه المشهدُ المُتفاوت إنّما يكشفُ عن سيناريوهات ستحضرُ بقوّة، وذلك وفق اعتباراتٍ سياسيّة باتت واضحة، وأساسها “عدم ضرب التحالفات والتوازنات المطلوبة”. 


في جلسة الخميس، برزت عوامل عديدة لا يُمكن تجاهلها، وباختصارٍ هي التالي: حزب الله وحلفاؤه رصّوا الصفوف من دون تحديد أي اسمٍ لمُرشّح، وما تبيّن أنهم يشكلون بين 60 و 63 نائباً وهو رقمٌ لا يبعدُ أبداً عن رقم الـ65 المطلوب لإيصال رئيس للجمهوريّة خلال الجلسات المقبلة. أمّا العامل الثاني فيتحدّد بقدرة “الثنائي الشيعي” حزب الله وحركة أمل على التحكّم بنصابِ الجلسة، إذ من خلالهما “فرط” مشهد الخميس، وبالتالي لم يُولَد اسمُ الرّئيس. ووسط كل ذلك، يبرزُ العامل الثالث والأهم المُرتبط برئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط الذي أثبت أنه أكثر اللاعبين الأقوياء. وحقاً، استطاع الأخير قلب الطّاولة رأساً على عقب بأكثر من اتجاهِ، متعاطياً مع الاستحقاق الرئاسي وفق تكتيكٍ سيشهدُ لاحقاً على تبدّلات كثيرة. 


صحيحٌ أن جنبلاط جيّر أصوات كتلتهِ باتجاهِ النائب ميشال معوّض، ولكن التساؤلات التي تُطرح هنا هي كالتالي: هل ما فعلته كتلة جنبلاط كان حقيقياً؟ هل فعلاً يريدُ “الإشتراكي” معوّض رئيساً؟ ما الذي يُحضّر للجولات المقبلة؟ 


بشكلٍ قاطع، هناك ثوابت لا يمكن نسيانها أبداً وستُثبت نفسها مع الجولات الانتخابيّة المقبلة. وهنا، سيكونُ الكلام بكل وضوح لكشف ما جرى وما سيجري. قبل الجلسة، أشارت المعلومات إلى أنّ تواصلاً حصل بين جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، وقد جرى إعلام الأخير بتوجّهاتِ كتلة “اللقاء الديمقراطي” خلال الجلسة الرئاسية. بعد ذلك، أطلع جنبلاط نوّابه بشأن أجواء الاتصالات التي أجراها، وكان القرار هو في اختيارِ معوّض تصويتاً يوم الخميس.  


ضمنياً، ما فعله جنبلاط جاء على إطار محورين.. الأوّل وهو أنه لا يريدُ أن يُكون ضمن الخانة نفسها مع “حزب الله” عبر اللجوء إلى الورقة البيضاء خلال التصويت. أما المحور الثاني فيشير إلى أن جنبلاط أدّى دورَه الأولي عبر معوّض من خلال الاقتراع للأخير، إذ بيّن أنه يريدُ رئيساً خارج محور الممانعة، وسيُجاهر بذلك علناً. إلا أنه مقابل ذلك، فإن “البيك” سيركُن إلى “التسوية”  المنتظرة التي ستفرضها التحالفات والتوجّهات، وسيكونُ “عرّاباً” للتوافق الذي دعا إليه برّي في نهاية الجلسة، علماً أن موقف الأخير كان جنبلاط على علمٍ به تماماً، مثل “حزب الله” وحليفه “التيار الوطني الحر”.  


وإنطلاقاً من كل ذلك، فإن المرحلة الأولى بالنسبة لجنبلاط قد انتهت. فمعوّض نال ما يمكن نيله، وتبين أن رصيده لن يتجاوز الـ36 صوتاً. هنا، سيقول جنبلاط للأطراف التي تمنّت عليه اختيار رئيسٍ بعيد عن “حزب الله” إنّه قام بدوره، لكنه في الوقت نفسه لن يكون بمعزلٍ عن “التوافق” الذي قد يحصل. ولهذا، فإنّ جنبلاط سيؤدي المرحلة الثانية انطلاقاً من هذا الأمر، ومثلما لم يطعن ببرّي في جلسة انتخاب الأخير رئيساً لمجلس النواب، فإنه لن يطعن به مُجدداً خلال اختيار رئيسٍ جديد للجمهورية. أما الأهم فهو أنّ جنبلاط سيتحرّك ضمن حدود تقاربه مع “حزب الله”، إذ لن يكون بمنأى عن الأخير في حين أنه سيفرض شروطه ضمن التسوية، وسيقلبُ الموازين عبر كتلته التي قد تُكمل عدد الـ65 نائباً الذينَ سيوصلون رئيساً إلى بعبدا.  


وللإشارة، فإنّه خلال جلسة مناقشة الموازنة، انقسمَ تصويتُ نوّاب كتلة “اللقاء الديمقراطي” بين موافق وغير موافق عليها، وهذا السيناريو قد يتكرّر في جلسة انتخاب الرئيس الفعلية، وهنا “ستضيع الطّاسة”، وسيكون جنبلاط قد لبّى برّي وحفظَه و”ساير” حزب الله، ولعبَ دوراً محورياً داخل المجلس من خلالِ كتلة مُتحرّكة تنتجُ رئيساً وفق تسويةٍ يرسمها زعيم “المختارة” بالتعاون مع حلفائه.. وهكذا، يكونُ الانتصار على المحور الآخر، وعبر هذا السيناريو تتثبّت المُعادلات، ويمكن المجيئ برئيسٍ جديد بمعزل عن اسم النائب ميشال معوّض أو سليم إده أو غيرهما.. وهنا، ستبرز الأسماء الأخرى التي سترتبطُ بالتسوية التي تُحضّر.. إمّا جبران باسيل أو سليمان فرنجية أو حتى جوزاف عون.. هنا ما يريدُه بري و “حزب الله” سيحصلُ تماماً.. وعليه، فإن ما يمكن قوله هو أن هذين الطرفين مُرتاحان تماماً في أي جلسة مُقبلة، وجنبلاط معهما. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى