مفاضلة حزب الله في ربع الساعة الأخير
لا يمانع الحزب في تشكيل حكومة جديدة، لا بل إنه يؤيدها لجهة قدرتها على إزاحة عبء الداخل وخصوصاً في ما يتعلق بقرارات اقتصادية ومالية ضرورية لنزع فتيل الانهيار. وخياره بحكومة جديدة إذا نجح في توزيع عادل للمغانم بين حلفائه، يخفّف عنه أعباء حليفه التيار الوطني الحر، كما تحميله مسؤولية نقل صلاحيات رئيس الجمهورية الى حكومة تصريف الأعمال. لكن الحزب لا يزال يراعي وضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ولا سيما أن الأخير يبالغ في ابتزازه وفي توجيه الرسائل إليه. وهو واقع بين تشدد الرئيس نبيه بري الذي لا يملك أي مصلحة في تعويم عون أو باسيل، وبين ابتزاز الأخير أيضاً له في معركة لن يسلّم بها بري بسهولة، كما حصل مع اختيار عون رئيساً للجمهورية.في المقابل، لا يرى الحزب مشكلة في حكومة تصريف الأعمال بالمطلق إلا لناحية رمي كرة بقائها في ملعبه، على قاعدة أنه وحده يملك القدرة على تخفيف شروط باسيل، والدفع بالرئيس نجيب ميقاتي الى تأليف حكومة جديدة. لكن من سيئات هذه الحكومة التي لا تواجه معارضة حقيقية إلا من التيار الوطني الحر، أنها ستزيد من أعباء الخلافات الداخلية أولاً وآخراً بين حلفائه، وقد بدأ الخلاف قوياً ومباشراً ولن يخفت في وقت قريب. وما بدأ يظهر أنها ستكون عرضة لضغوط التيار في تكبيلها مسبقاً بشروط واجتهادات، فضلاً عن تلويح التيار باللجوء الى الشارع في حال بقائها.
يبقى الخيار البديهي الأكثر ضرورة، وهو انتخاب رئيس جديد للجمهورية. منذ أكثر من سنتين، ومعارضو حزب الله يتحدثون عن ذهاب حتمي نحو فراغ دستوري، مهما كان شكل الحكومة التي ستتسلّم مهام رئيس الجمهورية.
يقف الحزب اليوم أمام قرار لا يتعلّق باسم الرئيس العتيد، بقدر ما يمسّ بمستقبل النظام وديمومة العيش المشترك، وخصوصاً أن باب الترشيحات مفتوح على أسماء كثيرة يمكن التعويل على بعضها الجدّي والمتّزن. وهنا بيت القصيد في اختيار الحزب طريق الانتخاب الرئاسي وسحب مفاعيل التعطيل، لكنه يعطي في الوقت نفسه للطائف جرعة أوكسيجين جديدة. هذا الرهان على أن الحزب قد يسلك هذا المسلك، ولا سيما في تقديمه مقاربة جديدة في تعامله مع اتفاق الطائف على أسس ثابتة، بعد مسار ضبابي في التعامل معه، من شأنه أن يفتح الباب أمام وضع مستقر وتهدئة داخلية تعيد تنظيم الوضع الاقتصادي والمالي، من دون الحاجة الى بهلوانيات دستورية حول الحكومة ومستقبل الرئاسة. قد يكون أمام الحزب تحدّ أساسي في اختيار رئاسة الجمهورية وتجديد التمسك بالطائف، فيسلك سبيلاً منطقياً ودستورياً لحظة يتوقع منه الجميع العكس، وأولهم معارضوه. وهؤلاء لا يرون إلا قرار الحزب في إحداث فراغ دستوري مع حكومة تصريف الأعمال لا أكثر ولا أقل، من الآن وحتى ربع الساعة الأخير.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook