شارع Mino… ناسي كنت شو ذكّرك؟
وبالفعل يتساءل البعض، ما هو الدافع الذي جعل رئيس “التيار الوطني الحر”جبران باسيل يعيد حساباته و”يفلفش” في أوراقه فيقرر زيارة عاصمة الشمال طرابلس وتحديدا مدينة الميناء التي لا منة لأحد عليها، اذ ان جمالها رباني وموهبتها سماوية، وقد تؤدي اليد البشرية الى خرابها ان تدخلت في تفاصيلها بالطرق والأساليب غير الصحيحة.
وفي زيارته الأخيرة والسريعة لمدينة طرابلس، قال باسيل انه كان ينوي العمل على تطوير بعض المعالم الأساسية في مدينة الميناء منذ ما قبل اندلاع ثورة 17 تشرين لكن الظروف لم تساعده، لذلك عاد اليوم الى المدينة عملا بمبدأ “ان تأتي متأخرا خير من الا تأتي أبدا”.
وفي اطار الحديث عن تطوير معالم الميناء، تم التركيز على شارع “Mino”، الذي تمت تسميته تيمنا بشارع “Mono” في بيروت والذي عرف أياما كثيرة من العز والفرح في الحقبة الممتدة بين 2002 و2010 تقريبا.
وهذا الشارع لمن لا يعرفه وعلى عكس ما تم تصويره، ليس شارعا للخروج عن القواعد الاجتماعية المتعارف عليها او لترويج بعض أشكال البدع والهرطقات، على الرغم من انه على غرار شوارع كثيرة للسهر قد تختبئ في بعض زواياه مجموعات لا تتفق مع العناوين العامة التي يحددها المجتمع.
فشارع “Mino” ، الذي تربع داخل أحد الاحياء الأثرية في الميناء، شكّل على مدار سنوات طويلة عنوانا للفرح والتسلية في مدينة يريدها البعض عنوانا صارخا لمختلف انواع التطرف والاهمال والفقر والعوز.
وتقدٓم الشارع وتحوّله الى مقصد من قبل شريحة واسعة من اللبنانيين لاسيما الشماليين منهم، لم يأت نتيجة تخطيط واستراتيجيات من قبل رؤساء الاحزاب، انما كان نتيجة جهد بسيط من بعض أبناء المنطقة، لذلك قد تكون أفضل خدمة لهذا الشارع هو العمل على ابعاد الصور النمطية عن مدينة طرابلس، فيعود متألقا بصورة تلقائية من دون الحاجة الى اي جهد من اي جهة كان.
لعبة الكسور الانتخابية والصدف
وبالعودة الى زيارة رئيس “التيار الوطني الحرّ” الى طرابلس، التي استهلها ممارسا رياضة الغطس في بحر الميناء، قد يكون الهدف الأساسي منها هو اعادة الغطس في زواريب المدينة السياسية، اذ لا يمكن لاي عاقل ان يمارس الحياة السياسية في لبنان من دون ان تكون طرابلس وجهة اساسية له.
في هذا الاطار، قال مرجع سياسي لـ ” لبنان 24″ ان”جبران باسيل بالشراكة مع سمير جعجع حاول تهميش مدينة طرابلس وسلبها طابع العيش الواحد، وذلك بعد اقرار القانون الانتخابي الحاليّ والذي ترافق مع طلب (القوات اللبنانية) و (التيار الوطني الحرّ)، نقل المقعد الماروني الخاص بالمدينة الذي كان يشغله النائب الراحل جان عبيد آنذاك الى البترون، إدراكا منهما انه لا يمكن لأي شخصية أخرى ان تحلّ مكان عبيد.
وبعد محاولات عديدة أخذت طابع البحث عن التمثيل المسيحي الصحيح لم يتمكن الثنائي المسيحي في تلك المرحلة من تغيير الصورة الحقيقية للمدينة، لكن بعد التجربة النيابية الاخيرة، أصبح على ما يبدو لكل من (القوات) و(التيار) نظرة جديدة لطرابلس”.
ويضيف المرجع” عندما نقول نظرة جديدة للمدينة لا نقصد فيها ان الثنائي المسيحي السابق أصبح مؤمنا بأهمية الحضور المسيحي في طرابلس، انما الواضح ان هذا الثنائي رأى في لعبة الكسور التي يحددها القانون الانتخابي الحالي عامل جذب يتمكن من خلالها كسب مقعد نيابي اضافي، فيضيف رقما جديدا الى عداد الارقام الذي يتم انتهاجه لاظهار القوة العددية الخاصة بالكتل الممثلة في المجلس النيابي.
ومن الواضح ان (القوات)، وصلت الى كسب المقعد الماروني في المدينة عن طريق الصدفة، ما دفعها للعمل على تعزيز فرص الصدفة المشار اليها في الدورات الانتخابية المقبلة وعلى غرارها يحاول ايضا باسيل تعزيز فرصه وحضوره.
لكن وعلى الرغم من اهمية وواقعية لعبة الكسور التي ينص عليها القانون الانتخابي الحالي، تشير الأرقام المنطقية الى ان حضور (تيار المرده) في طرابلس هو الحضور المسيحي الاوسع، لكن طبيعة القانون الانتخابي هي التي تمنع تصحيح الخلل في هذا الاطار”.
البحث عن مؤهلات جديدة للوصول الى بعبدا
وفي سياق متصل، وبعيدا عن شكل زيارة باسيل للمدينة التي أتت خلال ساعات الصباح الباكرة وبمرافقة أمنية مشددة، يتساءل متابعون عن عدم قيام رئيس “التيار الوطني الحرّ” بزيارة أي من مرجعيات المدينة السياسية.
والتساؤل الأكبر يتمحور حول عدم اقدام باسيل على القاء التحية على المرجعيات الروحية في المدينة، اذ انه لم بفكر مثلا في حضور الذبيحة الالهية في كنيسة مار مارون القريبة من شارع المطران كما انه لم يرغب في شرب قهوته الصباحية في دار الفتوى حيث يمكن اكتشاف الحاجات الفعلية للمدينة وناسها.
وبعيدا عن التنافس النيابي داخل المدينة، يمكن وضع الزيارة في اطار التنافس الطبيعي بين القيادات المارونية الأساسية الموجودة في شمال لبنان، فكلام البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الأخير حول مفهوم “الرئيس القوي” صاحب الكتلة النيابية الأكبر، سيدفع ومن دون اي شكل المتمترسين وراء الاعداد الى البحث عن مواصفات جديدة ومؤهلات اضافية توصلهم الى القصر الجمهوري في بعبدا.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook