آخر الأخبارأخبار محلية

الوكالة الوطنية للإعلام – يوحنا العاشر: باقون ههنا نحن توأم روحِ هذا الشرق نحن من مجد أنطاكية ومن فوح إيمانها

وطنية – ألقى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي كلمة في احتفالية افتتاح المطرانية القديمة وكنيسة السيدة في حلب، وصلاة الشكر في كنيسة مار الياس، قال فيها:

“من حلب أردتموه نوراً والنور في الظلمة يضيء كما يقول الإنجيلي يوحنا. ومن دمشق نأتيكم حاملين نوراً من مَعين النورِ الذي أبرق لشاوول وقدّمَهُ بولس للمسكونة. من الفيحاء نأتي حاملين قبساً من أنوار حاراتها القديمة. من عاصمة الياسمين نوافي حاملي أريجه لنُضمخ به قلوبكم الصافية يا أبناء الشهباء الميامين. من عاصمة التاريخ نأتيكم حاملين عبير غوطتها. من الشام نفدُ لنوشح بشموخ قاسيون أسوار القلعة البهية. من جارة الأبدية عروس بردى نأتي لنقول: سلام لكم وسلامٌ عليكم من لدن الله أبي الأنوار، إلهِ المراحم وربِّ كل تعزية سماوية”.

وتابع: “نحن ههنا لنعيد افتتاح المطرانية القديمة في حلب ولنحتفل بافتتاح كنيسة السيدة العذراء، كنيسة حلب التاريخية التي تعود إلى عصورٍ وعصور. نحن ههنا لنقول إننا كمسيحيين توأم هذه الأرض. نحن ههنا وفي حلب القديمة التي تنفض عنها اليوم كما دوماً وكالفينيق غبار الحرب والدمار لتقول للدنيا إن نور الحق أقوى من دلجة الباطل. نحن ههنا في حلب التي تأبى أن تنكسر أمام العواصف. نحن هنا لنشهد أن عصف الحق لا بد وأن يلثم انبلاج فجر”.

وشدد: “نحن ههنا في جيرة أنطاكية، المدينة التاريخية التي تتخذ منها كنيستنا اسماً وهويةً وعنواناً وأصالةً؛ أنطاكية التاريخ وأنطاكية الحاضر الحي. أنطاكية الروحِ، عاصمة الشرق التاريخية التي التحفت اسم المسيح أولاً ووشحت به أقاصي المسكونة. أنطاكية التي جدلت للعالم لفظة مسيحيين “وأرقصتها نغماً على شفاه الأجيال” كما قال المثلث الرحمة الياس الرابع معوض مطران حلب وبطريرك أنطاكية لاحقاً وبطريرك العرب حضوراً ومواقفَ مشرفةً.

وأضاف: “نحن ههنا في كنيسة مار الياس الغيور الذي اعتاد أن يقول: “حي هو الرب الذي أنا واقفٌ أمامه” ونحن بدورنا نقول “حي هو الرب” وعليه وحده اتكالنا، “حي هو الرب” الذي شاءنا مسلمين ومسيحيين في هذه الأرض إخوةً نتلمس مرضاة وجهه القدوس. “حي هو الرب” الذي وقف ويقف معنا ونتكل عليه وحده دون سواه في مواجهة صعاب هذه الدنيا. “حي هو الرب” الساكب علينا من روحه روحَ سلامٍ ومحبةٍ والمضمخُ حياتنا بجبروت صمته.

وأشار: “نفتتح اليوم داراً قديمةً لا لنسبغ عليها متحفية التاريخ بل لنضع في الأذهان أننا شهودٌ لاستمرارية المسيحية المشرقية التي أرادها الله بين هذه المدن والروابي. نفتتح داراً يشهد عليها التاريخ وتشهد هي على تاريخٍ بكل منعرجاته ومنعطفاته وصواعده ونوازله. نفتتحها من جديد لنقول إننا باقون ههنا. نحن توأم روحِ هذا الشرق. نحن من مجد أنطاكية ومن فوح إيمانها. نحن من رونق حلب ومن قوة انبعاثها. نحن من ضوع الشام وفوح ياسمينها. نحن من شموخ لبنان ومن صلابة أرزه. نحن من عتاقة القدس، معراجِنا جميعاً إلى رحمانية القدوس. نحن معجونون من تراب هذا الشرق وفي بوتقة هذا المشرق الذي اتخذ فيه المسيح “مشرقُ مشارقنا”، كما نسميه في الليتورجيا، جسداً وحل بيننا.

وأردف البطريرك يوحنا العاشر: “نحن ههنا وجرح حلب ما زال مفتوحاً لم يندمل. نحن ههنا وجرح المسيحية المشرقية ينزف مع استمرار تغييب مطراني حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي. ومع استمرار هذا الخطف يبقى صوتنا مرفوعاً مع الغصة الكبرى أننا طرقنا كل الأبواب وإلى الآن نفعل ذلك من دون أي نتيجة. إن ما يؤلمنا ويحز في نفسنا بقدر الخطف المدان ذاته هو تناسي القضية والتعاجز عن فعل أي شيء. ولكن كل ذلك يضع في قلوبنا وفي أذهاننا، أننا موجودون ههنا بقوة اتكالنا على الله وبصبرٍ وبرجاءٍ نستمده من محيا وجه المسيح، إلهِنا ومخلصنا.

وقال: “من عاصمة الشمال السوري، نؤكد على وحدة التراب السوري حتى آخر شبرٍ منه. ومن حلب، التي قاست كما غيرها من البقاع السورية ويلات الحرب والإرهاب، نداؤنا إلى العالم أجمع: إرفعوا الحصار الاقتصادي الآثم عن شعبنا والذي يستهدف أولاً وأخيراً لقمة عيش الإنسان المشرقي بالدرجة الأولى. إن الأزمة تنتهي ولكن آثارها الاقتصادية الثقيلة تحصد ما لم تحصده الحرب أرواحاً. لسنا هواة هجرةٍ وتهجيرٍ. نريد أن نحيا في بلدنا التي نحب ونعشق. إرفعوا عن شعبنا الحصار الاقتصادي فنحن لَم نُخلق لنموت على قارعة الشواطئ ولا لنتفيأ بظلال الغربة. نريد أن نعيش في أرضنا وبلادنا التي هي منا القلب والكيان. وليس الكلام هنا عنْ شاعريةٍ أو طوباويةٍ. إن كلفة المهجرين على اقتصادكم لأعلى بكثير من الكلفة التي تتنكّبونها ههنا تنفيذاً لحصارٍ ودعماً لأطرافٍ وغيرها. دعونا نعيش في أرضنا وفي أرض أجدادنا وما افتتاحنا لهذه الدار إلا دليلٌ على أننا نَحنُّ دوماً وأبداً إلى هذه الأرض وإلى صدرنا سنضم ثراها أسوةً بأجدادنا الذين شرّبونا فيها حب المسيح وأصالة الإيمان جيلاً بعد جيل”.

وختم: “صلاتنا من حلب من أجل سلام سوريا ومن أجل خير لبنان. صلاتنا من أجل سلام العالم أجمع. بوركت تلك الأيادي التي تعبت وعملت لنكون هنا بينكم؛ لنفتتح داراً كريمةً تكسرت أمامها مصاعب التاريخ. بوركت جهودكم، صاحب السيادة المطران أفرام معلولي، وبوركت تلك الأيادي البيضاء التي تبرعت وعملت بصمت لنكون ههنا شهوداً لنور ذلك القدوس أبي الأنوار، الذي من لدُنْهُ تنحدر كل نعمة وكل عطية صالحة، هو المبارك إلى الأبد آمين.

 

================


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى