الجزائر، الساحل ،أوكرانيا…الملفات الساخنة التي تنتظر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
نشرت في: 24/08/2022 – 19:56
ملفات دولية شائكة تتراكم على طاولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع انتهاء عطلة الصيف، منها الحرب في أوكرانيا التي دخلت شهرها السابع والعلاقات الدبلوماسية مع الجزائر التي سيزورها من 25 إلى 27 أغسطس/آب الجاري وإعادة نشر القوات العسكرية الفرنسية “برخان” في منطقة الساحل…. فرانس24 تستعرض أبرز هذه المسائل.
الغيوم تحوم فوق سماء إيمانويل ماكرون، فإضافة إلى الملفات الداخلية، كإصلاح نظام التقاعد والضمان الاجتماعي والأزمة البيئية وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، يواجه الرئيس الفرنسي تحديات أخرى في مجال السياسة الخارجية.
ويرى برونو كوتريس، وهو باحث في مركز الأبحاث السياسية التابع لمعهد العلوم السياسية أن ماكرون “منهمك في المسائل الجيوسياسية مثل الحرب في أوكرانيا وفي قضايا دولية أخرى”.
فبعد نهاية عطلته الصيفية التي قضاها في جنوب فرنسا، يسافر الرئيس الفرنسي إلى الجزائر من 25 إلى 27 أغسطس/آب تلبية لدعوة نظيره عبد المجيد تبون. تهدف هذه الزيارة إلى “إعطاء دفع جديد للعلاقات الثنائية” حسب الإليزيه وإلى طي صفحة الخلافات التي بلغت أوجها مع استدعاء الجزائر سفيرها بفرنسا في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2021 بعد تصريحات منسوبة لإيمانويل ماكرون حول “النظام السياسي العسكري” الجزائري وتساؤله “هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟”
لكن اليوم يقول فيصل مطاوي، مراسل إذاعة مونت كارلو الدولية في الجزائر”الرئيسان يريدان تعميق العلاقات” ولا سيما عبر “تعزيز الشراكة الاقتصادية فضلا عن تجاوز الخلافات المرتبطة بالماضي الاستعماري”.
ويتوقع أن يثير ماكرون مع نظيره الجزائري ملف الغاز والبترول في خضم أزمة البحث عن بديل للغاز الروسي، فضلا عن مسألة الإسلام في فرنسا ومعضلة ترحيل الجزائريين المقيمين بشكل غير شرعي في فرنسا إلى بلدهم الأصلي والتي قابلت فرنسا صعوبته بتقليص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين.
تعزيز تواجد قوة “برخان” في تشاد والنيجر
على الصعيد الأمني، لم تكف باريس عن التكرار بشأن “منطقة الساحل وفي خليج غينيا وبحيرة تشاد” أن “فرنسا ملتزمة دائما مع جميع الشركاء الذين يعملون لفرض الاستقرار في هذه المناطق ومكافحة الإرهاب” حسب قصر الإليزيه. وعلى الرغم من إعلان فرنسا إنهاء عملية “برخان” في مالي في 17 شباط/فبراير الماضي بسبب “العراقيل المتعددة” التي وضعها المجلس العسكري الحاكم في هذا البلد، أكد ماكرون أن “بلاده “لازالت حاضرة في هذه المنطقة”. ويشير مضمون وثيقة رئاسية فرنسية نشرت في 15 أغسطس/آب أن فرنسا “ستواصل حربها ضد الإرهاب وتدعم الجهود السياسية والعسكرية التي تبذلها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، بالتعاون مع الشركاء الأوربيين والأمريكيين المتواجدين في المنطقة”.
وأضافت نفس الوثيقة أن الرئيس ماكرون ينوي الاستجابة لدعوة هذه المجموعة لزيارة المنطقة كي “يؤكد الدعم الذي تقدمه فرنسا لجميع دول المنطقة المحاربة للإرهاب والداعمة للاستقرار والعيش المشترك”.
ويتوقع أن هذا الالتزام العسكري يقوم على تطوير فرنسا علاقاتها بين مع النيجر وتشاد وقد استقبل البلدان القوات الفرنسية التي كانت منتشرة في مالي في إطار عملية “برخان”. وهذا ما جعل المحلل السياسي والمتخصص في الشؤون الأفريقية ميشال غالي يقول بأن “الرهان الذي سيواجه ماكرون في الأشهر المقبلة يتمثل في كيفية بناء وتطوير هذه العلاقات مع البلدين (النيجر وتشاد) لأن الصدمة التي خلفا فشل عملية “برخان” لا تزال حية في جميع الأذهان”، ويضيف أن “إمكانية ظهور شعور مناهض لفرنسا عند سكان النيجر وتشاد كما وقع ذلك في مالي” غير مستبعد.
مسألة مالي الشائكة
وبالرغم من أن فرنسا سحبت قواتها من مالي، إلا أن القصة لم تنتهِ بعد مع هذا البلد الذي يقع في منطقة الساحل. فيتوقع ميشال غالي “أن باريس، بعدما تحولت إلى عدو لدود للمجموعة العسكرية بمالي، ستقوم بمساندة جميع قوى المعارضة المالية وطوارق الحركة الوطنية لتحرير الأزواد بل وحتى الدول المناوئة لمالي، على غرار ساحل العاج التي وقعت ضمن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا على الحظر المفروض على مالي“.
ملف تحرير الصحافي الفرنسي أوليفييه دوبوا لا زال أيضا على طاولة إيمانويل ماكرون، إذ أعلنت الخارجية الفرنسية في 22 أغسطس/آب أن باريس “تبذل كل الجهود من أجل تحرير المواطن الفرنسي” المختطف منذ أكثر من خمسمئة يوم من قبل الجماعات الجهادية في غاو، شمال مالي.
أوكرانيا ومسألة الحفاظ على الأمن في أوروبا
تبقى الحرب في أوكرانيا والتي “تقرع طبولها على أبواب أوروبا” أولوية إيمانويل ماكرون. فالرئيس الفرنسي حاول تهيئة الفرنسيين منذ 14 يوليو/تموز الماضي إلى فصل خريف مليء بالصعوبات، محذرا من إمكانيات انقطاع في موارد الطاقة والتنازع على الغاز الروسي بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا.
أما في المجال الدبلوماسي فيقول برونو كوتريس إن “هدف ماكرون هو الحفاظ على السلم والأمن وإنهاء الحرب الدائرة بين الروس والأوكرانيين مع البقاء على تواصل مع الرئيس فلاديمير بوتن و فولوديمير زيلينسكي بحكم أنه من الصعب إنهاء النزاع دون توافق مع كل الأطراف”. ويتابع أنه في الفترة الأيام الماضية “تدهورت العلاقات بين الرئيس الأوكراني والفرنسي، فزيلينسكي يلوم على نظيره نقص الدعم المادي لكييف. الإليزيه مطالب باتباع العملية الصعبة التي تتمثل في الحفاظ على علاقاته مع روسيا دون أن يثير حفيظة أوكرانيا”.
العلاقات الجديدة مع بريطانيا
وفي الملف البريطاني، أكد برونو كوتريس أن ” الصفحة الجديدة من العلاقات الدبلوماسية التي ستفتحها باريس ولندن بعد تعيين رئيس حكومة جديد” في 5 سبتمبر/أيلول المقبل “ستكون مصيرية”، وذلك لأن بريطانيا وفرنسا هما القوتان العسكريتان الوحيدتان في أوروبا القادرتان على تقديم مساعدات عسكرية كبيرة لأوكرانيا. ومن هذا المنطلق، يتابع برونو كوتريس، “سيكون من المهم أن نتابع طريقة إعادة الثنائي الفرنسي الألماني الحوار مع السلطة التنفيذية البريطانية الجديدة”.
النووي الإيراني
في الخامس من مايو/أيار السابق، عبرت فرنسا عن “قلقها البالغ” بعد نشر الوكالة الدولية للطاقة الذرية عشيتها تقريرا قالت فيه بأن طهران لم “ترد بشكل مقنع” على بعض الأسئلة بشأن آثار لليورانيوم في مواقع نووية لم تصرح طهران بها. إلى جانب الولايات المتحدة وألمانيا المملكة المتحدة وروسيا والصين، تسعى فرنسا إلى المشاركة بشكل فعال في الاتفاق النووي مع إيران، خاصة وأن ماكرون ما زال متأكدا من أن هناك “حظوظا كبيرة لإحياء اتفاق 2015”.
تطوير الشراكة الثقافية
يريد إيمانويل ماكرون الذهاب أبعد في سياسته المتمثلة في اعادة الممتلكات والقطع الثقافية والأثرية التي نهبتها فرنسا من الدول الأفريقية. فبعدما استرجع بنين 26 قطعة تابعة لمملكة داهومي في كانون الأول/ديسمبر 2021، تريد الحكومة الفرنسية أن يصادق البرلمان على قانون يضمن استرجاع البلدان المعنية لقطعها الأثرية والثقافية المنهوبة.
وأنهى ميشال غالي قائلا: “عملية إعادة القطع الأثرية لملاكها لها بعد رمزي كبير. فهي تدخل في إطار منطق” السياسة الناعمة” التي تريد فرنسا اتباعها في أفريقيا للحفاظ على علاقات طيبة مع مثقفي هذه البلدان، لا سيما الفرنكوفونية منها”.
أود مازوي
مصدر الخبر
للمزيد Facebook