آخر إصدارات سعيد شعيا: الماسونية في لبنان بين التسامح والتعصب
الكتاب يعتبر الأول الذي يتناول هذا الموضوع بطريقة علمية أكاديمية منذ منتصف القرن التاسع عشر. وقد اعتمد الدكتور شعيا حصرًا على الوثائق المنسية والمتروكة منذ عقود وقرون في عدد كبير من الأرشيفات غير المكتشفة او المستخدمة من قبل.
يشدد الكتاب على الصلة الموجودة بين بداية الجمعية الماسونية في بيروت وبين نشوء حركة النهضة العربية في لبنان والشرق العربي، بما في ذلك قضية الوعي الفكري التي ساهمت في إنتاج حركات تحررية ليبرالية ساهمت في تكوين الهوية الوطنية وإنتاج وعي ذاتي لم يكن متوفرًا في بقية المجتمعات المحيطة في لبنان.
هذا النضج السياسي والثقافي كانا بحسب الكاتب، نواة أساسية ساهمت في تكوين لبنان والمطالبة بالمزيد من الحكم الذاتي وصولًا إلى الاستقلال؛ فظهور الهوية الوطنية مختلفة عن الهوية العثمانية بالتزامن مع المطالبة بالتحرر من كل قيد أو تسلط من أية جهة كانت، كل هذه الأفكار كوّنت فكرة «الوطن» قضية موحدة يعمل الجميع من أجل تحقيقها، ولا بد من التذكير بأن حركة طبع الجرائد وتأليف الكتب إضافة إلى حركة الترجمة والفنون المسرحية ساهم بها هؤلاء الأشخاص الذين اتفق الجميع على تسميتهم بـ«المتنورين»، وهل من الصدف بأن الغالبية كانوا من الماسونيين!
أما بداية الجمعية الماسونية في بيروت فكانت في أيار 1861، مع تأسيس (محفل فلسطين رقم 415)، التابع للمحفل الأكبر الاسكتلندي والذي انتمى إليه الكثيرون من المواطنين في بلاد الشام والعديد من السياسيين والعلماء والأدباء.
يعتبر الدكتور سعيد شعيا مجددًا في كتابة التاريخ وليس مقلدًا، فلقد كسر الأساطير التاريخية العديدة عبر كتاباته والاكتشافات التي حققها في العديد من الأرشيفات في العالم.
دون الغوص في الأسماء، لا بد من الإشارة بأن المحافل الماسونية انتشرت بشكل واسع في لبنان في أوائل القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، من مرجعيون وصور وصيدا جنوبًا، إلى طرابلس شمالًا وزحلة وبعقلين وضهور الشوير جبلًا دون أن ننسى بعلبك وغيرها الكثير من المناطق.
إن نشوء حركة التيار العلماني في لبنان الذي يطالب بفصل الدين عن الدولة متجذر في لبنان منذ نصف القرن التاسع عشر، ولقد عمل التيار بجهد لتأسيس مدارس وطنية غير طائفية تستقبل جميع أبناء الوطن دون تمييز ديني أو طبقي، وكان الماسونيين من أوائل الذين طالبوا بإلزامية التعليم ومجانيته ووجوب تعليم الفتيات أيضًا في هذه المدارس. وقد شهدت هذه الأفكار معارضة شديدة من قبل التيار الديني المحافظ، وعلى رأسهم جمعية اليسوعيين في بيروت.
نشير أيضًا إلى أن تأسيس الجامعة الأمريكية في بيروت والمطبعة التابعة لها، وحتى ترجمة الكتاب المقدس إلى العربية وطبعه على نطاق واسع لما حصل لولا دور الماسونيين، إذ من أصل خمسة أشخاص من الذين ترجموا الكتاب المقدس ونشروه على نطاق واسع كانوا أربع ينتمون إلى الجمعية الماسونية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook