آخر الأخبارأخبار محلية

النظام الجديد..”المتاح غير عادل. والعادل غير متاح ،والاوان لم يحن”

يوم أمس بدأت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية للبنان خلفا للرئيس العماد ميشال عون، علما أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يتريث في دعوة المجلس النيابي إلى جلسة لانتخاب الرئيس قبل أن تتظهر ملامح التوافق بين معظم القوى السياسية الاساسية في البرلمان. وتزامن ذلك مع ذكرى المئة عام وسنتين لقيام دولة لبنان الكبير والتي شهدت ولا تزال انقساما بين من يريدونه صغيرا ومن يفضلونه كبيراً. لكن كل المحطات الانقسامية والحروب لم تسقط “لبنان الكبير” الذي فشل في بناء الدولة كما فشل دستور 1926، واتفاق الطائف واتفاق الدوحة. فلبنان اليوم محكوم من  قوى طائفية وحزبية تجذرت في السلطة ولم تنجح الثورات والانتفاضات في اقتلاعها عن عروشها.

مع دخول البلد في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية،لا يزال الانقسام السياسي سيد الموقف حول اي رئيس نريد، اي بلد نريد، اي طروحات يجب تطبيقها. كل المفاهيم المطروحة من الجبهات السياسية المتباينة متناقضة. كل فريق يريد لبنان الذي يشبهه او الذي يوفر له مصالحه وينسجم مع حساباته وتسوياته  في الداخل والخارج.
والسؤال المطروح هل انتخاب الرئيس الجديد سيكون مقدمة لتغيير النظام او تعديله؟
 لا انتخابات رئاسية في لبنان قبل انقشاع المشهد في فيينا. الفراغ تحصيل حاصل ولذلك انكبت القوى السياسية في الساعات الماضية في محاولة لتعويم الحكومة الحالية كأسهل الطرق في الظروف الدقيقة، ويبدو أن حزب الله اكثر المتحمسين لطرح كهذا عبر عنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي كان شديد الوضوح في كلامه بالقول”لا يعنينا من يأتي ومن يذهب ومن يعود، بل عوّموا هذه الحكومة لتكون حكومة كاملة الصلاحيات”. وتجدر الاشارة في هذا السياق إلى أن تعويم الحكومة لا يعني مطلقا أنها لن تمثل امام المجلس النيابي لتنال الثقة،  انما سوف تلتزم القواعد التي نص عليها الدستور.

 
وبانتظار الرئيس التوافقي الذي يبدو انه مطلب قوى اساسية في البلد وخارج الحدود، من منطلق انه سيقترن بسلة تفاهمات تتصل بالحكومة والتعيينات العسكرية والادارية والقضائية والاصلاحات ومرحلة ما بعد الترسيم ، فإن الثابت وفق مصدر سياسي بارز لـ”لبنان24″  ان الرهان على ولاية الرئيس الجديد للبنان كمقدمة لبناء الدولة  ليس الا تكبيرا للحجر. صلاحيات الرئيس معروفة ومحدودة. وجل ما في الأمر أن انتخاب الرئيس سوف يخفف من وطأة الحصار الأميركي على لبنان. صحيح أن النظام الحالي اثبت انه  غير صالح لادارة دولة وغير قابل للحياة، الا ان الواقع مختلف. فهذا النظام الذي افترض البعض انه سيسقط مع خروج سوريا من لبنان والتي شكلت غطاء له طيلة فترة تواجدها سياسيا وعسكريا في هذا البلد ، يبدو انه اعجز من ان  تتم الاطاحة به. ورغم كل ما الت اليه الاوضاع في لبنان على المستويات كافة، الا انه بقي اقوى من ان يتم المساس به تعديلا او تطويرا.

في ذكرى قيام دولة لبنان الكبير قال رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل :”إن الوقت حان  لكي نتفق على نظام جديد لوطن واحد”، الا ان الامور ليست بهذه السهولة يقول المصدر نفسه، معللا الاسباب بعاملين اساسيين هما:
العامل الاول يتصل  بمعادلة الغالب والمغلوب او معادلة التوافق. وكلتا المعادلتين غير متوفرتين في الوقت الراهن. ففي بلد تعددي كلبنان لا يمكن لفريق معين ان يحكم مهما كانت قوته على كل الصعد. اما في ما خص التوافق فهو  من سابع المستحيلات. فبين من يطرح العقد الاجتماعي  وبين من يروج للفيدرالية والتقسيم لا مكان للتفاهم.
العامل الثاني يتصل بدور الدول الاقليمية وفرنسا والولايات المتحدة كدول مساعدة لخروج لبنان من ازمة النظام، الا ان المتغيرات الدولية في مكان آخر، واليد الخارجية التي ينتظرها اللبنانيون لم يحن أوان مدها لمنح لبنان ما يريده.
 
 وعليه، يمكن القول إن استمرار دولة لبنان يستدعي تغييرا او تطويرا في هذا النظام، الا ان المشهد اكثر من سوداوي. فالمتاح غير عادل والعادل غير متاح.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى