ما أشبه اليوم بالأمس…راجعوا سلوكياته مع رؤساء الحكومات السابقين
من يذكر هذا التاريخ: 3 تموز من العام 2019. في هذا اليوم وجّهت رئاسة مجلس الوزراء دعوة لجلسة حكومية، فأتى تأجيلها من “المقر الرديف” لرئاسة مجلس الوزراء، أي وزارة الخارجية والمغتربين، حيث التقى الوزير جبران باسيل، بوزراء تكتل “لبنان القوي” في قصر بسترس، في الوقت عينه المخصص لاجتماع الحكومة، ليُعلن أنّ “الأمر لي” وأن “هذه الحكومة لي”. لم يلفظ وزير الخارجية آنذاك هذه الكلمات، لكن أداءه أثبتها. هي رسالة سياسيّة أراد أن يوجهها باسيل إلى سعد الحريري أولاً، وإلى كلّ القوى السياسية الأخرى ثانياً. فكان قرارٌ باسيلي بمنع عقد أي جلسة لمجلس الوزراء قبل حلّ قضية قبرشمون وفق ما يرتأيه من وصفه الحريري يومها بـ”رئيس الظلّ”.
أراد يومها باسيل أن يُفهم الجميع أن القرار الأول والأخير ليس في يد رئيس حكومة لبنان سعد الحريري، بل بين يديه هو. لم تكن المرّة الوحيدة ولا الأخيرة التي يلجأ فيها نائب البترون إلى تذكير “من يجب تذكيرهم” بأنّه ليس مُجرّد وزيرٍ أو نائب عادي، وهو يريد تذكيرنا اليوم بأنه لا يزال أقوى رجلٍ في عهد الرئيس ميشال عون، حتى في تهاويه، وبأنه لا يزال المُرشح الأبرز لرئاسة الجمهورية، بل بإنّه أحد أقوى الأقوياء، موحيًا بأن مقره في “ميرنا الشالوحي” هو واحد من مقارّ المرجعيات الأساسية في البلد.
جبران باسيل عطّل بالأمس القريب انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في السراي الحكومي، بعدما قرّر أن يعقد اجتماعاً لوزراء “تكتل لبنان القوي” في التوقيت نفسه لجلسة الحكومة. وهو اليوم يسعى بكل الوسائل والأساليب الملتوية إلى إبلاغ الجميع أنه لا يزال”الرقم الصعب” في المعادلات السياسية الداخلية، على رغم أفول نجم عهده، وأنه الحصن الحصين للدفاع عمّا يعتبره حقوقًا للمسيحيين، في الوقت الذي أصبحت فيه حقوق جميع اللبنانيين في مهبّ الريح.
وتحت هذه الحجج الواهية، يتلطّى رئيس “التيار الأورونجي”، في محاولة أخيرة لفرض ما يناسبه من صيغ حكومية تجعل منه “الرئيس الظّل” طيلة فترة الفراغ، يحيث يكون في إستطاعته متى حصل على الثلث المعطِّل تعطيل الجلسات الحكومية، التي لا تكون على ذوقه؛ وهو بذلك خبير وله سوابق كثيرة في هذا المجال.
فحال باسيل باقية على ما هي عليه. هو اليوم كما بالأمس. لم يتغيّر ولن تغيّره التجارب والأيام.
وما يقوم به باسيل في الخفاء جاء مخالفًا لروحية بيان بعبدا الأخير الذي أشار إلى “أنّ رئاسة الجمهوريّة تؤكّد أنّ مواقف الرئيس عون من تشكيل الحكومة الجديدة تستند الى قناعة ثابتة لديه بضرورة حماية الشراكة الوطنيّة، والمحافظة على الميثاقيّة، وتوفير المناخات الإيجابيّة التي تساهم في مواجهة الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد”.
وعلى رغم أن كلمة “ميثاقية” قد أصبحت شمّاعة تُعلّق عليها كل الإخفاقات، فإن التجارب الكثيرة تثبت أن الرئيس ميقاتي يتمسّك بهذه الميثاقية أكثر من غيره لجهة ما ترمز إليه من شراكة وطنية حقيقية بين المسلمين والمسيحيين على حدّ سواء، وهم الذين إرتضوا أن يعيشوا معًا تحت جناح “الطائف” بكل مندرجاته. وهذه هي منطلقاته لتشكيل حكومة “الفرصة الأخيرة”، خلافًا لما يحاول باسيل تصويره.
ولأن الشيء بالشيء يُذكر إسألوا ما عاناه الرئيس تمام سلام من سلوكيات باسيل التعطيلية.
ففي جلسة 9 تموز من العام 2015 عقدت جلسة لمجلس الوزراء بدأت بإشكال ساخن بين باسيل والرئيس سلام، حيث تناول الأول عند بداية الجلسة الحديث عن مخالفة الدستور والتعدي على صلاحيات رئيس الجمهورية أمام الإعلاميين أثناء تصوير الجلسة فرد سلام عليه: “هذا النوع من التصرفات غير مقبول، هذا النوع من المشاغبة غير مقبول وانا لم أعطك الكلام والجلسة لم تبدأ بعد”. عاد باسيل الى الكلام معترضاً فأسكته سلام قائلاً : “اذا لم يعجبك هذا الكلام فاعمل ما يريحك”.
ما أشبه اليوم بالأمس.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook