قلعة سانتا كروز، الجامع الأعظم، مقبرة سانت أوجين..مواقع رمزية يزورها ماكرون في الجزائر
نشرت في: 25/08/2022 – 20:47
يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي وصل الخميس إلى الجزائر، عدة مواقع دينية وثقافية وتاريخية ذات رموز ودلالات هامة بهذا البلد المغاربي، من بينها مقبرة سانت أوجين التي يوارى ثراها يهود ومسيحيون وتقع في أعالي حي باب الواد الشعبي، ومسجد الجزائر الكبير (جامع الجزائر الأعظم) الذي دشن في 2020 شرق العاصمة إضافة إلى قلعة “سانتا كروز” التي بناها الإسبان بوهران. ويسعى ماكرون من خلال هذه الزيارة إلى إظهار الإرث الحضاري والفني الذي تتقاسمه كل من فرنسا والجزائر خاصة ودول منطقة المتوسط بشكل عام.
برنامج غني ومتنوع ينتظر الرئيس الفرنسي في الجزائر التي يزورها من 25 إلى 27 أغسطس/آب. فإضافة إلى المحادثات الرسمية التي سيجريها مع السلطات الجزائرية، وعلى رأسها الرئيس عبد المجيد تبون واللقاءات مع الجالية الفرنسية المقيمة في هذا البلد والشخصيات المعروفة، على غرار الكاتب والصحفي كمال داود ووجوه بارزة منخرطة في مجال الرياضة وشبان جزائريين مستثمرين، يزور أيضا الرئيس الفرنسي بعض المواقع الرمزية، على غرار مقبرة سانت أوجين في أعالي حي باب الواد الشعبي ومسجد الجزائر الجديد، إضافة إلى قلعة “سانتا كروز” التي بناها الإسبان في القرن الخامس عشرة في وهران. كما يتوقع أيضا أن يزور ماكرون محلا صغيرا يحمل اسم “ديسكو مغرب” في قلب وهران. وهي أول علامة لإنتاج أغاني موسيقى الراي في الثمانينات من القرن الماضي. فرانس 24 تستعرض تاريخ هذه المواقع.
مقبرة “سانت أوجين “ في حي بلوغين (سابقا) بأعالي الجزائر العاصمة
شيدت مقبرة سانت أوجين، وكانت تلقب أيضا المقبرة “الأوروبية” الواقعة في حي بولوغين بأعالي الجزائر العاصمة والمطلة على المتوسط، في 1849. تقدر مساحتها بحوالي 3.5 هكتار.
ويشير مقال نشره موقع “أوبن إديسيون” المتخصص في العلوم الإنسانية أن عند دخول المستعمرين الفرنسيين الجزائر في 1830، كان يهود هذا البلد يملكون ثلاث مقابر. الأولى شيدها في 1287 يهود مدينة مايوركا الذين كانوا قد هربوا مع مسلمين من العنف الذي مارسه الاسبان ضدهم. أما المقبرة الثانية، فلقد بنيت قرب الأولى في العام 1691 وأطلق عليها اسم مقبرة “ريباش”. وهو اسم لحاخام يهودي دفن فيها.
أما في 1795 اقتنت عائلة كوهين قطعة أرضية جديدة من المستعمر الفرنسي وشيدت مقبرة ثالثة سميت بمقبرة “ميدراش”. لكن مع مرور السنين، أدرجت كل هذه المواقع الصغيرة، والتي لم تكن أصلا كافية لدفن جميع أموات الجالية اليهودية الجزائرية، في مقبرة كبيرة يزورها العديد من المسؤولين السياسيين، على غرار الرئيس المتوفي جاك شيراك في 2002.
ومن بين الشخصيات الشهيرة التي دفنت مؤخرا في هذه المقبرة، يمكن ذكر الممثل روجيه ألان في فبراير/شباط 2015 وأعضاء من عائلته مدفونون في نفس الماكن. منذ استقلال الجزائر، تحولت المقبرة اليهودية إلى مزار ديني يقصده يهود جزائريون غادروا البلاد في 1962. وتعرضت بعض الأضرحة إلى أعمال نبش، ما جعل إيلي كورشيا، رئيس المجلس اليهودي المركزي بفرنسا، يطلب الاعتناء بهذه المقبرة، لأن هناك العديد من أفراد الجالية يريدون زيارتها في الحاضر والمستقبل .
جامع الجزائر الأعظم، تحفة معمارية بمليارات الدولارات
انطلقت أشغال بناء “جامع الجزائر الكبير” في 2012 بقرار من الرئيس المتوفي عبد العزيز بوتفليقة الذي كان يريد أن يترك بصمته في التاريخ الجزائري المعاصر. بعض المصادر قالت إنه كان يريد أن يحمل هذا الجامع اسمه تخليدا له، لكن تنحيته من الحكم إثر الحراك الجزائري في 2019 حال دون ذلك.
يقع الجامع شرق العاصمة الجزائر، بالقرب حي الحراش. وهو يطل على البحر المتوسط. تبلغ مساحته 27 هكتارا. وهو أول أكبر مسجد في أفريقيا والثالث في العالم الإسلامي بعد المسجد النبوي والحرم المكي في المملكة العربية السعودية من حيث الحجم. ويستطيع استقبال حوالي 120 ألف مصل واستيعاب 4 آلاف سيارة.
ومن بين ميزاته، المئذنة التي يصل ارتفاعها إلى 265 مترا حيث أصبحت منارة للسفن، والقبة التي وصل قطرها 50 مترا وبارتفاع يوازي 70 مترا. يضم المسجد مدرسة لتعليم القرآن ومكتبة ومتحف للفن والتاريخ الإسلامي، إضافة إلى مركز للأبحاث حول تاريخ الجزائر.
توقفت أشغال البناء عدة مرات. افتتح رسميا في 2020 بمناسبة الاحتفال بذكر المولد النبوي. وأقيمت فيه صلاة جماعية حضرها مسؤولون جزائريون آنذك. لكن هذا المسجد أصبح أيضا محل انتقادات عديدة بسبب تكلفته المالية الباهظة المقدرة بمليارات الدولارات. أصوات جزائرية انتقدت هذا المشروع الضخم، معتبرة أنه كان من الأجدر بناء مستشفيات وجامعات ومدارس بهذه الأموال…
قلعة “سانتا كروز” حارسة مدينة وهران “الباهية”
قلعة أو حصن “سانتا كروز” هي من بين القلع الثلاث التي تتواجد في وهران، “عاصمة” الغرب الجزائري. تقع على ارتفاع 400 مترا من سطح البحر. تواجه البحر الأبيض المتوسط وميناء المدينة وتتربع على مدينة وهران من الأعلى.
بنيت قلعة “سانتا كروز” ما بين 1577 و1604 على يد الإسبان الذين احتلوا مدينة وهران وبعض مناطق الغرب الجزائر ي خلال فترة طويلة. كما كانت أيضا مسرحا لمعارك كثيرة بين جنود عثمانيين وإسبان بمساعدة مقاتلين من الأمازيغ. يقال بأن هذا الحصن كان يأوي جنود إسبان ويتوفر على كل مقومات الحياة، كالمساكن وخزانات المياه حيث تبلغ سعة أحدهما 300 ألف لتر. وسبب بناء هذه القلعة في قمة جبل “المرجاجو” في وهران هو منع أي هجوم للعدو عليها. لكن في 1831 بعد الغزو الفرنسي للجزائر، استولت فرنسا على القلعة واحتلت أيضا مدينة وهران.
يوجد على مقربة من قلعة “سانتا كروز” مصلى صغير يحمل نفس الإسم. تم ترميم قلعة “سانتا كروز” في السنوات القليلة الماضية. واليوم يقصده سياح جزائريون وأجانب، خاصة الإسبان الذين يعود الكثير منهم إلى وهران كون هذه المدينة مسقط رأسهم أو مسقط رأس أبائهم او أمهاتهم. لا تزال قلعة “سانتا كروز” المصبوغة باللون الأبيض منتصبة لـ “تحرس” وهران. يمكن رؤيتها بوضوح من ميناء وهران والشارع الرئيسي الذي يقع على الوجهة البحرية للمدينة.
متجر “ديسكو المغرب” “منبع” موسيقى الراي
“ديسكو المغرب” هي علامة تجارية متخصصة في إنجاز وبيع أشرطة سمعية لموسيقى الراي في الجزائر. ظهرت هذه العلامة في مدينة وهران في الثمانينيات من القرن الماضي، لتواكب بذلك ظهور وتطور موسيقى الراي التي انطلقت من مدينتي وهران وبلعباس.
مؤسس “ديسكو المغرب” يدعى بوعلام بن حوة. وهو الذي ساعد مغنيي الراي الكبار، أمثال خالد ومامي والشاب صحراوي والشابة زهوانية وحسني إلخ… بتسجيل أغانيهم وإنتجاها”.
يقال بأن موسيقى الراي انطلقت من هذا المتجر الصغير لتغزو العالم بأسره. سجل كل فنانين الراي ألبوماتهم في هذا “الاستوديو” الصغير جدا. لكن بعد ظهور الأسطوانات الموسيقية، تراجع دور “ديسكو المغرب” و أرغم مالكه على غلق الأبواب بشكل نهائي. لكن عودة المغني الفرنسي الجزائري “ديجي سنايك” إلى وهران مسقط رأس والدته في شهر يونيو الماضي أعاد إلى الواجهة “ديسكو المغرب”. فلقد سجل أغنية تخليدا للدور الذي لعبته هذه العلامة الموسيقية في الجزائر والعالم. فيما عاد مالك هذه “الأستوديو” إلى فتح أبوابه بعد ثلاثين عاما من الإغلاق.
وعبر “ديجي سناك” عن فرحته آنذك قائلا:” أردت أن أثني على الدور الكبير الذي لعبه مالك علامة “ديسكو المغرب” في تسويق أغاني الراي والدعم الذي قدمه لفنانين كبار مثل خالد” الذي أصدر ألبوما عنوانه “ديسكو المغرب” ومامي وحسني ومغنين أخرين.
أكثر من ذلك، أنجز “ديجي سنيك” شريط فيديو” يظهر الاستوديو “ديسكو المغرب”، شاهده الملايين. ويرمز “ديسكو المغرب” إلى الزمن الذهبي لفن الراي الذي كان يشع وينير مدينة وهران التي توصف ب “الباهية” و”الزاهية” قبل أن يخيم عليها شبح الإرهاب وعلى الجزائر، ليذهب ضحيته الشاب حسني ويجبر فنانين آخرين على اختيار طريق المنفى مثل خالد ومامي.
يظل “ديسكو المغرب” رمزا تاريخيا لموسيقى الراي، والزيارة التي سيخصصها ماكرون له السبت ما هي إلا دليل على ذلك.
فرانس24
مصدر الخبر
للمزيد Facebook