آخر الأخبارأخبار دوليةمراقبون

“الفساد والمشاريع الربحية قتلت أكبر بحيرة في الشرق الأوسط”


نشرت في: 15/09/2022 – 18:31

إنها أكبر بحيرة في الشرق الأوسط أو كانت. ذلك لأن مساحة بحيرة أورمية في شمال غرب إيران تتقلص عاما بعد عام إلى درجة أنها أصبحت شبه جافة الآن. ومنذ بداية شهر أيلول/سبتمبر، ينشر ناشطون إيرانيون صورا تظهر أكبر بحيرة مالحة سابقا تتحول شيئا فشيئا إلى صحراء. وأنفقت الدولة الإيرانية أموالا طائلة لإنقاذ البحيرة ولكنها لجأت إلى حلول غير مجدية حسب مراقبينا.

بالنسبة إلى بعض وسائل الإعلام والناشطين الإيرانيين، فإن بحيرة أورمية في حالة وفاة أصلا. ويعد منسوب المياه المسجل هذا الصيف الأدنى في تاريخ البحيرة. وحسب الخبراء، فإنه لم يتبق من هذه البحرية السادسة من حيث المساحة حول العام سوى 8,9 بالمئة من أقصى منسوب مسجل لها قبل عشرين عاما.


صورة نشرت في 6 أيلول/ سبتمبر 2022 تقارن نفس المكان من بحيرة أورمية مع صور التقطت قبل بضع سنوات. حيث كانت جزيرة تظهر من وسط المياه تحولت اليوم إلى جبل وسط الصحراء.

“كل مخططات السلطات لم تؤد سوى إلى تعكير الوضع”

أميد (اسم مستعار) هو ناشط في مجال البيئة في إيران. ويفسر لماذا لفظت بحيرة أورمية آخر أنفاسها ولماذا لم تكن الجهود الحكومية مجدية.

بكل بساطة، تعاني بحيرة أورمية من نقص في المياه، وكل كمية ماء تخرج منها أي تتبخر هي أكثر بكثير من تلك التي تدخل لها أي من مصبات الأنهار التي تزودها.

كانت كمية المياه التي يتم استخدامها في القطاع الزراعي في هذه المنطقة مرتفعة جدا إلى درجة أن الطبيعة الأم لم تتمكن من تجديد نفسها. وأساليب الري المعتمدة قديمة وحسب الإحصاءات الرسمية، فإن نجاعة أساليب الري المتبعة هي في حدود 40 بالمائة ما يعني أن 60 بالمئة من الموارد المائية تذهب هدرا. إنه أمر كارثي. وزد على ذلك، أعتقد هذه الرقم مبالغ في التفاؤل. حيث أن كل مياه الري تأتي من أكثر من 70 سدا تم بناؤها على الأنهار التي تعد المصدر الرئيسي للمياه في بحيرة أورمية.


“بحيرة أورمية ماتت إلى الأبد” هذا ما كتبه مستخدم تويتر هذا في تغريدة نشرت في 4 أيلول/ سبتمبر.

وتؤكد الدولة الإيرانية أنها أنفقت ما يعادل 3,5 مليار يورو لإنقاذ هذه البحيرة خلال السنوات السبع الماضية وألقت باللوم في الجفاف على عاتق التغيرات المناخية. وهو رأي لا يشاطره مراقبنا وكثير من الخبراء حيث يقول:

في الحقيقة، جزء كبير من المال تم صرفه لبناء منشآت مثل أنفاق وقنوات لتحويل وجهة أنهار أخرى بهدف إعادة مد البحيرة بالمياه. ولكن جهاز الحرس الثوري الإيراني هو “بالتأكيد” من يتولى الإشراف على هذه المشاريع المربحة، وبعد كل هذه السنوات، لم يتم الانتهاء منها ولم تدخل حيز الخدمة بعد، وذلك يعود بالخصوص إلى الفساد. وحتى إن كانت هذه الأنفاق في الخدمة، فإنها ستنقل الجفاف من جهة ما إلى جهات أخرى التي يتم منها نقل المياه.

جزء آخر كبير من الميزانية المخصصة للبحيرة تم صرفه في شكل قروض للمزارعين من أجل تطوير أساليب الري المعتمدة والتقليص من استهلاك المياه. هي فكرة جيدة ولكن الواقع مختلف تماما.

وبهدف الحصول على هذه القروض الميسرة، أصبحت المزيد من أراضي هذه المنطقة صالحة للزراعة فيما عادت حقول قديمة متروكة من قبل المزارعين الذين عثروا على عمل آخر، إلى الاستغلال من جديد.

وبسبب نقص المتابعة والمراقبة، والذي يعود بالأساس إلى الفساد، لم يتم صرف أي قرض منها لتطوير أساليب الري. بل أسوأ من ذلك، حيث توجد حقول أكثر من السابق في المنطقة – وهو ما تؤكده الإحصاءات الرسمية نفسها- وذلك بسبب هذه القروض، التي تسببت في استهلاك أكبر للمياه وهو ما جعل المياه الضرورية لبقاء البحيرة تتناقص شيئا فشيئا. كل مخططاتهم لم تزد الوضع إلا سوءا.

“هذه المياه النادرة ستختفي قريبا”

من جهتها، ترفض السلطات الإيرانية ومساندوها الخطاب الفزع للناشطين. ويؤكدون أن البحيرة مازالت على قيد الحياة ويلقون باللوم على الجفاف العام في صيف سنة 2022 ومنسوب المياه في الوقت الحاضر. ويجيب مراقبنا قائلا:

من النادر أن تختفي بحيرة بأكملها عن الوجود ولكن عندما تتقلص مساحة بحيرة ولم يعد يوجد منها سوى 10 بالمئة من حجمها العادي، نعتبر أنها تجاوزت نقطة اللاعودة، إنها في حكم الميتة, وهو ما ينطبق على بحيرة أورمية.

اليوم، لم يعد هناك سوى القليل من الماء في الجزء الأكثر عمقا من البحيرة وهو الذي تعتمد عليه وسائل الإعلام الحكومية للتأكيد على أن البحيرة لم تمت بعد. وإذا ما تواصل الوضع على ما هو عليه، القليل من المياه الموجود في الجزء الأعمق من البحيرة سيختفي عاجلا أو آجلا.


عندما تسوقون السيارة وسط ما كان مغمورا بمياه البحيرة، ستفهمون حجم المأساة” يقول هذا المقطع المصور الذي نشر في 5 أيلول/ سبتمبر. ويمكن للسيارات السير وسط ما كان في السابق بحيرة.

وفي 6 أيلول/سبتمبر، توقع رئيس إدارة المناطق الرطبة في وزارة البيئة، أريزو أشرف زاده نفسه أن البحيرة يمكن أن تجف بشكل كامل من هنا إلى نهاية الخريف.

وفي نفس اليوم، وردا على ناشطين ووسائل إعلام أطلقت صيحة فزع بأن بحيرة أورمية بصدد الموت تدريجيا، نشرت وسائل إعلام الدولة مقطع فيديو مضللا يزعم أن التقارير التي تتحدث عن وفاة البحيرة كانت كاذبة. وتمكنا من تحديد موقع تصوير مقطع الفيديو وتأكدنا من أن الصور مضللة حيث تم تصويرها في المكان الذي يوجد فيه القليل من الماء في البحيرة.


مقطع فيديو نشرت وسائل إعلام إيرانية حكومية في 6 أيلول/ سبتمبر، وذلك بهدف تأكيد أن البحيرة لم تمت بعد.

{{ scope.counterText }}

{{ scope.legend }}

© {{ scope.credits }}

{{ scope.counterText }}

“بحيرة أورمية لم تمت بسبب التغير المناخي”

مراقبنا أوميد يتوقع أياما سوداء في المنطقة بسبب جفاف البحيرة حيث يقول:

بحيرة أورمية لم تمت بسبب التغير المناخي. إنها كذبة، لأن هناك بحيرات أخرى في المنطقة – في بلدان أخرى- مازالت في حال جيد، وحسب دراسة جامعية، فإن التغير المناخي مسؤول عن 15 بالمئة عن كمية المياه التي فقدتها بحيرة أورمية.

وفي حال جفاف البحيرة بالكامل، سيختفي عدد كبير من الحيوانات والكائنات المتوحشة التي فقدت موطنها. وأنماط الحياة في البحيرة تحتوى على عدد كبير من أنواع من الطحالب والبكيتريا وميكروميسيت والأشجار والطيور والزواحف والبرمائيات والثدييات وكثير متوطنة في المنطقة.

عاصفة الملح التي ستنتج عن جفاف البحيرة ستقضى على الحياة البرية الحيوانية والنباتية والزراعة في منطقة واسعة غرب إيران. ولن يؤدي ذلك إلى فقدان كثير من الناس لموطن عملهم فقط، بل إن الهواء الذي يتنفسونه سيصبح ساما بسبب كمية الملح التي سينقلها الريح إلى المدن والقرى المجاورة للبحيرة. نحن بصدد الحديث عن كارثة إنسانية وبيئية حقيقية.

//platform.twitter.com/widgets.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى