آخر الأخبارأخبار محلية

هذا ما يجب أن يحصل لتفادي “الفراغ القاتل”


مع كثافة الضباب الذي يلف الإستحقاق الرئاسي، حيث الأوراق المستورة أكثر من المكشوفة، يعود الصراع الى الوضع الحكومي، ويشتد مع الدخول في مرحلة العد العكسي والسباق المحموم مع الوقت. وهذا الصراع يدور علنًا حول الأولويات بين وجهتي نظر متضاربة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، ومن خلفهما “حزب الله” الذي يسعى إلى تعويم الحكومة الحالية مع بعض التعديلات الطفيفة، والرئيس نبيه بري الذي يرفض “بدعة” تطعيم الحكومة المقترحة بستة وزراء سياسيين.  

فالرئيس عون يريد حكومة كاملة المواصفات والصلاحيات ليسلّمها صلاحياته الرئاسية. فإذا لم تشكل هذه الحكومة بـ”المواصفات الباسيلية” فإنه، وكما يحاول البعض ترويجه، لن يسلّم صلاحياته الرئاسية لحكومة تصريف الأعمال.  

أمّا الرئيس نجيب ميقاتي، وكونه المعني الأول بتشكيل الحكومة، وهو الذي سمّته الأغلبية النيابية للقيام بالمهمة الموكلة إليه، وهو الذي يمثل وحكومته أمام مجلس النواب لنيل ثقته، وهو المسؤول الأول والأخير عن السياسة الحكومية، وهو الذي يُساءل نيابيًا، لن يقبل بحكومة تُفرض عليه فرضًا، ولا يسلّم بالخيارات البديلة بشروط عون التي يراها في الواقع شروط باسيل الساعي الى تعزيز أوضاعه وحظوظه للمرحلة المقبلة.  

ويرى ميقاتي أن حكومة تصريف الأعمال في وسعها أن تستلم صلاحيات رئيس الجمهورية، وأن تكمل إدارة الإزمة الى أن يُنتخب رئيس جديد للجمهورية، من دون أن يعني ذلك عدم بذل أقصى المستطاع حتى يكون للبنان حكومة كاملة المواصفات، حتى ولو تبقّى يوم واحد من العهد الحالي. 

وسط حالة الغموض والترقب والسجالات السياسية والدستورية، يمكن التأكيد على جملة مسائل واضحة، ومنها: 

أولًا، أن الرئيس عون لن يبقى ساعة واحدة في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته ليل 31 تشرين الأول، خصوصًا أن ما يُقال عن بقاء غير شرعي لرئيس الجمهورية مقابل عدم شرعية حكومة تصريف الأعمال بعد هذا التاريخ لا يستند الى أساس دستوري، وإنما يُطرح من زاوية سياسية وعلى سبيل التوازن في الشكل والإشكالية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى كل ما يُقال عن سحب التكليف وتشكيل حكومة جديدة إنتقالية، فإنه لا يستند الى أي أساس في “دستور الطائف”. 

ثانيًا، تشكيل حكومة جديدة بالمواصفات التي يريد أن يفرضها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أمر متعذّر، وهذا ما لمسه ويلمسه الرئيس ميقاتي بعد كل لقاء له مع الرئيس عون. 

وفي تفصيل إفتراضي، فإن ما يحاول البعض الترويج له في حال تمّ التوافق المبدئي على تشكيل حكومة بمواصفات واضحة وتعبّر عن قناعات مشتركة بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني، من أن الثقة النيابية للحكومة من برلمان جديد في توازناته المشتتة ليست مضمونة، هو كلام كما تصفه مصادر سياسية مراقبة ليس سوى حلقة في سلسلة من المغالطات والعراقيل التي تهدف إلى ذرّ الرماد في العيون من أجل الإيحاء بإمكانات التعويض عن سياسة الإخفاقات المتتالية في إدارة شؤون البلاد، التي وصلت إلى الحضيض.  

ثالثًا، إن بقاء حكومة تصريف الأعمال حتى نهاية ولاية الرئيس عون، ومن دون التوصل إلى تفاهمات بحدّها الأدنى على انتخاب رئيس جديد، يعني الدخول في مرحلة فوضى دستورية وسياسية، وفي تفاقم الأزمة الإقتصادية والمالية والإجتماعية، وإطالة أمد الفراغ، قبل أن يصبح الإستحقاق الرئاسي جزءًا وبندًا أساسيًا من تسوية شاملة وبداية حلّ لمسلسل الأزمات المتراكمة. 

رابعًا، إخراج الوضع من عنق الزجاجة وتفادي الذهاب الى “أزمة مفتوحة” لا يكون في غضون الشهرين المقبلين إلاّ عبر أمرين إثنين: إما تشكيل حكومة جديدة مؤهلة لتسلّم مهمة إدارة الفراغ الرئاسي، إن حصل. وإما إنتخاب رئيس جديد لا يكون إلاّ “توافقيا”. وإذا لم يحصل واحد من هذين الأمرين، فإن الذهاب الى “الفراغ والمجهول” يصبح أمرًا محتومًا. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى