آخر الأخبارأخبار محلية

حراكٌ لافت يخصُّ لبنان.. ماذا يجري فرنسياً و إسرائيلياً؟

مُجدداً، استأنفت السّفيرة الفرنسيّة في لبنان آن غريو تحرّكاتها من جديد. ففي جولات سياسيّة عديدة خلال اليومين الماضيين، أعادت غريو تعبيد الطريق أمام ملفات داخلية لبنانية تهمّ باريس بالدرجة الأولى وفي طليعتها ملف ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل. 


في الشكل والمضمون، بدا واضحاً الحراكُ الفرنسي على خط ملف الغاز في لبنان، وما يظهر في الوقت الرّاهن هو أنّ باريس تسعى لأن تكونُ عرّاباً أساسياً على هذا الصعيد. حُكماً، تجدُ فرنسا نفسها قادرة على التحرّك بشكل أكبر بشأن ملف الطاقة من خلال شركة “توتال” التي تُعدّ من أكثر المؤثرين في الداخل الفرنسي. فبكلّ ثبات، ستغدو “توتال” لاعباً أساسياً في الداخل اللبناني متى ما تمّ إنهاء اتفاق الحدود البحرية، الأمر الذي سيجعلُ باريس مُنطلقاً أساسياً للحلّ في لبنان، والمفتاح الأساس لسلوك بيروت نحو التنقيب عن النفط والغاز بعد عقباتٍ كثيرة و “موانع” سيجري تبديدها. 


في جولتها على مختلف القادة السياسيين، حملت السفيرة الفرنسية عنواناً واضحاً بشأن ملف الترسيم، ومفاده أن باريس منخرطة بقوّة ضمنه من دون أي تردّد، وستكون مُشاركة في الحل ومساهمة أساسيّة في الاتفاق المُرتقب مع إسرائيل وذلك ضمن الآليات التي توفر ذلك. عملياً وعن هذه النقطة، يكمُن بيت القصيد، إذ أنّ استئناف غريو لحراكها بتوجيهات من بلادها، قد يكونُ مرتبطاً باستعادة دور باريس الأساسي ضمن المشهد اللبناني في ظلّ التقدّم الأميركي الكبير المُرتبط على صعيد ملف الترسيم والغاز.  

بمعنى آخر، تُحاول فرنسا أن تجد لنفسها دوراً في الحل وعدم تركِ الساحة تماماً لأميركا التي تضغط في ملف الترسيم عبر الوسيط آموس هوكشتاين. هنا، تعتقدُ مرجعيات سياسية أنّ الأخير استطاع سرقة الأضواء من المساعي الفرنسيّة المرتبطة بالقضية المطروحة، لكن في الوقت نفسه ترى أطرافٌ أخرى أنّ التنسيق الأميركي – الفرنسي قائمٌ ولم ينتهِ، وبالتالي المصالح تتقاطع بدرجةٍ كبيرة وتحديداً في لبنان. 

أميركا بحاجة فرنسا في لبنان.. كيف ذلك؟ 


بشكل أو بآخر، يُمكن اعتبارُ فرنسا بمثابة عاملٍ مهمّ في إنهاء أزمة تضغط على أميركا وأوروبا، وقد يكونُ لبنان منطلقاً للحل. حتماً، تعلم واشنطن أنّ لفرنسا تأثيراً كبيراً في لبنان، كما أنها الأقرب إلى “حزب الله” من أي دولةٍ غربية أخرى. وبذلك، فإنّ باريس عبر حراكها داخل لبنان، تستطيع أن تضمن للأميركيين أمرين أساسيين: الأول وهو محاولة إقناع “حزب الله” بالابتعاد عن أي سيناريو عسكري، أما الثاني فيكونُ من خلال إرساءِ أرضيّة مواتية لإسرائيل من أجلِ بدء بيع الغاز لأوروبا، وبالتالي إنقاذ أميركا من المأزق الذي تواجهه في ظلّ الحرب الروسية – الأوكرانية، إذ أن انخراطها في النزاع القائم جعلها تبدو وكأنها المسؤولة عن أزمة الطاقة التي تعاني أوروبا منها.  


وبحال نجحت المفاوضات المُرتبطة بالترسيم بضغطٍ وضمانات من باريس، عندها ستتمكن إسرائيل من توريد الغاز لأوروبا المتعطشة لمصادر الطاقة، وبهذا ستكونُ الطريق قد مُهّدت بالدرجة الأولى أمام فرنسا لتكون عنصراً أساسياً في إنقاذ أوروبا وذلك عبر لبنان.  


ماذا عن إسرائيل؟ 


وخلال اليومين الماضيين، كثفت إسرائيلَ من تهديداتها ضدّ لبنان، في وقتٍ ازدادَ فيه القلق لدى تل أبيب من إمكان إقدام “حزب الله” على عملٍ عسكري. وفي حالِ حصول هذا الأمر، فإنّ الجهود الفرنسية قد تصطدم بعقباتٍ كبيرة، إذ إن المسعى الباريسي يهدف إلى تجنيب المنطقة أي صدام عسكريّ.  


وفي السياق، تقولُ مصادر سياسية مواكبة لملف التفاوض لـ“لبنان24” إنّ “المخاوف كبيرة من انخراط لبنان في نزاعٍ مع إسرائيل”، معتبرة أنّ “حصول أي خضّة أمنية في المنطقة ستكونُ لصالح روسيا في ملف الغاز”، وتضيف: “اليوم أوروبا تحتاج إلى مصادر الطاقة بشكل مُلح في حين أن المعطيات الميدانية المرتبطة بحرب أوكرانيا تشيرُ إلى تراجع عسكري روسي. وهنا، فإن زيادة الخناق سيكون عبر إطالة أمد الحرب من أجل خنق أوروبا من خلال الغاز، وبالتالي ستجدُ الأخيرة نفسها بحاجة ماسّة إلى مصدرٍ جديد لإسعافها، وما الغاز الإسرائيلي سوى إبرة الإنعاش لدول الغرب”. 


وأكملت: “في حال حصول حرب وتضررت منصات الغاز الإسرائيلية كما يُهدد حزب الله، عندها ستختنق أوروبا بشكل أكبر، وبالتالي سيكون المنتفس الأساسي للقارة العجوز على صعيد الطاقة قد انتفى تماماً. لهذا، فإن أي مغامرة اليوم تبدأ من لبنان ستؤثر على الصعيد العالمي ككل. قد يستخف البعض بهذا الأمر، لكن الحقيقة تدلّ على ذلك بشكل حتمي”.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى