عن محمود وسوء القدر.. «ويلٌ لـ KFC»
الحدث نيوز
يكن يظن محمود جواد، ابن بلدة الطيبة الجنوبية، ان يوم الخميس سيكون آخر يوم في حياته، فالشاب الذي ربيَ وترعرع في منطقة الكوكودي – الرمل العالي الفقيرة، بات ضحية الإرهاب المصدّر من الخارج بمشهدية الاجرام في شارع الحسينية في عين السكة ليل أمس.
ككل يوم، يُغادر محمود منزله الكائن في الكوكودي – شارع الزهراء متوجهاً إلى عمله في مطعم “KFC” فرع طريق المطار حيث يعمل هناك بصفة “ديليفيري”. يجلس عادةً محمود قبيل ذهابه إلى العمل أو عودته منه، على زاوية مفترق منزله بصحبة عدد من الشباب، يدخنون، يشربون عبوة “بيبسي”، يتناقشون في كرة القدم كونه مُحب لها، يمزحون ومن ثم يغادر كلٍ منهم إلى وجهته.
محمود عاد قبل فترةقصيرة نسبياً من السعودية حيث كان يعمل مع شقيقه المقيم هناك. لم يكن مرتاحاً في المملكة، على ما ينقل أحد أصدقاؤه، فإختار العودة إلى لبنان على الرغم من المعاشات المرتفعة هناك ليبقى فترةً عاطلاً عن العمل قبل ان يجد وظيفة في مطعم KFC. لم تكن كما تمنى لكنها “بتمشّى الحال”. محمود كان عنصراً “متعاقداً” بحزب الله لفترة، حيث إنضم إلى المقاومة بعيد حرب تموز وخاض دورات تأهيلية مع فرق النخبة “التدخل” وشارك في معارك السابع من أيار عام 2008. لاحقاً، وقبيل سفره إلى السعودية أوقف تعاقده مع الحزب دون ان يخرج منه ساعياً لإيجاد فرصة عمل أفضل بالنسبة إليه.
يوم أمس لم يكن نهاراً عادياً بالنسبة إلى محمود، فقبل ان يتوجه إلى عمله، مرّ في شارع منطقته، رمى السلام على بعض الأصحاب وقبلهم وغادر كأنه الوداع الأخير. وصل إلى مكان العمل، وبالطبع كانت الطلبيات مزدحمة. عمِل حتى وصل لدقائق قبل الجريمة، حظّه السيء وضعه أمام طلبية يجب نقلها إلى برج البراجنة، كان لا بد من توصيلها، رمى “محمود” سيجارته في الخارج ودخل وأخذ الطلبية. صعد على دراجته النارية “الحمراء”، وتوجّه إلى مقصده.
تتضارب المعلومات هنا حول إن كان محمود قد أوصل الطلبية إلى الزبون أم لا، لكن الأكيد ان محمود مرّ في شارع عين السكة المرور الاخير. لم يكن أكثر المتشائمين ليتوقع له ان هذا الشارع الذي مرّ فيه آلاف المرات منذ ان بدأ حياته في برج البراجنة سيكون شاهداً على مصيره وسيكون غداراً هكذا، وقاسياً إلى هذا الحد. إرتمى محمود بعد الإنفجار الأول قرب مخبز “مكي” على الأرض، إصابته كانت قاتلة.. سقط شهيداً في منطقة لطالما أحب وشهدت عليه وتخرّج منها.
“الويل لـ KFC” يصرخ أحد أصدقاؤه بحسرة ويبكي على حظ وقدر سرق محمود الهاديء والخدوم والبريء، هكذا دون إنذار. والده، الطاعن في السن والمريض، وصل إليه خبر إستشهاد نجله. الوالد الذي لا يقوى جسده على تحمل هزة فكيف بتحمل صفعة كخبر وفاة أصغر شاب في البيت.. لا داعي لشرح موقف أب مجروح وأم ثُكلت بآخر العنقود.